"التسامح" و"المسؤولية المجتمعية" علاقة وطيدة ترتقي بتنافسية الإمارات

  • 5/11/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ترتبط قيم التسامح والمسؤولية المجتمعية بعلاقات طردية وطيدة، حيث يزدهر كل منها في ظل ازدهار الآخر، وطالما ساهمت المفاهيم الراسخة عن أهمية تلك العلاقة في الارتقاء، بتنافسية دولة الإمارات العربية المتحدة على المستوى العالمي، وفق خبراء ومسؤولين. وقال هؤلاء: «إن تبني الدولة لقيم التسامح والتعددية الثقافية واحتضانها أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة، شكل عاملاً حاسماً مكن الدولة من تصدر وجهات الاستثمار والعمل والابتكار، في ظل قاعدة ثابته مفادها أن الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية والمواهب تتجه حصراً إلى الوجهات الآمنة المتسامحة والتي تقبل ثقافة الآخر وقيمه وعاداته». وضمن المؤشرات العالمية التي اعتمدت التسامح والسلام معياراً إلى جانب معايير أخرى لقياس تنافسية وجاذبية وازدهار الدولة، حلت الإمارات في المرتبة الأولى شرق أوسطياً والحادية عشرة عالمياً على صعيد مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، والمرتبة السابعة عشرة عالمياً والأولى عربياً في تقرير التنافسية العالمية 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما حافظت الدولة على جاذبيتها للاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة باستقطابها تدفقات نقدية بلغت 10.4 مليار دولار 2018. وقالوا: «إن مبادرات الإمارات في مجالي التسامح والمسؤولية المجتمعية، خلال الفترة الأخيرة، دلائل رمزية قوية أعلنت من خلالها عزمها قيادة الدفة في هذه المجالات، انطلاقاً من إرثها الحافل بالخير والتسامح وحاضرها الريادي الممكن للارتقاء والتقدم على هذه الصعد». قيم التسامح قال ماجد سيف الغرير رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، لـ «الاتحاد» إن العلاقة بين التسامح والمسؤولية المجتمعية علاقة وثيقة، حيث يؤثر كل منهما طردياً في الآخر. وأوضح: «من جهة يسهم ترسخ مفاهيم التسامح لدى الشركات العاملة في الدولة في زيادة حرصها على المساهمة في ارتقاء وتقدم أفراد المجتمع عبر بوابة المسؤولية المجتمعية، كما تغذي تلك المساهمات تسامح الأفراد اتجاه قبول منتجات الشركات وعملياتها التجارية». وأوضح الغرير أن العديد من الدراسات العلمية الحديثة أكدت على العلاقة الوطيدة بين المسؤولية المجتمعية للشركات وتحسن سمعتها وقدراتها التنافسية، كما يكون لترسخ ثقافة المشاركة والمساهمة والتسامح دور بارز في الارتقاء بالتنافسية الاقتصادية للدولة على المستوى العالمي. ولفت الغرير إلى أن التأثير الإيجابي للمسؤولية المجتمعية في الإمارات تجلى على نحو واضح مع نضوج قطاع الأعمال في الدولة، وإظهار رغبته الملحة في المساهمة في مسيرة التنمية المجتمعية التي تهدف إلى إسعاد سكان الدولة وترسيخ قيم التسامح. وأوضح أن الشركات العالمية والوطنية وباقي الشركات الأجنبية العاملة في الدولة، باتت تبدي حرصاً بالغاً بتقديم المساهمات المجتمعية ما يجعلها جزءاً فاعلاً في مسيرة التنمية المجتمعية، كما كانت مساهماً في مسيرة التنمية الاقتصادية. وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي: إن قانون الشركات الصادر منتصف العام 2016 ينص على أن تقوم الشركات المساهمة العامة بتقديم مساهمات طوعية للمسؤولية الاجتماعية للشركات في حدود 2% من صافي الأرباح