منابر لها تاريخ| جامع الماردينى.. تحفة معمارية بالدرب الأحمر

  • 6/1/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. برز اسم جامع ومسجد طبنغا الماردينى، مؤخرًا حيث تعكف وزارة الآثار المصرية فى وقتنا الحاضر على إعادة ترميم المسجد وإعادة رونقه، والذى تدهورت أحواله بسبب المياه الجوفية ومياه الصرف الصحى، والذى يُعد تحفة معمارية تعود لعصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وصاحب المسجد هو الطنبغا بن على الله الماردينى الساقى أحد مماليك السلطان وأقربهم إليه، فقد كان كثير العناية به حتى إنه قام بتعيينه ساقيًا ثم أمير طبلخانة، ثم أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، كما قام بتزويجه ابنته وكل ذلك فى وقت قصير جدًا، وكان الماردينى طويلًا رقيقًا حلو الصورة ولطيفًا وكريمًا. ويقع المسجد فى شارع التبانة بقسم الدرب الأحمر خارج باب زويلة، ويتكون الجامع من شكل مربع تقريبًا إذ يبلغ عرضه ٢٠ مترًا وطوله ٢٢.٥ متر، ويتوسطه صحن مكشوف تحيط به الأروقة من جميع الجهات، وبوسط الصحن توجد فسقية من الرخام مثمنة الشكل، وذلك للوضوء، ويعلوها قبة خشبية نقلت إليه من السلطان، وللمسجد ثلاثة أبواب الغربى منها يتوسط الجدار، وهو مدخل تذكارى قليل البروز، ويتقدمه عدد من الدرجات ويؤدى إلى مجاز يقسم الأروقة الغربية إلى نصفين، أما البابان الشمالى والجنوبى فهما متقابلان ويؤدى كل منهما إلى مجاز يسير حتى الصحن، ويفضل الأروقة الشمالية والجنوبية إيوان القبلة. وتقع الواجهة الرئيسية للجامع فى الضلع الشمالى حيث يوجد المدخل الرئيسى، الذى يبرز عن سمت الحائط بمقدار ٢.٥ متر، ويُعد من الأمثلة القليلة فى عمارة مصر الإسلامية التى تُعرف باسم المدخل التذكارية، وذلك على غرار الجامع الحاكم، ومسجد الظاهر بيبرس، ويتوسط هذا المدخل العميق باب يكتنفه مكلستان، وعند طرفيهما الخارجى يوجد عمودان مثمنان تيجانهما على شكل «رمانة» وبعد سبع مداميك من الحجر الأبلق الذى بنيت به الواجهة يوجد عمودان مماثلان يكادان يصلان إلى نهاية الواجهة، ويعلو فتحة الباب عتب يحتوى على صنجات معشقة بزخارف خزفية زرقاء غاية فى الدقة والإبداع، وهى من الزخارف النادرة، كما يحتوى العتب على زخارف نباتية تشبه الزخارف الموجودة بضريح السادات الثعالبة بالمدرسة الصالحية، والتى اشتهرت خلال عصر المماليك البحرية والعصر الأيوبى، ويعلو العقد نافذة مربعة تقريبًا ملئت بمصبعات معدنية ويكتنفها زخارف نباتية بالطوب الأرابيسك، ومكسية بالرخام، ويعلوها أربعة صفوف من المقرنصات الصغيرة فى أشكال هندسية بديعة، كتب عليها تاريخ الانتهاء من تشييد المسجد وهو فى شهر رمضان سنة ٧٤٠ هجريًا. ويُعد الجامع الماردينى من أروع الأمثلة الموجودة بالقاهرة فقد زخرف تجويفه بمجموعة كبيرة من زخارف الفسيفساء الرخامية والصدفية الدقيقة الجميلة التنسيق والترتيب، كما توجد طاقية زخرفت أيضًا بالرخام الأسود والأحمر والفيروزى، ويوجد بجوار المحراب منبر خشبى مكون من حشوات مجمعة على أطباق نجمية مطعمة بالعاج الصدف، وقد تعرضت للأسف للسرقة حيث تم سرقة نحو ٤٠ حشوة من حشواته وتم نقلها إلى أوروبا، وتمت إعادتها إلى مصر لبيعها وقامت لجنة حفظ الأثار العربية بشرائها سنة ١٣٢٠ هجريًا، وأعادتها إلى منبرها الأصلى. ويتقدم المحراب قبة كبيرة تقوم على ثمانية أعمدة من الجرانيت الأحمر وتيجانها عبارة عن زهرة اللوتس، وتُعد مئذنة المسجد من أول مآذن المحروسة المصنوعة من الحجر بعد المنصورية، والتى بناها المعلم ابن السيوفى، كبير مهندسى دولة الناصر محمد.

مشاركة :