دخلت الحرب الأمريكية لتكسير عظام إيران مرحلة جديدة، بعدما أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط. وتأتي الخطوة الأمريكية الجديد في مناورة مصحوبة بتحذير “واضح لا لبس فيه” من البيت الأبيض إلى إيران، ما قد يشكّل تصعيدا خطيرا بعد عام من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني. ووافق القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، الإثنين، على إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط بسبب “تهديد جاد من قوات النظام الإيراني”. وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، قال الأحد، إن بلاده ستنشر حاملة الطائرات أبراهام لينكولن وقوة قاذفات بالشرق الأوسط لتبعث رسالة لإيران. وفي تبريره للخطوة الأمريكية، قال شاناهان، على تويتر، إن هذا “يمثل إعادة تمركز للعتاد تتسم بالحذر، ردا على مؤشرات على تهديد جاد من قوات النظام الإيراني”، داعيا “النظام الإيراني إلى وقف جميع الاستفزازات، سنحمل النظام الإيراني مسؤولية أي هجوم على قوات أمريكية أو مصالحنا”. وتقول أمريكا إن المخابرات رصدت “تهديدات متعددة وجادة” من إيران وقوات تابعة لها في المقام الأول ضد القوات الأمريكية في العراق، وقالوا إن ثمة مخاوف أيضا على القوات الأمريكية في سوريا والبحار المجاورة. وتشير أيضا إلى أن معلومات المخابرات كانت محددة لدرجة أنها قدمت تفاصيل عن أماكن الهجمات المحتملة على القوات الأمريكية والإطار الزمني لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وإن التهديدات لم تكن ضد القوات الأمريكية في العراق فحسب، لكن للقوات القادمة والمغادرة للمنطقة. ويمثل الإجراء أحدث تحركات إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تهدف لتكثيف الضغط على إيران في الأشهر الأخيرة. ومؤخرا أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء كل الإعفاءات، التي كانت منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، في خطوة يهدف منها الرئيس دونالد ترامب أن تصبح “صادرات النفط الإيراني صفرا”، وبالتالي “حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي”. وقبلها أدرجت الولايات المتحدة رسميا قوات الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وقوات الحرس الثوري هي المسؤولة عن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وبرنامجها النووي، وهي أيضا منخرطة في القطاع المصرفي وقطاع الشحن البحري، وستسهل الخطوة الأمريكية الجديدة مقاضاة الشركات أو الأفراد في الاتحاد الأوروبي ممن يدخلون في أنشطة اقتصادية مع إيران. وبدأت جهود إدارة ترامب لفرض عزلة سياسية واقتصادية على طهران في العام الماضي، عندما انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق النووي، الذي أبرمته مع إيران بمشاركة قوى دولية أخرى في عام 2015. وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الإثنين، إن الولايات المتحدة شهدت نشاطا من إيران أشار إلى “تصعيد” محتمل بعد يوم من قول الولايات المتحدة إنها سترسل حاملة طائرات للشرق الأوسط للتصدي “لتهديد جاد من قوات النظام الإيراني”. وللولايات المتحدة حاليا نحو 5200 جندي في العراق وأقل من 2000 في سوريا.الرد الإيراني ومن الناحية الإيرانية، قالت وكالة “إيسنا”، إن الرئيس حسن روحاني سيعلن الأربعاء المقبل عن إجراءات عملية تمثل الرد الإيراني على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي. ونقلت الوكالة عن مصدر مقرب من لجنة الإشراف على تطبيق الاتفاق النووي، أن روحاني قد يعلن خفضا جزئيا أو كليا لبعض تعهدات إيران في الاتفاق، الذي تصادف الذكرى الأولى لانسحاب واشنطن منه الأربعاء. ويأتي هذا في حين يجري خبراء من إيران وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا مشاورات اليوم، الإثنين، في بروكسل بشأن الاتفاق النووي.مضيق هرمز.. ماذا لو أغلقته إيران؟ ومع كل خطوة أمريكية يأتي تهديد إيراني متكرر بإغلاق مضيق هرمز، لكن دون تنفيذ، وفي حال تنفيذه ستنخفض إمدادات العالم من شحنات النفط المصدرة فجأة إلى نحو 30%، كما ستنخفض إمدادات النفط الإجمالية بنحو 20%، وسترتفع أسعار النفط فورا، وسيفقد مصدرو النفط العرب إمكانية الوصول إلى الأسواق بشكل كامل. كما سيتم تحويل مسار شحنات النفط ونقلها عبر خطوط أنابيب تمت توسعتها على خلفية المخاوف من وقوع صدام بين الغرب وإيران، وستكون هناك تداعيات اقتصادية دولية قد تجبر واشنطن ودول أخرى على القيام بعمل عسكري ضد إيران.هل تسعى أمريكا إلى حرب مع إيران؟ أكّد مستشار الأمن القومي الأمريكي، أنّ “الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب مع النظام الإيراني، لكنّنا على استعداد تامّ للردّ على أيّ هجوم، سواء تمّ شنّه بالوكالة أو من جانب الحرس الثوري أو من القوات النظامية الإيرانية”، من دون أن يحدّد طبيعة التهديدات المنسوبة لطهران. وردّاً على سؤال لأحد الصحفيين، رفض وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الخوض في التفاصيل، مشدّدا على أن لا علاقة لذلك بتجدد التوتر بين الفصائل المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل.طهران تندّد وسارعت طهران إلى التنديد بالخطوة الأمريكية، معتبرة إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى الشرق الأوسط خبرا قديما “فقد أهميته”، وفق الوكالة الرسمية الإيرانية. ونقلت وكالة “إرنا” عن المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي، كيوان خسروي، قوله إنّه “بعد الرصد الدقیق” من جانب القوات الإيرانية “تبیّن أنّ حاملة الطائرات كانت قد دخلت میاه البحر الأبیض المتوسط قبل 21 یوما”. واعتبر المسؤول الإيراني، أنّ الإعلان الأمريكي “جاء لأغراض غاشمة عبر توظیف حادث كان قد فقد أهمیته، بهدف إثارة حرب نفسیة”، وقال إنّ “بولتون یفتقر إلى الخبرة العسكریة والأمنیة، وتصریحاته جاءت لأغراض استعراضیة”. وكان الرئيس دونالد ترامب قرر في الثامن من مايو/ أيار 2018 الانسحاب من الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي اعتبره متساهلاً للغاية، ومذاك، وخلافا لرغبات حلفائه الأوروبيين الذين ما زالوا متمسكين بهذا الاتفاق، واصل رئيس الولايات المتحدة تعزيز “حملته لممارسة ضغوط قصوى” على النظام الإيراني، لكن بيان الأحد، رغم الغموض، يجتاز للمرة الأولى خطوة إضافية عبر نقله حملة الضغوط إلى المجال العسكري.
مشاركة :