قوى الحرية والتغيير السودانية لـ "الاتحاد": لن نتنازل عن السلطة المدنية

  • 5/9/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تباينت ردود الفعل على رد المجلس العسكري الانتقالي السوداني على وثيقة قوى الحرية والتغيير، وأيضاً على اجتماعه مع القوى والأحزاب السودانية الأخرى. وفيما هددت قوى الحرية والتغيير بالتصعيد والعصيان المدني، أكد المجلس العسكري أنه سيجتمع معها في محاولة لتوحيد الرؤى بشأن الفترة المقبلة. وأبدت العديد من الشخصيات والقوى السياسية السودانية انزعاجها من الشد والجذب في العلاقة بين الطرفين من ناحية، في حين انتقدت بعضها قوى التغيير نفسها، التي أضرت بموقفها التفاوضي، بالتباينات بين أطرافها وعدم التجانس في خطابها. وبالمقابل حذر آخرون من خطورة المشهد برمته، ودعوا إلى «الإسراع بحسم الأمور وعدم إضاعة الوقت أو السماح بإجهاض الثورة». واتهمت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري بعدم الجدية في نقل السلطة للمدنيين، ولوحت بتنفيذ عصيان مدني إذا استمر المجلس في المراوغة، بحسب تعبيرها. وقال ساطع الحاج القيادي بـ«التغيير» لـ«الاتحاد»، أمس: إن الوثيقة التي سلمناها للمجلس مقتبسة فقط من دستور المرحلة الانتقالية، وهو مقتبس لحل الخلاف حول نسب التمثيل في المجلس، لذا اتجهنا لاختصاصات الهياكل وبالذات المجلس السيادي والمجلس العسكري يعلم ذلك. وأضاف أن رد المجلس، أمس، أراد أن يراوغ ويكسب الوقت وترك موافقته أو عدمها لما جاء في الوثيقة إلى خطاب عاطفي عن اللغة والشريعة. وأكد ساطع الحاج أن تصعيدهم للاحتجاجات السلمية رهين بموقف المجلس العسكري من الحكومة المدنية. وقال: «لن نذهب في الوقت الحالي للتصعيد، وننتظر نتائج التفاوض المباشر مع المجلس، وموقفه سيحدد إن كنا سنصعد أم لا، إلا أننا متفقون مع قوى التغيير، أنه لا تنازل عن الحكومة المدنية». من جانبه، اعتبر مدني عباس مدني، عضو لجنة التفاوض للحرية والتغيير، أن النقاش الذي يجب أن يتم هو في تسليم السلطة. وقال: «نحن لا نقدم أوراقاً حتى يتم تصحيحها»، منوهاً إلى أن مسار التصعيد ليس صعبًا عبر استمرار الاعتصام، العصيان المدني، والإضراب السياسي متى كانت هناك حاجة لها، و«لسنا طلاب سلطة». وأضاف مدني: «حديث المجلس العسكري عن إجراء انتخابات مبكرة محاولة شرعنة النظام القديم». وانتقد ساطع الحاج محاولة المجلس مخاطبة مشاعر الشارع بإبداء حرصه على المواطن السوداني. وقال: «نحن خرجنا من أجل المواطن وقدمنا الأرواح وتحملنا الضرب والمعتقلات لا يمكن أن يكون أعضاء المجلس أكثر حرصاً منا عليه». وأوضح أنهم سينخرطون في اجتماعات، اليوم، لتحديد موعد جلسة المفاوضات المقبلة وموقفهم منها. ومن جانبه، قال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، عضو قوى الحرية والتغيير، إن رد المجلس العسكري على الوثيقة الدستورية يشير إلى رغبته في تكريس السلطة لمجلس السيادة الذي يطالب فيه بالأغلبية. وكان المجلس العسكري الانتقالي في رده على وثيقة قوى الحرية والتغيير، قد أكد أنه يتفق مع المعارضة على الهيكل العام لنظام الحكم الانتقالي، وأن هناك نقاطاً مشتركة كثيرة بين الجانبين، لكن الوثيقة أغفلت مصادر التشريع، ونريد للشريعة الإسلامية أن تكون مصدر التشريع، وأشار المجلس إلى أنه يتحفظ على تسمية الولايات السودانية في الوثيقة بالأقاليم. كما أشار إلى أن المجلس يتحفظ على