المحققة، لافتاً إلى أن العديد من الشركات، لاسيما العالمية والوطنية، وغيرها من الشركات الأجنبية، تتجاوز مساهمتها هذه النسبة من خلال إطلاقها لمبادرات مبتكرة تركز على قيم الارتقاء بالفرد وتحسين البيئة ودعم أصحاب الهمم. مبادرات عالمية من ناحيته، قال أفين جيدواني، الرئيس التنفيذي لشبكة «بي إن سي نتورك» للأبحاث، إن الفترة منذ بداية العام 2018 وحتى الآن كانت حافلة بمبادرات التسامح الإماراتية، ما أرسل إشارات قوية لدول العالم تؤكد أن الدولة عازمة على الحفاظ على مكانتها المتميزة في قيادة دفة التسامح وقبول الآخر في المنطقة العربية. وأضاف جيدواني، أن الدلالة الرمزية القوية لزيارة البابا فرنسيس إلى المنطقة، والتي كان شعارها المحبة والسلام، والأولمبياد الخاص الذي أقيم في منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى، عززت من السمعة الدولية للإمارات داخل مجتمع المال والأعمال الدولي. وقال: «إن هذه المبادرات الإماراتية للتسامح يمتد تأثيرها الإيجابي ليرتقي بالمنظومتين الاجتماعية والاقتصادية للدولة، ما يعزز تنافسية الدولة وقدرتها على جذب الاستثمارات والمواهب». وأضاف أن ترسخ قيم التسامح جعلها في صدارة وجهات الاستثمار والعمل والابتكار، انطلاقاً من قاعدة ثابتة مفادها أن الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية لا تتجه إلا إلى الوجهات الآمنة المتسامحة والتي تقبل ثقافة الآخر وقيمه وعادته. التنافسية العالمية من جانبه، قال محمد المطوع الرئيس التنفيذي لمجموعة «الوليد» العقارية: «إن ترسخ ثقافة التسامح يعد أحد دعائم التنافسية الاقتصادية، لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما يعد أكثر العوامل تحفيزاً للشركات لزيادة مساهمتها المجتمعية، كون هذه الشركات تمثل جزءاً حيوياً من نسيج المجتمع الإماراتي، كما أنها جزء من نسيج الاقتصاد الوطني». وأضاف المطوع: المساهمات المجتمعية للشركات ترسخ التسامح وتجسد التلاحم بين فئات المجتمع، وتصب في مصلحة الارتقاء بجودة الحياة في الدولة، والمحافظة على مكتسباتها الاقتصادية والمجتمعية التي حققتها على مدار سنوات. وشدد على الدور الفاعل للشركات الوطنية في مجال المسؤولة المجتمعية، لاسيما في مجال تطوير الكوادر الوطنية، وإطلاق العنان للطاقات الوطنية الكامنة التي يمكنها تقديم الكثير. وأفاد بأنه على الرغم من حداثة مفهوم المسؤولية المجتمعية في المنطقة والعالم، فإن الإمارات حافظت على مكانتها في الصدارة، لانسجامها مع تعاليم الدين الإسلامي السمحة التي تحفز على العمل الجماعي والتكاتف والتعاون. وتعد المسؤولية المجتمعية للشركات أحد أشكال مختلفة من الأنشطة التطوعية التي تقوم بها الشركات لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، بحيث يكون لتلك الأنشطة أثر إيجابي على البيئة العامة التي تعمل فيها تلك الشركات. ربحية الشركات من جهته، قال شريف كامل الرئيس الإقليمي لـ «شبكة اللاينس» العالمية للأعمال في روسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، إن العلاقة الوطيدة بين المسؤولية الاجتماعية للشركات وترسيخ ثقافة التسامح تسهم في الارتقاء بتنافسية الدولة وقدرتها على استقطاب المواهب ورؤوس الأموال الأجنبية. وأوضح أن زيادة وفعالية المساهمات المجتمعية للشركات لا تخلو من فوائد مباشرة على الشركة ذاتها، حيث تلعب هذه المشاركات دوراً بارزاً في انخراطها في النسيج المجتمعي وتحسن من سمعتها وصورتها