في حفل بهيج جمع محبي الشاعر والأدباء والكتاب في معرض أبوظبي الدولي للكتاب مؤخرا، وقع الشاعر الدكتور طلال الجنيبي مجموعته الجديدة المعنونة «تصطاد ضوءا» وسط أجواء رائعة وحضور جميل، وليس غريبًا على شاعر مثل الجنيبي الذي جعل من حروف القصيدة قلادة ذات عنق جذاب، ورسالة تنوعت في مصايفها كل أطياف الكلمة الدافئة، والرسالة الشفيفة الخارجة من قلب متعلق بوطن، لا تنفصل عن محبته حروف القصيدة ولا تغادر شطآنها مدائن النورس الواقفة على دقل السفن المحملة بالمحبين. هي العافية من عمر الجسد الذي تعود على أن يمد طوله بطول الإمارات، بجزرها السبع، وبشيوخ حكمتها حينما ترسم معالمها سماوات هي من الحنان ما يجمع على حبها الجميع. فقصيدة طلال الجنيبي هي إيحاء لتوقيع متجدد ومعطاء، لها حدود القلب نبض عالق بجدار ينبض الحب والعافية، ويمسك بسنارة سمكه من بحر قافيته وكلماته الدافئة التي تندس بهدوء بين خافقين يتغنيا بعطاء له ذاكرة الوطن وشيوخه الأماجد. فعلى مدى التجربة التي قدمها الجنيبي عبر إصداراته، لن تلقى انحسار الدفء عن مفاصل قصيدته، ولن تخيفك أن القافية لديه قد لا تتفق مع تواقيعه المستمرة كالحلم في عنفوان النائم. الذي هو على اتصال مع قصيدة الشاعر يرى عبر قراءته ذلك اللون من المتن اللغوي الذي يحيلك نحو أبعاد تعانق بعضها بعضا، في ظل ألوان لا تشدك إلى الموت بقدر ما تأخذ بيدك نحو الحياة. فالحياة التي تجاذب بعضها بعضًا تغذي الجائع بسمو اتصال النص الشعري عند الجنيبي بمواقع هي في بعد أو اقتراب جغرافيتها شذرات مثمرة ذات حلم جميل وساحري. وكلما تعمقت في بناء النص لدى الشاعر، سوف يقودك هذا العمق في التأمل في كل مفردة سكنت النص الشعري عند الجنيبي. فليس من المحال أن ترى لؤلؤ البحر سيدًا بجلالة المعطي الرباني، وليس غريبًا أن يسكنك هذا الشعر بلوثة الحب. فالحب الذي ركز عليه أو اصطاده الشاعر الجنيبي، هو ذلك الحب الشفيف العذري الذي يندس في صدر المحب، فاتحًا له كل أبواب الوطن، وكل عاشق رأى في الوطن غايته من الحب.
مشاركة :