خبراء: عدم استحداث تخصصات لمهن تحتاجها سوق العمل «ثغرة جامعية»

  • 5/12/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

اتفق خبراء وأكاديميون وبرلمانيون ومسؤولون في مؤسسات حكومية وخاصة، على أن جامعات الدولة تعاني ما وصفوه بـ«ثغرة»، تتعلق بعدم استحداث تخصصات لمهن حيوية يحتاجها سوق العمل، أبرزها في قطاعات الفندقة ورعاية أصحاب الهمم والتمريض، فيما أشارت وزارة التربية والتعليم، إلى أنها تجري مسحاً ميدانياً بشكل ربع سنوي، لمراجعة البرامج الدراسية غير المطلوبة، والنظر إلى التخصصات الحيوية التي تحتاج إلى فتح مساقات جديدة تلبي احتياجات السوق بشكل دوري، بالإضافة إلى تنفيذ ربط مع عدد من جهات العمل، للوقوف على أحدث التخصصات التي تدخل سوق العمل بالدولة، لقياس إمكانية ضمها إلى المساقات التعليمية بالجامعات. وأبدى مسؤولون في مؤسسات حكومية وخاصة، استغرابهم لما وصفوه بـ«عدم اكتراث» الجامعات الموجودة بالدولة لتطوير وتوسيع قاعدة برامجها ومساقاتها، لتضم العديد من التخصصات الحيوية شديدة الأهمية، التي بات يحتاجها سوق العمل في الدولة، مثل التمريض والتربية الخاصة (أصحاب الهمم) والبيئة، والزراعة، والسياحة والفندقة. وأكدوا لـ«الإمارات اليوم» أن عدد البرامج المطروحة في هذه التخصصات قليل جداً، بالإضافة إلى أنها برامج عامة، وتقف دراسة معظمها عند درجة البكالوريوس، ولا يجد خريجوها طريقاً لاستكمال دراساتهم العليا إلا بالسفر إلى الخارج. قال المدير التنفيذي للشؤون الأكاديمية في شركة «صحة»، الدكتور علي عبدالكريم العبيدلي: «تتطلع شركة صحة للتعاون مع المؤسسات الأكاديمية في دولة الإمارات، لإطلاق مسارات علمية متخصصة في التمريض، ومسارات ما بعد البكالوريوس، بهدف تشجيع المواطنين من الجيل الجديد على العمل في هذا القطاع الحيوي، كما تعمل في الوقت نفسه على زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع، بأهمية مهنة التمريض، وضرورة تشجيع أبناء الإمارات من الشباب والفتيات على الانخراط في هذه المهنة الإنسانية النبيلة». فيما أوضحت المديرة التنفيذية لشؤون التمريض والقبالة والمهن الصحية المساندة، في شركة «صحة»، الدكتورة عائشة المهري، أن البرامج الجامعية المطروحة من قبل مؤسسات التعليم العالي داخل الدولة في مجال التمريض لا تغطي التخصصات المطلوبة في قطاع التمريض، مؤكدة أهمية الحاجة إلى تخصصات أكاديمية أكثر على مستوى الماجستير، بالإضافة إلى احتياج القطاع الطبي في الدولة إلى برامج دكتوراه في التمريض، وكذلك برنامج بكالوريوس في القبالة. وأشارت المهري إلى أن نسبة التوطين في مجال التمريض بإمارة أبوظبي لا تتعدى 1% فقط، وذلك بسبب عدد من التحديات، تشمل بيئة العمل الجاذبة، وعدم وجود سلّم وظيفي واضح يعمل على استبقاء الكادر المواطن في المهنة، بالإضافة إلى عدم وجود فرص تعليمية في التخصصات التمريضية الأعلى، خصوصاً أن الشباب المواطن يتطلع دائماً للحصول على درجات تعليمية أكبر، لذلك فإن وجود تخصصات أكاديمية في الماجستير والدكتوراه سيعزز من استبقائهم في المهنة. فيما أوصى مؤتمر «صحة» الدولي الأول لتميز التمريض، الذي نظمته شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، أخيراً، بضرورة إعطاء مهنة التمريض المزيد من الاهتمام، عبر توفير الجهات المختصة، والمؤسسات الأكاديمية مسارات علمية عليا للممرضين، وبرامج تعليمية وتدريبية للدراسات العليا والتخصص في مهنة التمريض، مشيراً إلى أهمية توفير برامج علمية وعملية من أجل التعلم المستمر. من جانبه، أكد مدير إدارة مشاريع مكافحة آفات الصحة العامة في مركز إدارة النفايات أبوظبي (تدوير)، المهندس محمد المرزوقي، وجود