اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية والتندر على مشاجرة تخللها اشتباك بالأيدي وتراشق بالمقاعد، أثناء لقاء بين المجلس العسكري وأحزاب سياسية كانت شريكة في نظام حكم الرئيس السابق، عمر البشير، وحليفة له، بقاعة الصداقة في الخرطوم، حيث أطلق مدونون مسمى «موقعة ذات الكراسي» على الاجتماع، فيما انتشرت على نطاق واسع مقاطع الفيديو التي وثّقت المشاجرة، بينما جدد رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق عبدالفتاح البرهان، حرص المجلس على تحقيق انتقال سريع للسلطة بعد الفترة الانتقالية. وكان «المجلس العسكري الانتقالي» دعا، الثلاثاء الماضي، كل القوى التي قدمت رؤاها بشأن المرحلة الانتقالية لاجتماع، أول من أمس. وأغلب هذه القوى كانت شريكة للحكومة السابقة وحليفة لحزب المؤتمر الوطني، كما أن بينها عشرات الأحزاب التي كانت جزءاً من مبادرة الحوار الوطني، وشارك منسوبوها في حكومات البشير المتعاقبة. وطبقاً لإفادات حضور في الاجتماع، فإن الأجواء اتسمت منذ البداية بالتوتر الشديد بعد اعتراض عدد من المشاركين على وجود شخصيات عرفت بموالاتها الصارخة للمؤتمر الوطني، وقاد بعضها حملات لإعادة ترشيح البشير في انتخابات 2020. وقال عمار محمد آدم، أحد الذين حضروا الاجتماع، في تسجيل مصور إن بعض الحاضرين كانوا يهتفون بشعارات مناوئة للمجلس ويدعون لمدنية السلطة، ما اضطر قادة المجلس إلى اختصار الحديث ومغادرة المكان بشكل عاجل. وأشار إلى أن وجود عدد كبير من منسوبي المؤتمر الوطني وحلفائه، أسهم في إشاعة مزيد من التوتر ليتحول المكان إلى ساحة للعراك العنيف. وأظهرت مقاطع فيديو، جرى تداولها على نطاق واسع، تقاذف بعض المشاركين بالمقاعد، واشتباكهم بالأيدي وسط حالة من الفوضى والتوتر الشديدين. وقال عضو المجلس العسكري الانتقالي، الفريق ركن ياسر العطا، إنهم تسلموا 177 رؤية مكتوبة من القوى السياسية، وشدد على أهمية التواصل مع كل المكونات السياسية للوصول إلى حل. وأضاف خلال اللقاء مع القوى السياسية والكيانات والحركات، أن شُقة الخلاف بسيطة، وبقليل من الصبر والروح الوطنية يمكن المضي إلى بر الأمان، لافتاً إلى أن المجلس سيجلس مع قوى إعلان الحرية لمناقشة ملاحظاتها حول وثيقتها، ومناقشة رؤية المجلس للوصول إلى توافق. واستعرضت اللجنة السياسية للمجلس العسكري الانتقالي نتائج المفاوضات مع قوى إعلان الحرية والتغيير، التي كان آخرها رد المجلس العسكري الانتقالي على الوثيقة التي قدمتها قوى الحرية والتغيير. وأوضحت اللجنة أنها ستلتقي بقوى الحرية للتواصل والتفاوض للوصول إلى توافق سياسي واجتماعي. والجدير بالذكر أن القوى السياسية، التي عارضت الإنقاذ وشاركت بفاعلية في قيادة الحراك الشعبي حتى سقوط البشير، ترى أن لقاء المجلس العسكري بأحزاب كانت جزءاً لا يتجزأ من نظام البشير وموالية له من دون قيد أو شرط، لمشاورتها في الترتيبات الانتقالية، يشكّل ضرباً من ضروب الالتفاف على الثورة، ومناورة سياسية تجد غطاء من المجلس العسكري. وفيما يعترف المجلس العسكري بأن من قاد الحراك وله الحق في تمثيل الثوار هو تحالف «قوى الحرية والتغيير»، الذي يضم «تجمع المهنيين السودانيين» و«نداء السودان» و«قوى