الذهنية لدى المتعاملين. وأضاف كامل، أن العديد من الدراسات أثبت العلاقة بين المساهمات المجتمعية وثلاثة عناصر مهمة متعلقة بنشاط الشركات وهي التنافسية المستدامة، والسمعة، ورضا العملاء. وذكر أن هذه الدراسات أشارت أيضاً إلى أن المساهمات المجتمعية للشركات يكون لها تبعات إيجابية عند تصنيف الشركات لدى الجهات الحكومية ووسائل الإعلام، لاسيما عندما تتميز أنشطة الشركات في مجال المسؤولية المجتمعية بالفعالية والتأثير. وأشار إلى أن المسؤولية المجتمعية تعد إحدى النوافذ الفاعلة لتعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي ما يعود بالنفع على المجتمع، كما يتم استخدام المسؤولية الاجتماعية للشركات أحياناً باعتبارها جزءاً من عناصر تقييم تنافسية الشركات والمجتمعات بشكل عام. عبدالله لوتاه: الإمارات تتبوأ المراكز الأولى بمؤشرات التسامح وقبول الآخر قال عبدالله لوتاه، المدير العام للهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء:«إن التسامح والسلام وقبول الآخر تشكل معياراً مشتركاً في العديد من الدراسات والتقارير التي تتصدى لقياس تنافسية وجاذبية وازدهار الدول، في دلالة واضحة لأهمية ثقافة التسامح ودورها الإيجابي على هذه الصعد». ولفت لوتاه، إلى أنه في الوقت الذي تتبوأ فيه دولة الإمارات مكانة متميزة في مؤشرات التنافسية على المستوى العالمي، جاءت الدولة أيضاً في المرتبة الثالثة عالمياً على مؤشر التسامح. ونوه إلى أن تحقيق دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والتاسعة عشرة عالمياً في «مؤشر تنافسية المواهب» العالمي، استناداً إلى ما كشف عنه أحدث إصدار للتقرير لعام 2019 والصادر عن كلية «إنسياد» في فرنسا، يمثل شهادة عالمية جديدة لرعاية الدولة لمختلف المواهب على اختلاف ثقافاتهم. وأوضح لوتاه أن الإمارات جاءت من بين أفضل 15 دولة عالمياً في ستة من 14 مؤشراً وهي المركز الثاني في الانفتاح على المواهب من الخارج، والمركز الخامس في بيئة الأعمال والعمالة، والمركز العاشر في قابلية التوظيف، والمركز 12 في الانفتاح على المواهب من داخل الدولة، والمركز 13 في التعلّم المستمر، والمركز 15 في أوضاع السوق. وأوضح لوتاه أن دولة الإمارات حققت وبشكل متواصل المراكز الأولى في أهم مؤشرات وتقارير التنافسية العالمية، وأبرزها مؤشر «سهولة التوظيف» و«إنتاجية العمل لكل موظف» و«التسامح مع المهاجرين» و«جذب الطلاب الدوليين». وتربعت الإمارات على صدر المراكز الأولى في مؤشر «التسامح مع الأجانب» في 3 تقارير دولية هي: الكتاب السنوي للتنافسية العالمي، وتقرير مؤشر الازدهار الصادر عن «ليجاتم»، وتقرير مؤشر تنافسية المواهب العالمية الصادر عن معهد «إنسياد». وأكد أنه من خلال التفوق الإماراتي اللافت في المحاور المشار إليها، يمكن استنتاج مدى متانة العلاقة بين ثقافة التسامح ومقدرة الشركات على اجتذاب والاحتفاظ بالمواهب وذوي الكفاءات. وأكد لوتاه، أن الإمارات جعلت من الحوار والسلام والتعايش نهجاً ورسخت ثقافة التسامح ليكون أسلوباً للحياة في المجتمع، وتمكنت من أن تجمع بين مختلف الثقافات على أرضها، في انعكاس لقيم الإنسان الإماراتي وإيمانه بالتسامح والاعتدال والتفاهم والتكامل. وأضاف أن ترسخ قيم التسامح والتأكيد دوماً على قبول الآخر فكرياً وثقافياً ودينياً وطائفياً يوفر البيئة الخصبة لمبادرات المسؤولية المجتمعية للشركات، والتي تزيد العلاقة الوطيدة للشركات مع مكونات النسيج المجتمعي.

مشاركة :