التبذير في موائد الإفطار والسحور.. سلوك مذموم

  • 5/7/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: جيهان شعيب يهل شهر رمضان الفضيل، وتضاء المآذن ليعلو الآذان، والأصوات القارئة للقرآن، والأكف الداعية للرحمن بالرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، وعلى الوجه المقابل تفرد موائد الطعام في معظم البيوت، وتتراصّ عليها الأطعمة من كل صنف ونوع، ويتفاخر كثيرون بالكميات التي تزخر بها موائدهم، في قاعات طعامهم المنزلية، لقناعة شبه راسخة لديهم، بأن الخير الذي يرادف ويعم الشهر الكريم، يتمثل جانب أساسي منه في الموائد العامرة، التي قد يصعب للوهلة الأولى حصر ما عليها من صنوف متنوعة، لوجبات شهية، وحلويات وفواكه.تبذير مرفوض تعكسه جوانب معظم البيوت في رمضان، فأطعمة الإفطار تنافس في كثرتها، وتنوعها، ما تحضره الأسر من أطعمة السحور والفوالة، ميزانية شبه كاملة ينفقونها على الموائد التي تعمر بكل ما لذ وطاب، في الوقت الذي إن اقتصدت الأسر قليلاً في نفقات إعداد الأطعمة، وكمياتها، لنالت ثواب الشهر الكريم، وابتعدت عن المغالاة، والإسراف، المنهي عنهما شرعاً.المبالغة في موائد إفطار وسحور رمضان عادة سلوكية مذمومة، وليست عبادة شرعية واجبة، وبالتالي فتجنب ذلك واجب لنيل ثواب الاعتدال، وتجنيب النفس لعنة المولى عز وجل للمبذرين والمبذرات، فيما التركيز على العبادات، والإسراف فيها، هو المفترض في شهر الرحمة، الذي فيه ترفع الحسنات إلى رب السماوات السبع، ويتمنى المرء أن يكون فيه من المقبولين، المعتوقين من عذاب يوم القيامة. الاعتدال والوسطية ولا شك أن مواجهة أية عادة أو سلوك دارج، يتطلب توعية مجتمعية، وتوجيه وإرشاد، وبيان جزاء، وثواب الاعتدال، وعن ذلك قال الواعظ الشيخ محمود محمد أحمد: الإسلام دين الوسطيّة، دعا إلى الاعتدال في كل شيء، المأكل، والمشرب، والزينة، وحتى العبادة، ونهى عن التشدد، والتنطع في الدين، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «إياكم والغلو»، وأحكام الشريعة الإسلامية كلها ترمي إلى تحقيق مصالح العباد في العاجل، والآجل، وإلى دفع الفساد والشر، فما من شيء أمرت به الشريعة، إلاّ وفيه خير ومصلحة، وما من شيء نهت عنه الشريعة، إلاّ وفيه ضرر ومفسدة.وباستقراء آيات القرآن، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، نجد أن الشريعة تحث على الاعتدال، والتوسط في الإنفاق بشكل عام، وهذه سمة من سمات عباد الرحمن، قال تعالى «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما»، ويقول سبحانه وتعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا»، وقال صلى الله عليه وسلم، في ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر بن العاص «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة»، وروى الإمام أحمد عن المقدام بن معد يكرب، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال«ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه». إضاعة المال جريمة والشريعة حرمت الإسراف والتبذير، ولكن بينهما فرق بسيط، فالإسراف هو مجاوزة الحد في الإنفاق على الأشياء المباحة، مثل الطعام، والشراب، والملبس، والسيارة، ومن ذلك أن تضع ربة البيت طعاماً على المائدة يكفي لعشرة أفراد، في حين لا يوجد غير ثلاثة فقط، وبالتالي فلا شك أن المتبقي سيكون مصيره سلة المهملات، وهذا إتلاف للمال، ومن المعروف في الإسلام أن المال أمانة، وإننا سنُسأل يوم القيامة من أين اكتسبناه، وفي أي شيء أنفقناه، ومن المعلوم أن المال هو عصب الحياة، وإضاعته جريمة في حق الفرد والمجتمع، روى الشيخان عن المغيرة ابن شعبة أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».أما التبذير فهو إنفاق المال في ما حرم الله تعالى، فلو انفق الفرد درهماً واحداً في شراء سيجارة فهذا تبذير، وقد شدد القرآن النكيرة على المبذرين، ووصفهم بأنهم إخوان الأبالسة، قال تعالى «ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين»، وحريُّ بنا ونحن في شهر رمضان أن نتعلم الاقتصاد، والاعتدال في موائدنا، وأن نحذر هذا السباق المحموم، بملء الثلاجات بما يزيد على حاجاتنا، وينبغي ألا ننسى أن الصائم إذا جاع شعر بآلام البؤساء، ومرارة الجوع، فكان ذلك حافزاً له على الإحسان إلى الخلق، والتصدق على الفقراء.

مشاركة :