أصدر المترجم والكاتب المغربي محمد آيت حنا، مؤخراً، الترجمة العربية الأولى لكتاب «الدهشة الفلسفية» لمؤلفته جان هِرش، وفي إشارة من المؤلفة تقدمها لنا في توطئة الكتاب، الذي أصدرته دار الجمل في بيروت وبغداد، تقول فيه: «ليس هذا العمل تاريخاً تقليدياً للفلسفة، وإنما هو فقط محاولة أصبو عبرها إلى أن أبرز، عبر نماذج مختارة تنتمي إلى تاريخ يمتد لألفي سنة من الفكر الغربي، كيف استبدت الدهشة ببعض من بني جنسنا، تلك التي منها ولدت الفلسفة، ما كانت طبيعة تلد الدهشة؟ ما المناسبة التي شهدت ميلادها؟ وكيف تم التعبير عنها؟». وتقول المؤلفة: «لا يسعني هنا أن اتبع أثارها بشكل متواصل، ولا أن أقدم عنها عرضا يكاد يكون شاملا. وإنما سأختار متعمدة بعض الأسماء، حتى أرتبط ببعض النقط المرجعية، بعض منعطفات التفكير، بعض اللحظات المميزة حيث تعمل نظرة جديدة أو نظرة ساذجة على إثارة بعض الأسئلة الجوهرية التي ما تنفك تطرح نفسها، مهما عملنا على مجانبتها وحجبها بالثرثرة والابتذال. أن نندهش، تلك هي الخصيصة المميزة للإنسان، وهذا العمل سعي لبعث تلك الدهشة، وفيه سيعرف القارئ/ (أو) هذا ما أتمناه، قدرته على الدهشة، في دهشة غيره، سيتمكن من التعرف عليها. سيقول: «بلى» إن الأمر على هذا النحو، كيف لم يخطر ذلك ببالي قبل اليوم، تلكم هي سيرورة الإنسان الخلاقة، السيرورة التي بوسعها أن تقود القارئ إلى أن يتفلسف بنفسه». وتتمنى مؤلفة هذا الكتاب أن تمد القارئ بالنزر الكافي من الأدوات الكفيلة بمساعدته على التعبير عن دهشته، أو أقله على قراءة نصوص أولئك الذين «دهشوا» قبله، مشيرة إلى أنه ما يزال بوسع إنسان القرن العشرين أن «يندهش» أو أن يتعجب على الأقل؟ مؤكدة على إننا نحيا في عصر العلم، إننا نعتقد في كوننا نعرف كل شيء، أو على الأقل، نستطيع معرفة كل شيء. لكن، سنظل ثمة دائما بشر يندهشون، إن الدهشة هي أساس الشرط الإنساني، ولا يكفي أن يعاصر المرء كبار العلماء حتى يفلت من نير الجهل. بل إن من الفيزيائيين أنفسهم من لا يكف عن الاندهاش – لا أقصد «أنصاف الفيزيائيين و«أرباعهم»، وإنما أعظم الفيزيائيين، وذلك أن كتبهم مليئة بالدهشة الفلسفية والميتافيزيقية الشبيهة باندهاش الأطفال. وتضيف: سنباشر أولا دهشة الناس الذين عاشوا في بداية العصر اليوناني القديم، والذين «دهشوا» حوالي القرن السادس قبل الميلاد، في اليونان الكبرى وآسيا الصغرى وصقلية. ولن نسارع إلى إصدار حكم من قبيل: «أي أسئلة سخيفة طرحوها، وأي أجوبة سخيفة وجدوها! إن كل ذلك قد صار اليوم بلا أهمية». تجدر الإشارة إلى أن مترجم الكتاب محمد آيت حنا، سبق له أن نقل إلى العربية رواية «الغريب» لأبير كامو، كما صدرت له عن دار الجمل ترجمة كتاب كاظم جهاد: «حصة الغريب، شعرية الترجمة وترجمة الشعر عند العرب» وله كتاب «الرغبة والفلسفة، مدخل إلى قراءة دلوز وغوتاري».
مشاركة :