75% من المستهلكين: ارتفاع الأسعار سيؤثر على عاداتنا الشرائية الرمضانية

  • 5/5/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في استطلاع للرأي أعدته «أخبار الخليج» رأي اقتصادي: النتيجة تعكس طموحا إلى التغيير وقلقا من الأسعار.. والواقع سيثبت العكس أظهر استطلاع للرأي ان 75% من المواطنين والمقيمين سيضطرون الى تغيير عاداتهم وسلوكياتهم الشرائية المرتبطة بشهر رمضان المبارك بسبب ارتفاع الأسعار خلال العام المنصرم وبدايات هذا العام، الى جانب تطبيق القيمة المضافة ورفع الدعم عن بعض السلع والمنتجات. وجاء سؤال في استطلاع للرأي الذي أعدته أخبار الخليج على موقعها الإلكتروني (مع اقتراب شهر رمضان المبارك، هل أثّر ارتفاع الأسعار على عاداتك الشرائية المرتبطة بالشهر الفضيل؟) وشارك فيه 501 قارئ، اكد 376 منهم (75%من المشاركين) ان التسوق والاستعداد لشهر رمضان المبارك سيكون مختلفا نوعا ما للأسباب الآنفة الذكر. فيما قال 125 قارئا (25% من المشاركين) ان عاداتهم الشرائية لن تتأثر بالأسعار، ولكن ربما ان هذه الأرقام والتوقعات ستكون مختلفة بعض الشيء عند التطبيق العملي. فبحسب ما يرى الباحث الاقتصادي منذر فيصل ان الامر يرتبط بالعادات والتقاليد المجتمعية اكثر من ارتباطه بمشكلة الأسعار او الضريبة او غيرها، وانه رغم توقع المستهلكين تغير أنماط تسوقهم، فإنهم عند التسوق الفعلي سيكتشفون انهم لم يغيروا كثيرا في هذه الأنماط، رغم ان ذلك سيكون له عواقب وتبعات أخرى ستظهر خلال الأيام اللاحقة. كيف ذلك، وما هي هذه التبعات؟ هذا ما نحاول بحثه مع الباحث الاقتصادي منذر فيصل. ولكن قبل ذلك، قامت أخبار الخليج بجولة في بعض محلات التسوق الكبرى لمحاورة بعض الزبائن حول استعداداتهم للشهر الفضيل. خفض سلة المشتريات يقول المواطن محمد إبراهيم «تطبيق القيمة المضافة، في الأسواق على المواد الغذائية جعلني اخفض من سلة المشتريات، وذلك بشراء المواد الغذائية الضرورية والابتعاد عن غير الضرورية، مثل الأجباس والحلويات والعصائر، والشراء من المطاعم، وكما هو الحال عند شرائي السلة الرمضانية قمت بشراء الاولويات للسفرة الرمضانية بعيدا عن السلع غير الضرورية مع مراعاة انقاص نسبة القيمة المضافة من الميزانية الموضوعة للشراء حتى اتفادى العجز وخاصة ان عائلتنا مكونة من 7 افراد، ويجب ان ينتهي الشهر من دون أي مشاكل مالية. ورحب إبراهيم بفكرة البدائل الغذائية لأنها الطريق من اجل التوفير في ظل تطبيق القيمة المضافة. فيما علقت لطيفة محمد بقولها «نتيجة الأسعار والقيمة المضافة قللنا من شراء المواد الغذائية بشكل عام، ولجأت الى البدائل الأقل سعرا، لأنني لاحظت أن الاسعار مضاعفة، وكذلك الحال عند شرائي مستلزمات شهر رمضان فقد قللت من الكميات ولجأت الى البدائل لأنني مضطرة الى ذلك. جودة السلع بينما أم عبدالله تقول «كثير من المستهلكين عمدوا الى خفض كميات المواد الغذائية حتى لا تؤثر عليهم الأسعار، ويتعرضوا للعجز من أوائل الشهر، وبالنسبة لي بدأت بترتيب أموري من بداية رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية مثل اللحوم والدجاج وغيرها، وبعد تطبيق القيمة المضافة بشكل خاص عمدت الى خفض كميات السلع الغذائية والاستغناء عن السلع غير الضرورية التي تعتبر من الكماليات مثل الحلويات وغيرها، وخاصة ان عليها قيمة مضافة كبيرة، وكذلك عند شرائي مستلزمات شهر رمضان قللت من السلة الرمضانية، ولكني لم ألجأ الى البدائل، لأننا نبحث عن الجودة، وخاصة ان هناك أشياء لا ترغب فيها العائلة». الإقبال على المنتج المحلي من جانبها تقول منال حسن «بدأنا نلتفت الى المنتج البحريني من الخضراوات والورقيات التي تكون ارخص واحينا لا تشملها القيمة المضافة. فهي أقل سعرا بعد تطبيق القيمة المضافة واكثر جودة، وخاصة ان هناك مزارع افضل من البرادات، مثل هورة عالي، وهذه المزارع نجد فيها الخضراوات مثل الطماطم والباذنجان والفليفلة بل ونقطفها بأيدينا، ويمكن ان يبقي مدة اسبوعان بدون ان يتلف، على عكس الخضراوات المستوردة فإنها تتعرض للتلف بسرعة وسعرها اعلى من المحلي». ولفتت منال الى انها باتت تركز كثيرا على موضوع الأسعار والقيمة المضافة في الفاتورة في كل مرة تقوم فيها بالشراء. وتقول ام حسين «أحاول ان اتجنب المحلات الغالية او التي طبقت عليها القيمة المضافة. وبعد ان تقاعدت صرت اركز كثيرا على موضوع الأسعار واحاول ان اقلل من كميات السلع الغذائية وان ابعد عن السلع التي ارتفعت أسعارها. واحاول ان اوفر من خلال البحث عن البدائل المناسبة». بينما لم تتفق معها زينب عبدالله باللجوء الى البدائل فقالت «العائلة تعودت على منتجات معينة وبالتالي لا يمكنها ان تغير ذلك في يوم وليلة، بالإضافة الى اننا لا يمكننا ان نجازف في شهر رمضان والجميع صائم، ولكننا سنحاول مستقبلا». وأشارت الى انه مع ارتفاع الأسعار وفرض القيمة المضافة بدأت في خفض كميات السلع الغذائية وخاصة ان اسرتها مكونة من 6 افراد، وحتى لا يكون هناك عجز مالي في منتصف الشهر، وخاصة ان أبناءها يدرسون في الجامعات. وتقول خلود حسن «بعد ان لمست ارتفاعا في الفواتير بسبب الأسعار وغيرها، بدأت أحاول قدر الامكان ان اقلل من المواد الغذائية والسلع غير الضرورية حتى اقلل من الميزانية، وكذلك الحال بالنسبة الى سلتنا الرمضانية قمت بشراء الأولويات من المواد الضرورية فقط، وابتعدت عن المواد التي لا نحتاج اليها». العادات هي المهيمنة ‭}‬ نعود الى الباحث الاقتصادي منذر فيصل لنسأله بداية عما اذا كانت نسبة 75% التي خلص اليها الاستطلاع تعتبر مرتفعة بعض الشيء مقارنة بالواقع؟ ‭{{‬ يجيب فيصل: لا اعتقد ان هذه النسبة تنطبق على الواقع العملي، وتحديدا على سلوكيات المستهلكين عندما يتوجهون فعلا للتسوق والاستعداد لشهر رمضان، نعم ربما انها تعكس نوعا من التخوف والقلق المبدئي مع ارتفاع الأسعار والقيمة المضافة واستغلال بعض التجار وغيرها من الاسباب. كما ان هذه النسبة قد تعكس مخططاتهم الفعلية وحساباتهم النظرية، ولكن عند التسوق.. ستجد الامر مختلفا تماما! ثم ان هذا الاستبيان جاء قبل شهر رمضان، وانا أتمنى ان يعاد طرح السؤال خلال الشهر نفسه، حيث أتوقع ان تكون النتيجة مختلفة والنسبة اقل من 75% بكثير لسبب بسيط هو ان الامر يرتبط بثقافة المجتمع وبالعادات والتقاليد ذات الصلة بالشهر الفضيل اكثر من ارتباطه بالإمكانيات المادية او بالأسعار. مثلا، في الوقت الذي نجد في الوجبات العادية طبقا واحدا على سفرة الطعام، وفي شهر رمضان قد تصل الأنواع الى عشرة!، ولن يتغير هذا الامر حتى مع ارتفاع الأسعار. فالعادات مازالت تلعب دورا في هذا الجانب، أضف الى ذلك ان شهر رمضان فرصة لتجمع الاهل والأصدقاء، وهذه التجمعات والغبقات تشهد للأسف نوعا من الكرم المبالغ، وهو في الحقيقة اسراف كبير، بل ان البذخ في الطعام في مثل هذه التجمعات يتخذه البعض مصدرا للتفاخر والاستعراض من خلال اكثار ما على السفرة من اطباق كما ونوعا. والاسوأ ان التسوق والشراء لا يقتصر على بداية الشهر وقبل العيد فحسب، بل يستمر طوال الشهر، وخاصة المواد الغذائية. لذلك تجد ان المجمعات والأسواق تعج بالزبائن طوال الشهر الفضيل. وربما ان الكثير مما يتم شراؤه ليس ضروريا، ولكن كما اشرت هي عادات شرائية سائدة. وهي التي تسبب إشكالية في الميزانية لكل اسرة سواء خلال الشهر او بعده. وهو للأسف نتيجة غياب الوعي الكافي لشراء ما يحتاجون اليه بذكاء وبدون إسراف. القدرة الشرائية ‭}‬ ولكن.. أليس من المنطقي أن يؤثر ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية وبالتالي على السلوكيات الشرائية؟ ‭{{‬ أولا، بالنسبة لذوي الدخل المرتفع، لن يؤثر الأمر عليهم حتى لو تضاعفت الأسعار. اما بالنسبة لذوي الدخل المتوسط والمنخفض، نعم يؤثر، ولكن ليس بالشكل الكبير في هذا الشهر للأسباب التي ذكرتها، فالعادات تبقى هي الغالية، والزيادة في المشتريات ستبقى هي الطاغية. ولا انا على يقين ان الاغلب لن يراجع نفسه او يضع لنفسه خطة تسوق تتناسب والاسعار وكذلك قدراته الشرائية، او حتى استخدام التطبيقات الذكية المتوافرة اليوم على الهواتف من اجل ضبط الميزانية. وبالتالي، قد يعزم الشخص على تغيير نمط تسوقه بما يتناسب مع الأسعار وميزانيته. ولكن لأن الطبع غالب، عند التسوق ستجده يشتري بنفس الطريقة التي اعتاد عليها في كل عام وبنفس الأسلوب المبالغ مع شراء الكماليات فقط، لأنه اعتاد على هذا الامر سنوات طوال، وهنا تكون المشكلة، لأن الميزانية ستبدأ بالانكسار. فعندما تشتري بنفس الوتيرة، وبأسعار أعلى، وبنفس الوقت لم ترتفع قدرتك الشرائية، كل ذلك يعني توقع صدمة قريبة تتعلق بالميزانية وبالقدرة على تلبية باقي المتطلبات مثل الفواتير والالتزامات. وما يضاعف الإشكالية هو متطلبات العيد وما يعني ذلك من التزامات أخرى تثقل كاهل ميزانية كل اسرة. وباختصار، هو طموح للتغيير، وطموح لتقليل المصاريف بما يتناسب والاسعار وكذلك القدرة الشرائية. ولكن السؤال المهم: هل سيتغير السلوك بين يوم وليلة؟ يكفي ان تزور الأسواق في شهر رمضان لتعرف الجواب. نعم.. قد تكون هناك بعض التغييرات مثل اللجوء الى أسواق مجاورة بحثا عن أسعار ارخص، ولكن حتى وجود أسعار ارخص قد يؤدي ذلك الى شراء كميات اكبر وبالتالي نعود إلى ذات الإشكالية! لذلك اعتقد ان الامر يتطلب مزيدا من الوقت والخبرة، قد لا تصل الى 2-4 أعوام قبل ان نضطر الى إعادة النظر بشكل جاد في هذه العادات الشرائية المتعلق بشهر رمضان والتخلص من مظاهر الاسراف والاستجابة للقدرة الشرائية بما يتوافق والاحتياجات الفعلية من جانب، والتخلص من الإسراف من جانب آخر. التاجر الذكي ‭}‬ ماذا عن التجار أنفسهم؟ هل مازال هناك استغلال فعلا من قبل البعض لهذا الشهر؟ ‭{{‬ عندما نتحدث عن التاجر، هناك صنفان. الأول هو التاجر الذي يستغل شهر رمضان المبارك كموسم جيد لتصريف البضائع وخاصة المواد الغذائية، ثم الملابس وبعدها البضائع الأخرى كالأجهزة الالكترونية. ويتم هذا الاستغلال من خلال العروض الترويجية لتصريف البضائع التي لم يتم بيعها خلال العام. وهذا يشمل حتى السيارات التي لم يتم تصريفها خلال العام. وكأن الناس يشترون فقط في رمضان. وحتى مع العروض الترويجية، نجد ان الأسعار ليست اقل كما تبدو او يروج لها، بل أحيانا تكون اعلى. وهنا يتم استغلال امر مهم يتعلق بطبيعة مجتمعاتنا وهو ان العادات تطغى على السلوك الشرائي. في حين ان التاجر الذكي هو من يستغل الموسم في ان يوفر للناس ما يريدونه بالطريقة التي يريدونها وبالسعر المناسب لهم، وبالتالي يخفض من التكاليف التشغيلية بطريقة تسويقية ذكية. كما انه كلما كانت شبكة المزودين للبضائع اقوى استطاع التاجر توفير كميات اكبر وبأسعار اقل. لذلك نجد حتى منصات التسوق العالمية مثل أمازون وغيرها تستغل شهر رمضان للترويج لبضائع مختلفة خاصة الملابس.

مشاركة :