إخضاع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للسلطة السياسية، مؤكداً أن المجلس العسكري اقترح فترة انتقالية من سنتين مقابل 4 سنوات اقترحتها قوى الحرية والتغيير. وقال المجلس الانتقالي: إنه يملك الخيار للدعوة لانتخابات مبكرة خلال 6 أشهر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع المعارضة بشأن الهيكل العام لنظام الحكم الانتقالي. ويقول محمد عثمان الفاضلابي، القيادي بالحزب الاتحادي، لـ«الاتحاد»: «أعتقد أن الطرفين المجلس العسكري وقوى التغيير لم يوفقا في إدارة حوار سليم، والمجلس العسكري بحاجة إلى اتخاذ خطوات حقيقية تؤكد قطيعته مع النظام القديم، لكن في الوقت نفسه فإن لجان قوى التغيير التي تفاوض ضعيفة، وارتكبت أخطاء قاتلة، من ضمنها أن الوثيقة المقدمة للمجلس بها عيوب كثيرة، وقد اعترفوا هم أنفسهم بها، كما أن إصرارهم على أن تكون الفترة الانتقالية 4 سنوات، يعطي الحجج للمجلس العسكري لوصفهم بأنهم يريدون السيطرة من دون تفويض انتخابي، ولو تنازلوا عن هذا الشرط سيكونون في موقف تفاوضي أفضل حول صلاحيات المجلس السيادي وعدد أعضائه». ويقول الناشط السياسي هشام هباني: «علينا الإسراع بحسم الأمور مع المجلس العسكري، للمصلحة العامة الملحة جداً، وحتى لا تجهض أو تسرق الثورة، علينا أن نقبل كقوى الثورة بما هو متاح من سلطات، وهذا أكثر صوناً للثورة من الحالة الضبابية التي نعيشها الآن، وأكثر جدوى من البقاء جامداً في ساحة اعتصام مكشوفة، وأفضل من إضاعة الوقت أو إتاحة مساحة لإحباط الثورة، أو السماح للمتربصين بها الذين ما زالوا يمسكون بالكثير من مفاصل السلطة من إجهاضها». ويحذر هباني من أن «عامل الوقت خطير وقاتل جداً في هذه اللحظات التاريخية إن لم نضعه في الحسبان»، ويؤكد: «الثورات لا تحقق مطالبها في غمضة عين، والواقعية مطلوبة». ومن جانبه، يقول صالح منصور، القيادي بحركة العدل والمساواة بدارفور، لـ«الاتحاد»: «إن المجلس العسكري وقع خلال مؤتمره الصحفي في أخطاء كبيرة، أولها الحديث عن أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، وهذا من اختصاص لجنة الدستور القادم، كما أخطأ المجلس بدعوته للأحزاب الموالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وبتأكيده على ضرورة بقاء نظام الولايات في السودان، وليس الأقاليم، وهو النظام الذي قسم به البشير السودانيين والقبائل والعشائر». وحذر منصور من أن السودان سيدخل إلى «نفق مظلم في حال استمر التفاوض بين الطرفين على هذه الشاكلة، من دون اتفاق ودخول إلى مرحلة انتقالية، تنتظرها الكثير من المهام، وفي مقدمتها تحقيق السلام، وتطهير الدولة العميقة». ويرى الكاتب الصحفي السوداني نور الدين مدني أن «أسلوب إدارة الأزمة في أعقاب التغيير بالسودان جعل الأوضاع تراوح مكانها، وبدأت في الوقت نفسه تظهر محاولات لإعادة تدوير عجلة النظام السابق، الذي فشل في الحفاظ على وحدة السودان وتحقيق السلام والاستقرار المجتمعي. وأضاف مدني أن الحديث عن أحزاب وتنظيمات مصنوعة بأسماء جديدة يفتح الطريق أمام استمرار سيطرة قوى الدولة العميقة، وحذر أي ردة ضد الديمقراطية المنشودة». كما يرى المحلل السياسي السوداني حسن بركية أن «هناك انتقادات كبيرة لحديث المجلس العسكري في مؤتمره الصحفي الأخير»، منتقداً الخطاب الديني الذي يستخدمه، وقال: «إن موقف المجلس سيؤدى إلى توحيد صفوف الثوار وقوى المعارضة عموماً، برغم التناقضات والخلافات فيما بينها».

مشاركة :