انطباعات عامة (2-1)

  • 3/19/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ربما أراد القائمون على تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام 1436 هـ - 2015 م أن (يُفـَعـِّـلوا) كلمة ( التعايش) - من جهتهم على الأقل - حين أطلقوا هذه العبارة شعارا لمعرض هذا العام. هذه الكلمة التي انتشرت في وسائل الإعلام دون (تفعيلٍ) حقيقيِّ لها بين الناس والشعوب والأنظمة، بل صار (التعايش) (تنافرا)، وحربا ودمارا وإرهابا. وقد توقف الكثير من الضيوف والجمهور عند هذه العبارة بين معجب، ومتسائل حولها، وراحوا يفلسفون ويترجمون ويربطون بين الكلمتين. ـ على كل حال .. أحسب أن إدارة المعرض قد نجحت في اصطياد هذه الكلمة الشاعرية مع أختها .. شعارا للمعرض. فهل بوسع أحد ألا يتعايش - مودة وتفاعلا وتجاوبا،وإدمانا أيضا - مع الكتاب .. خير الجليس ؟ ـ لقد قضيت 3 أيام في معرض الكتاب بالرياض ووجدته من أكبر معارض الكتب بالشرق الأوسط، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق، وأتكئ في هذا الزعم على مشاهداتي الشخصية التي بها أستطيع المقارنة بينه وبين سواه في دول خليجية وعربية أخرى، حيث تجولت بين أجنحتها مرات عديدة وسنوات عديدة. وقد لا أشي بسر بات متداولا بين أصحاب دور النشر، وأجنحة البيع وتجار الكتب، وهو أن ما ينتظرونه من حركة بيع، وربح وتسويق في معارض عربية أخرى، وما يتكبدونه من خسائر في نقل ومصروفات الاشتراك في تلك المعارض وغيرها .. يعوضونه أضعافا في معرض الرياض، وهذا قولهم، وهم أعرف به لأنهم أصحاب الشأن. ولا يظنن أحد أن ذلك يعني ارتفاع أسعار الكتب في الرياض عن سواها، لا .. لكننا هنا نعني هذا الكم الهائل جدا من الزائرين والمشترين. وهنا قد أخالف الكثير من الأحبة في مسألة سعر الكتاب فأقول: ليس من أهداف المعرض تخفيض سعر الكتاب، وإن كان ذلك هدفا جماهيريا وغاية شعبية مطلوبة، لكن الهدف الأهم هو توفير الكتاب الذي قد لا يتوافر في المكتبات التجارية، والمتخصصة، وتوفير الجديد من الطبعات الأخيرة للكتب. حسنا .. إذا كان سعر الكتاب مرتفعا، فلماذا - إِذَاً - هذا الإقبال الشديد على معرض الرياض، والحرص والتهافت على زيارته، والخروج منه بمئات الكتب، وصرف ملايين الريالات ؟ فهل الناس مجبورون على الذهاب لمعرض بضاعته باهظة ؟ ثم ألا يستحق الكتاب الذي يغذي عقولنا أن نبذل له الثمن الغالي، ونحن في الوقت نفسه (نبعزق) أموالنا فيما قد لا ينفعنا ؟ وما دام القلم ينهمر عن انطباعات عن المعرض فتحضر الآن مسألة فسح الكتب والرقابة وحرية النشر، وقد لا أسهب في هذا الأمر، لكن تكفي الإشارة إلى بعض الأدلة الواقعية والعملية في ذلك، فأقول : أولا : إن من الطبعي جدا أن يكون هناك رقابة وحجب لبعض الكتب في كل المعارض، حتى في العالمية منها. ثانيا : إن هامش الحرية المرتفع في فسح الكتب في معرض الرياض ليس جديدا، فلقد بات ملحوظا منذ أكثر من ثلاثة أعوام مضت. ثالثا : إن الكتب التي نقرأ ونسمع عن حجبها في معارض خليجية وعربية أخرى، نجدها متوافرة ومتاحة ومفسوحة بشكل رسمي في معرض الرياض، بل تجد في ذلك بعض المفارقات الطريفة. فمثلا رواية (ساق البامبو) للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، مُنِعَت رسميا في معرض الكويت هذا العام 2015م، يعني منعت في بلد الكاتب، بينما هي متوافرة في معرض الرياض، وقل الشيء نفسه عن ديوان (لا تجرح الماء) للشاعر السعودي الدكتور أحمد قران الزهراني مدير عام الأندية الأدبية بالمملكة، الذي مُنِع في الكويت، وتجده متاحا في الرياض، ومثال رابع وخامس وعاشر .. إلخ. ـ أليست هذه ميزات إيجابية عالية للمعرض في بلادنا العزيزة ؟ .. بقية المقال في الأسبوع المقبل إن شاء الله. شاعر وكاتب، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمدير الإداري بالنادي

مشاركة :