محمد خليفة ترتبط دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية بعلاقات استراتيجية راسخة، عززتها الزيارات المتبادلة لقادة الدولتين. فعندما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج عام 2013 عن مبادرته «حزام واحد، طريق واحد»، والتي باتت تعرف بمبادرة «الحزام والطريق»، كانت الإمارات من أوائل الدول التي أعلنت مشاركتها بها؛ لأنها تمثل صورة مطابقة للاستراتيجية التنموية التي اعتمدتها في المنطقة وعلى مستوى دولي. وتهدف مبادرة «الحزام والطريق» إلى تمويل أكثر من 1700 مشروع بقيمة تريليون دولار، للتأثير إيجابياً على 4.4 مليار شخص، أو ما يعادل 65% من سكان العالم أي: ما يمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتتضمن المبادرة فرعين رئيسيين، هما: «حزام طريق الحرير الاقتصادي البري»، و«طريق الحرير البحري» ضمن البناء على طرق التجارة القديمة من الصين عبر آسيا الوسطى بالسكك الحديدية (الحزام)، وإلى إفريقيا وخارجها عن طريق البحر (الطريق). وتم توزيع عقود تنفيذ المبادرة على مجموعة من الشركات الصينية، بتكلفة بلغت 340 مليار دولار، حيث ستمتد مبادرة «الحزام والطريق» الصينية عبر أكثر من 70 دولة في جميع أنحاء آسيا وأوروبا وإفريقيا وأوقيانوسيا، ولذلك فهي تعد ضمن أكبر مشاريع البنية التحتيّة والاستثمار في التاريخ. وفي 25 إبريل (نيسان) الماضي، انعقد منتدى «الحزام والطريق للتعاون الدولي» في العاصمة الصينية بكين، بمشاركة نحو 40 من رؤساء وقادة الدول من مختلف أنحاء العالم، وضمت وفود نحو 150 دولة، ومنظمة عالمية، الحدث الذي يُعد الأبرز على أجندة الصين للعام 2019. وقد شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة، في هذا المنتدى، بوفد رفيع المستوى، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله. وعقد سموه جلسة مباحثات موسعة مع شي جين بينج، رئيس جمهورية الصين الشعبية، وأكد صاحب السمو حرص دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على توثيق عرى التعاون مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة، وتوسيع نطاق التعاون البنّاء على مختلف الصعد، في ضوء الإرادة السياسية للدولتين، للمضي قُدماً في طرح المزيد من الأفكار الداعمة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وقال سموه: «التعاون الاقتصادي يضيف بُعداً استراتيجياً للشراكة الإماراتية الصينية والعلاقات التاريخية بين البلدين، ونحن حريصون على توسيع دائرة هذه الشراكة مع الصديقة الصين، ونتطلع إلى مزيد من فرص التعاون على مستوى القطاعين الخاص والعام، ولدينا رؤى طموحة لمستقبل العمل المشترك، وهدفنا أن نرقى بالتعاون بين البلدين إلى آفاق جديدة في شتى المجالات». وأكد سموه: «أننا نتطلع إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 70 مليار دولار بحلول عام 2020، شراكتنا تدعم توجهات التنمية وخطط التطوير في البلدين، وتيسِّر المناخ للوصول إلى آفاق تنموية جديدة، وتفتح المجال أمام تحقيق نجاحات لا محدودة. الإرادة المشتركة لتوسيع دائرة التعاون، أساس قوي ننطلق منه معاً نحو تحقيق ما نصبو إليه من أهداف استراتيجية للمستقبل».وكانت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الصين الشعبية في 15 ديسمبر 2015، قد شكلت نقطة تحول استراتيجي في العلاقة بين الدولتين، لأنها عكست تلاقي الرؤى بين قيادتي البلدين حول الكثير من القضايا المحلية والعالمية. وقال سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إبان تلك الزيارة: «إن تعزيز العلاقة مع جمهورية الصين الشعبية يمثل توجهاً استراتيجياً أساسياً لدولة الإمارات العربية المتحدة، وزخم العلاقات منذ عقود ماضية من صداقة وتعاون ومصالح مشتركة في المجالات كافة يمثل أساساً قوياً لانطلاقة كبيرة لعلاقاتنا في المستقبل». وتم خلال هذه الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من المجالات، بالإضافة إلى إطلاق صندوق الاستثمار المشترك الإماراتي- الصيني، الذي تتمثل مهمته في الاستثمار بالمشاريع التي يتم التوافق عليها من قبل كلٍّ من دولة الإمارات، والصين. ويتم تمويل الصندوق مناصفة من قبل كلٍّ من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والصين.وخلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينج إلى دولة الإمارات في يوليو 2018، تم توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مختلف القطاعات. ويبرز دور الإمارات في تحقيق الكثير من أهداف مبادرة «الحزام والطريق»، لأنها تعد مركزاً مالياً ولوجستياً وتجارياً لتسهيل التجارة والتدفقات الاستثمارية، وتنظر الصين إلى الإمارات بوصفها بوابة الفرص المثالية للدخول إلى أسواق الشرق الأوسط، نظراً لما تتمتع به من مقومات كبيرة من حيث موقعها الجغرافي المتميز والتقدم الكبير الذي أحرزته في مجال النقل، وتوافر الموانئ العالمية والبنى التحتية الممتازة في مجال الطرق، والتنوع الثقافي الواسع في بيئة الأعمال، ويضاف إلى ذلك الأمن والاستقرار اللذين تتمتع بهما الإمارات، والدور المحوري الذي تمثله الإمارات في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي. hima_2011_hima@hotmail.com
مشاركة :