الإجماع»، و«التجمع الاتحادي المعارض» و«مبادرة المجتمع المدني» و«تجمع القوى المدنية»، إلا أن المجلس، حسب مراقبين، يناور في مفاوضاته حول نقل السلطة بأحزاب وكيانات كانت شريكة في نظام حكم البشير، لتخفيض سقف المطالب «الثورية» بالتحول الكامل إلى نظام مدني. يأتي ذلك في وقت جدد الفريق عبدالفتاح البرهان، حرص المجلس على تحقيق انتقال سريع للسلطة بعد الفترة الانتقالية. وشدد البرهان، أول من أمس، على التواصل مع القوى السياسية للانتقال السلس نحو الديمقراطية. وقال البرهان إنه أبلغ نائب وزير الخارجية الأميركية، حرص الجيش على أمن السودانيين وثورتهم. وهددت قوى الحرية والتغيير في السودان، أول من أمس، بعصيان مدني رداً على تعطيل نقل الجيش للسلطة. وذكر القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، مدني عباس مدني، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أن «الدعوة والتحضير للعصيان المدني تسير على قدم وساق». وأكد قادة المعارضة أن الثورة لم تحقق أهدافها بعد بالانتقال لحكم مدني، مشيرين إلى أنهم سيواصلون التظاهرات والاعتصامات السلمية للوصول إلى أهداف الحراك. وأعلنت القوى أنه لا يمكن استبدال الإقصاء بالإقصاء، ويجب التحاور مع كل الأطراف، رافضين الانتخابات المبكرة، واصفين ذلك بأنه شرعنة للنظام الجديد. وأضافت: «نريد وثيقة مشتركة مع المجلس الانتقالي تحافظ على مطالب الثورة، ولا نريد إلغاء التمثيل العسكري في المجلس السيادي». من جانبها، ضغطت الولايات المتحدة على قائد المجلس العسكري، أول من أمس، للتوصل إلى اتفاق مع المحتجين الذين هددوا بالعصيان ما لم يتم الانتقال إلى حكم مدني. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن نائب وزير الخارجية، جون سوليفان، تحادث هاتفياً مع الفريق البرهان، وأعرب عن دعمه لـ«تطلعات الشعب السوداني من أجل مستقبل حر وديمقراطي ومزدهر». وشجع سوليفان البرهان على «التحرك بسرعة نحو تشكيل حكومة مؤقتة يقودها مدنيون»، والتوصل إلى اتفاق مع ائتلاف الحرية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، مورغن اورتاغوس، في بيان، إن سوليفان «دعا المجلس العسكري إلى احترام حقوق الإنسان للجميع، والسماح بالاحتجاج السلمي وحرية التعبير، بما يتفق مع التزامات السودان في مجال حقوق الإنسان». وأعلن كبير الدبلوماسيين الأميركيين في إفريقيا، تيبور ناجي، أن واشنطن على اتصال بجميع الأطراف في السودان. وقال ناجي للصحافيين إن «سياستنا الأساسية أننا نريد دعم ما يريده الشعب السوداني». وكان يتحدث في واشنطن في حوار استراتيجي هو الأول من نوعه مع كينيا، التي وصفها بأنها «أحد شركائنا الرئيسين والأكثر أهمية» في أي مكان في العالم. وأشادت وزيرة الشؤون الخارجية الكينية، مونيكا جمعة، بالمتظاهرين السودانيين لتحليهم «بالمسؤولية»، وحفاظهم على «سلمية تحركهم» وعلى «صبرهم». وأضافت: «نعتقد أن على السودانيين أنفسهم صوغ مستقبل بلادهم، وهذا ما كانت عليه رسالتنا للسودان. لقد ناشدنا جميع الأطراف أن يتصرفوا بضبط النفس، مازلنا نفعل ذلك لأن من المهم أن تتطور هذه العملية بطريقة سلمية».طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :