النجاح في الحياة يحسن الصحة البدنية والنفسية ويقوي المناعة المساعدة على مزيد من النجاح، وللنجاح عديد من الدعائم التي تحققه وتحافظ عليه وتساعد على اجتناء ثمرته في الحياة الدنيا والحياة الحقيقة في الآخرة، ومن أهم عوامل النجاح التي يجب الحرص عليها ما يلي: 1- تحصيل العلم النافع والبعد عن العلم غير النافع والتعوذ منه، والعلم النافع يشمل العلوم الكونية والعلوم الشرعية. العلوم الكونية تؤدي إلى تعمير الحياة بما يفيد في الدنيا والآخرة، وبها تستخدم نعم الله الكونية في بناء الحضارة المادية التقنية التي نسخر بها ما خلق الله تعالى من جمادات وكائنات حية وقوانين لبناء القوة، القوة التقنية، والقوة الصحية والقوة التعليمية، والقوة الزراعية والصناعية والاقتصادية والعسكرية، وبذلك نحقق النجاح للفرد والجماعة، وبالعلوم الشرعية نتعلم الدين وندخل في طاعة الله على علم فيقوي الجانب الخلقي للفرد والمجتمع والعالم. وعندما تتكامل نتائج العلوم الكونية بنتائج العلوم الشرعية يتحقق النجاح الحقيقي في الحياة. والنجاح في العلوم الكونية (العَلمانية) يؤدي إلى حضارة مادية لا خلقية القوة فيها للبندقية والمدفع والقنابل وأسلحة الدمار الشامل، وهذه تؤدي إلى غياب النفوس المطمئنة، وهذا النجاح المادي فقط هو الفشل الحقيقي في الحياة، والنجاح في العلوم الشرعية بمعزل عن العلوم الكونية يؤدي إلى الضعف المادي وقبول الاستعمار والاستكانة والهوان والانسحاب من الحياة بالدروشة والرهبنة، والحل لتحقيق النجاح الحقيقي هو النجاح في العلوم الكونية والعلوم الشرعية في آن واحد. فإن أردت أن تكون ناجحًا سعيدًا إيجابيًا في الحياة فعليك بتحصيل العلم النافع ودفع أبنائك إلى تحصيله منذ نعومة أظفارهم وكما قال الإمام الشافعي: ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه أربعًا لوفاته فذات الفتى والله بالعلم والتقى إن لم يكونا لا اعتبار لذاته وقال ابن المبارك رحمه الله: كن عالمًا، أو متعلمًا أو مستمعًا أو محبًا ولا تكن الخامس فتهلك، والهالك هو الجاهل غير المستمع للعلم، أو محبًا للعلم وأهله، أو المتعلم تعليمًا منتظمًا والمعلم الذي يعلم الناس العلم. 2- الإيمان بالله تعالى، رب كل شيء ومليكه صاحب الخلق والأمر، خالق الإنسان وهو أعلم بما يصلح عليه حياته في الدنيا والآخرة وقد بين لنا تعالى صفاته وأسماءه ودينه، وبالإيمان بالله تطمئن القلوب وتهدأ النفوس وتتجنب أمراض اليأس والكفر والخوف من المستقبل والبعد عن الإلحاد، والتفلت من دين الله، وبالإيمان بالله تتضح الأهداف من الحياة ولماذا وجدنا بها، ومن أين أتينا، وإلى أين نحن ذاهبون بعد الانتقال من الحياة الدنيا بالموت، والإيمان بالله يستلزم الإيمان بالبعث والحساب «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» (الزلزلة 7-8). - هذه الحقائق تؤدي إلى الجد والاجتهاد والنجاح والاطمئنان إلى حفظ الحقوق والجهود في الدنيا والآخرة وتجنب الفرد اليأس والاكتئاب والضعف والفشل. 3- الوقاية الصحية: الوقاية الصحية هي التدابير العلمية والبيئية التي يتخذها الإنسان والمجتمع للوقاية من الأمراض المعدية وغير المعدية النفسية والعقلية والبدنية لأن الصحة هي القوة التي تمكن الإنسان من العمل وتحصيل العلم والتفكير والإبداع والإنتاج وحماية نفسه من الهلاك وتساعده على التشييد والبناء والتعمير، من هنا كانت فترة الشباب والفتوة والقوة هي فترة العمل والبناء كما قال تعالى: «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» (يوسف 22). وقال تعالى: «حَتَّى إذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (الأحقاف 15). إنها فترة الأشد والقوة التي يصل فيها الإنسان إلى مرحلة من النضج العقلي والخبرة والعلم التي تجعله قادرًا على القيادة للأسرة والمجتمع والدعوة والإنتاج العلمي والتقني، وهي فترة الصحة والنمو البدني المتزن والبناء والأيض (الميتابولزم – هدم وبناء) المتزن، فإن لم يستعد الإنسان لهذه المرحلة بالبناء العلمي والثقافي والاجتماعي فقد أضاع فترة العمر الذهبية وهدم دعامة من دعامات النجاح والسعادة في الحياة. 4- الأسرة الآمنة المطمئنة: الأسرة الآمنة دعامة من دعامات النجاح في الحياة فهي المحضن الصحي لإنتاج الذرية وتربيتهم التربية السليمة في ظل أبوين قادرين على إشاعة الحب والسعادة في حياة الأسرة، وإذا اختلّ بناء الأسرة الآمنة المطمئنة المتراحمة اختلت الحياة، ودخل الأبناء في الأمراض النفسية والاجتماعية والتربوية الفاشلة، لذلك أولى الإسلام لاختيار الأزواج عناية خاصة، ويرى المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه لا يرى للمتحابين إلا الزواج وبذلك تتأسس الأسرة على الحب المفضي إلى النجاح. 5- ومن دعائم النجاح في الحياة تجنب كبائر الذنوب كما قال تعالى: «إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا» (النساء 31). فمن تجنب الشرك، والزور، والكذب والقتل، والفساد في الأرض، والغش، والزنا، والسرقة وغير ذلك من كبائر الذنوب غفر الله تعالى له صغائر ذنوبه بالصلاة والصيام والدعاء، وبذلك يسعد الإنسان وينجح في حياته الدنيا ويدخله الله تعالى الجنة حيث النعيم المقيم، ويعيش في الدنيا سعيدًا مصون العرض والدين والحقد وآمنًا من الضغائن والخوف. من هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (احرص على ما ينفعك) من علم نافع، وإيمان واجب، والوقاية من الأمراض وبناء الأسرة السعيدة وتجنب الذنوب الكبيرة. وهذه الأمور تحتاج إلى الاستعانة بالله فقال الحديث (واستعن بالله) في كل حياتك فهو الموفق في الأقوال والأعمال، وهو المعين للعبد في كل حياته لذلك وجب عليه الاستعانة به سبحانه، فهو الحي الذي لا يموت، والقوي الذي لا يضعف، والغني الذي لا يفتقر، والوفي الذي لا يخلف وعده الرحمن الرحيم بعباده. (ولا تعجز) عندما تقابلك العقبات والابتلاءات، واجتهد وأبدع وأنتج وابحث وتعلم وأنت قوي تعتمد على القوي. 6- والحرص الشرعي والأخلاقي على ما ينفع يتنافى تمامًا مع الحرص المَرَضي القائم على الأساليب الهابطة للوصول إلى المطلوب كالواسطة والرشوة والتزلف والكيد للآخرين والمزاحمة بالباطل، وكل هذه الأساليب المفسدة التي قدمت المفسدين وأبعدت المخلصين العلميين والمبدعين والقادرين على البناء وإتقان العمل، والعمل الصالح، والخوف من الله في السر والعلن، فكل ما يأتي بالأساليب المَرَضية هو عين الفشل ولا يمت للنجاح بصلة.
مشاركة :