صنّفت قطر المصريين ضمن خانة الأعداء، وذلك في مؤشّر على تزايد حالة التوتّر والارتباك لدى الدوحة مع قرب دخول أزمتها الناجمة عن مقاطعة السعودية والإمارات ومصر والبحرين لها بسبب دعمها للإرهاب، عامها الثالث دون أفق لإنهائها والخروج من العزلة الناجمة عنها. وقال أكبر الباكر الأمين العام للمجلس الوطني للسياحة في قطر إن بلاده لن تمنح تأشيرات لمن تعتبرهم أعداء لها، في إشارة إلى المصريين الراغبين في دخول البلاد. وترى جهات قانونية وحقوقية أنّ منع قطر التأشيرات عن المصريين يمكن تصنيفه ضمن خانة “العقاب الجماعي” لشعب كامل على خلفية المواقف السياسية لحكومته. ويتناقض القرار القطري بشأن المصريين جوهريا مع ما دأبت قطر على الترويج له عبر وسائل إعلامها بشأن “تبنيها” لقضايا الشعوب العربية و“دفاعها” عنها وتشجيعها لـ“ثوراتها” ضدّ حكّامها، فيما بات يُنظر إلى ذلك على نطاق واسع كجزء من سياسة تعميم الفوضى وزعزعة الاستقرار في المنطقة التي تسلكها الدوحة وكانت ضمن أسباب مقاطعتها من قبل الدول الأربع. وقطعت تلك الدول العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في يونيو 2017 مشترطة وقف دعمها للإرهاب لإعادة العلاقات إلى سالف طبيعتها. ومنذ ذلك الحين لم تنفع الوساطات ولا الحملات الإعلامية القطرية وحملات العلاقات العامّة في إثناء تلك الدول عن قرارها بشأن قطر التي أظهرت تخبّطا وارتباكا في مواجهة الأزمة بلغا مداهما مع لجوء الدوحة إلى كلّ من إيران وتركيا لفكّ عزلتها الإقليمية الأمر الذي زاد في توسيع الهوّة بينها وبين أهم عواصم القرار العربية نظرا لما بين طهران وأنقرة وتلك العواصم من خلافات جوهرية، فضلا عن توتّر علاقتهما بالولايات المتّحدة التي لا تنظر بارتياح لتطور العلاقات القطرية الإيرانية التركية.وفيما تعمل قطر على إقفال الباب أمام المصريين، تفتح المجال واسعا أمام الأتراك رغم مخاوف القطريين من تعرّض بلدهم للاستغلال والابتزاز من قبل تركيا التي تفوقه حجما وقوّة في مختلف المجالات وتتمّيز تجربة حكمها الحالية بقيادة زعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان بقدر كبير من التقلّب والانتهازية. ويوجد في قطر عدد كبير من المصريين الذين يمثلون قطاعا كبيرا من القوة العاملة في الدولة الخليجية الغنية بموارد الغاز الطبيعي والتي تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية حاجتها للعمال الوافدين بسبب الورشات الضخمة التي فتحتها لإقامة منشآت نهائيات كأس العالم في كرة القدم. وفي تصريحات خلال مناسبة ترويجية لحملة للسياحة في الصيف قال الباكر إن قطر لن تسمح للمصريين بدخولها، مضيفا “لن تكون التأشيرة مفتوحة لأعدائنا.. ستكون مفتوحة لأصدقائنا”. وأبقت تصريحات المسؤول القطري على الغموض بشأن مصير المقيمين المصريين الموجودين حاليا على الأراضي القطرية، وإن كانوا سوف يرحلون. لكن استخدام عبارة “الأعداء” لوصف المصريين أثارت المخاوف في صفوف الجالية المصرية الكبيرة المقيمة في قطر. ويقول مصريون كثيرون إن إصدار التأشيرات توقف فعليا بالنسبة لهم منذ العام 2017 لكن هناك استثناءات طفيفة لأقارب الدرجة الأولى ولحضور مناسبات معينة. وقال الباكر “عندما تفتح ذراعيك لقطر ستفتح قطر ذراعيها أكثر لك، لكن إذا أصبحت خصما لقطر فسنعاملك معاملة الخصم”. ويعتبر تصنيف دولة عربية لشعب دولة عربية أخرى ضمن الأعداء والخصوم سابقة لن تجرّ على قطر المزيد من الحرج فقط، ولكنّها توقعها في تناقض صارخ وهي التي حاولت أن تصوّر المقاطعة المفروضة عليها باعتبارها مظهرا من مظاهر “التمييز العنصري”. وقد طرحت ذلك بالفعل أمام الأمم المتحدة مستهدفة دولة الإمارات بشكل خاص، لكنّ الأخيرة نجحت في نسف ادعائها بشكل كامل من خلال ما طرحته أمام لجنة القضاء على التمييز العنصري في جنيف من حجج قانونية وأدلة وإثباتات واقعية.وعقّبت الإمارات على الشكوى القطرية ببيان أوضحت فيه أن تلك الشكوى “تشكل جزءا من حملة العلاقات العامة القطرية المليئة بالمعلومات الملفقة والمغلوطة والتي ترمي إلى صرف الانتباه عن العواقب الوخيمة التي تعاني منها المنطقة بسبب سياسات قطر الداعمة للإرهاب والجماعات المتطرفة”. وعلى العكس من الإجراء القطري ضدّ المصريين أكّدت الإمارات ترحيبها بالقطريين وتسهيل إجراءات دخولهم أراضي الدولة “على الرغم من السياسات السلبية لحكومتهم التي تدعم الجماعات المتطرفة والإرهابية في جميع أرجاء المنطقة”. وأشارت الإمارات إلى أنه عندما تمّ قطع العلاقات مع قطر تمّ اعتماد سلسلة من التدابير التي تتوافق مع القانون الدولي في مواجهة تعنت الدوحة في الوفاء بالتزاماتها، مشددة على أن هذه الإجراءات لم تستهدف الشعب القطري. وأوضحت أنه كجزء من هذه التدابير قامت بتعديل الإجراء الخاص بالمواطنين القطريين من أجل دخول أراضيها دون تأشيرة، واستبدلت ذلك بنظام مجاني للتصريح بالدخول. ويتطلب هذا النظام بشكل أساسي أن يتقدم المواطنون القطريون بطلب للحصول على موافقة قبل دخول الإمارات، ويمكن التقدم بهذا الطلب إلكترونيا عبر الإنترنت أو من خلال خط هاتفي مباشر ساخن تم الإعلان عنه في يونيو 2017.
مشاركة :