بأسلوب قصصي مشوق يبدأ الكاتب الصحفي التونسي هادي يحمد، كتابَه بسرد تفاصيل اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد قبل عامين، على يد مسلحين إسلاميين، مقتحما من هذه البوابة عالم الجماعات الجهادية التونسية. ويستعرض كتاب "تحت راية العقاب.. سلفيون جهاديون تونسيون" تفاصيل مثيرة عن نشأة الجهاديين التونسيين ونموها، محاولا تفسير أسباب انتشارها بسرعة جنونية، حتى أصبحت تونس أول مصدر للمقاتلين الذين يشاركون في الحرب في سورية والعراق. الكتاب ثمرة تحقيقات صحفية للكاتب منذ ثلاثة عقود عن الجهاديين التونسيين، وهو رسم لملامحهم وعقائدهم ومسالكهم التي اتبعوها للالتحاق بما يسمونه "أراضي الجهاد". وجاء الكتاب في 243 صفحة وهو عبارة عن رحلة شيقة وخطرة بين مدن عدة في العالم. ويحاول يحمد في كتابه الإجابة عن سؤال مؤرق: ما الذي يدفع الآلاف من التونسيين إلى الانخراط في القتل، واختيار مسالك مثل هذه في بلد طالما عرف بنمط عيش متحرر يقترب أحيانا كثيرة من النمط الغربي. ومنذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل أربع سنوات، برز نفوذ جماعات إسلامية بعد عقود من القمع والسجن والنفي. ولم يقتصر هادي يحمد في كتابه على درس الظاهرة الشائكة في السنوات الأربع الماضية، بل كان كتابه عبارة عن رحلة زمنية بدأت من أواخر تسعينات القرن الماضي حتى هذا العام. ويعرض الكتاب شهادات وقصصا مؤثرة وقوية لمقاتلين تونسيين خرجوا من البلاد، ولقي كل واحد منهم مصيرا مختلفا عن الآخر، من القتل إلى الاغتيال والاعتقال أو الترحيل، وأحيانا الضياع في غابات السافانا الكثيفة على الحدود الصومالية الكينية.
مشاركة :