للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. درة ثمينة ومعمار غاية فى الروعة، إنه مسجد الفكهانى أو «جامع الظافر» فلا تكاد تراه وأنت فى طريقك إلى شارع المعز بحى الغورية فى قلب القاهرة التاريخية، إلا إذا أسعدك الحظ وسمعت صوت الأذان ووجدت الباعة الجائلين يتوافدون إليه ليؤدوا شعائر الصلاة، ووقتها فقط ستعرف أن هناك جدرانا أثرية تحمل ملامح من التاريخ، قد اختفت وراء الملابس المعلقة على جدرانه.فالمسجد ضربته يد الإهمال، رغم تسجيله كأثر يحمل رقم «١٠٩»، وهو تابع لوزارة الأوقاف، وكل ما يمكنك رؤيته هو مدخل المسجد والذى يبدأ بدورات المياه، المهملة، والتى تفوح منها الروائح الكريهة. ويقع مسجد الظافر فى وسط السوق الذى كان يعرف قديمًا بسوق السراجين، كما أطلق عليه أيضًا الجامع الأفخر، وأخيرًا اشتهر بـ «جامع الفاكهيين، ومن المساجد الفاطمية، شيده الخليفة الظافر بنصرالله أبو المنصور إسماعيل بن الحافظ لدين الله، وكان قبل ذلك عبارة عن زريبة تعرف بدار الكباش، وبناه فى سنة ثلاثة وأربعين وخمسمائة، وقد تعرضت مئذنة المسجد للهدم بعد وقوع زلزال عظيم فى عام ٧٠٢ هجرية، والذى أدى إلى تهدم عدد كبير من مآذن المحروسة، وقد قام بتجديد المسجد فى عهدالملك الظاهر جقمق، وقد تعرض المسجد إلى تهدم الكثير من أروقته وجدرانه، وأعيد بناؤه وجددت معظم أروقته، وكان من أهم التجديدات والترميمات التى أجريت له تلك التى أجراها الأمير يشبك من مهدي، بعد أن أزال المبانى التى كانت تحجبه فى أواخر القرن التاسع الهجري. وفى العصر العثماني، تم هدم الجامع وأعاد بناؤه الأمير أحمد كتخدا مستحفظان الخربوطلى فى عام ١١٤٨ هجرية، ولم يبق من المسجد الفاطمى سوى المصاريع الخشبية للبابين البحرى والغربي، وكذلك المدميك الحجرية التى تعلو الباب الغربى والتى كتب عليها بالخط الكوفى «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وقد أشرف على تجديد المسجد شيخ طائفة العقادين عثمان شلبي، كما أنشأ بجانبه من الناحية الغربية سبيلا يعلوه كتاب لتعليم الأطفال الأيتام القراءة والكتابة، كما أقام بجواره سبيل وكالة لتجارة الفاكهة. فجامع الظافر تحفة معمارية تحدى الزمن، وغلب الزلازل، وعمره الأجداد، وأعادوا تشييده وحافظوا على تراثه، ومعماره، ولكن يد الإهمال التى تفرقت ما بين وزارتى الآثار والأوقاف، أصبحت مهددة له، هذا بالإضافة إلى افتراش الباعة الجائلين وعرض معروضاتهم على جنبات المسجد من الخارج، فإذا حالفك الحظ ودخلت إلى داخله فستجد ما هو أسوا، فالأعمدة متصدعة، والجدران متهالكة والسجاد معدم، كما عانى المسجد من السرقات، وللجامع ثلاثة أبواب أكبرها الباب الذى يقع بشارع العقادين، ويصعد إليه بدرج، والآخر يقع بحارة خشقدم، وعلى مقصورته درابزين من الخشب به بابان، وبه عمد عظيمة ومنبر من الخشب، وله منارة، ويقع بصحنه صهريج وبئر، كما يحوى خزانة من الكتب.
مشاركة :