حاجة ملحّة لاستحداث تخصصات جامعية في مجال مكافحة الآفات، مشيراً إلى أن معظم الجامعات الإماراتية لا تُدرّس هذا المساق بالتفصيل، إذ تركز على تخصصات في المبيدات والتصنيف، ولكن لا يوجد متخصصين في إدارة مكافحة الآفات بشكل كامل. وشدّد المرزوقي على أن قلة الخبراء الموجودين في هذا المجال، يجب أن تكون دافعاً لافتتاح مساقات دراسية متعلقة بآفات الصحة العامة، حتى تكون داعمة ورافدة في هذا المجال، ليتم من خلالها إعداد كوادر وطنية متخصصة، خصوصاً أن أعداد المواطنين الموجودين في هذا المجال قليلة جداً، وحصلوا على خبراتهم من خلال الدراسة وحضور الورش والمؤتمرات المتخصصة التي تعقد في الخارج. ودللت مديرة مركز الإمارات للتوحد، أمل صبري، على أهمية توسع الجامعات في استحداث برامج وتخصصات لرعاية أصحاب الهمم، بارتفاع كلفة دمج طلبة التوحد في المدارس، والتي أكدت أن السبب الرئيس يتمثل في نقص التخصصات الجامعية التي ترفد سوق العمل بخريجين متخصصين في هذا المجال (معلم الظل)، لافتة إلى أن هذا النقص يؤدي إلى الاعتماد على غير المواطنين، الذين يتطلب استقدامهم كلفة مالية أعلى، ما يسهم في زيادة الكلفة التشغيلية للمراكز. وأكد مسؤول في أحد الفنادق، كرم فخري، أن أعداد المواطنين العاملين في قطاع الضيافة والفندقة قليلة جداً، معظمهم يشغل وظائف إدارية، ومناصب عليا، ولكن نادراً ما تجد مواطناً في خدمة العملاء، أو في أقسام أخرى، مشيراً إلى أن نقص الكادر المواطن في هذا المجال يعود في المقام الأول إلى قلة البرامج الأكاديمية المطروحة، وبالتالي لا يوجد خريجون يبحثون عن فرص وظيفية في هذا المجال. وأشار فخري إلى أن قطاع الفندقة في دولة الإمارات يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية، ومن ثم فإن اهتمام الجامعات بفتح مساقات دراسية في السياحة والفندقة يسهم في خلق جيل متخصص ومهني من المواطنين، ويدعم نجاح خطط التنمية السياحية في الإمارات. ربط التخصص بسوق العمل من جهتها، شدّدت رئيسة لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام، بالمجلس الوطني الاتحادي، ناعمة عبدالله الشرهان، على أهمية ربط وتوجيه التخصصات والبرامج الأكاديمية لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل الفعلية، من خلال منظومة متكاملة توجّه القطاع التعليمي وفق احتياجات سوق العمل خلال خمس سنوات مقبلة، وليس في عامين أو ثلاثة، لاسيما في ظل تغير متطلبات السوق باستمرار، نظراً للتطور الحاصل. وقالت الشرهان: «سوق العمل بحاجة إلى قاعدة بيانات توضح توجهاته في المستقبل، لكي يحصل الخريجون على أفضل الخيارات عند انخراطهم فيها، بدلاً من اعتماد الطالب على موروثات وثقافة معينة عند اختيار التخصص، منها طموح الوالدين في مهن محددة للأبناء، دون إدراك لاختلاف سوق العمل الذي تنامت فيه الخيارات، وخصوصاً القطاع الخاص الذي سجل فيه العديد من الخريجين المواطنين نجاحات باهرة». في المقابل، أظهرت نتائج دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم عن «التخصصات المطلوبة في سوق العمل»، أهمية التوسع في استحداث تخصصات جامعية متعمقة بدلاً من دراسة التخصصات العامة، حيث يزداد الطلب في سوق العمل على مثل هذه التخصصات. وذكرت أن تخصصات المحاسبة والمالية ظهرت كأعلى طلباً في سوق العمل، مقارنة بتخصص إدارة الأعمال، كما تفوقت تخصصات الطفولة المبكرة والتربية الخاصة على تخصص التدريس العام. وقال وكيل الوزارة للشؤون الأكاديمية للتعليم العالي، الدكتور محمد إبراهيم المعلا، لـ«الإمارات اليوم»: «وزارة التربية والتعليم تقوم بشكل دوري، بمراجعة البرامج الدراسية غير المطلوبة، والتخصصات الحيوية التي تحتاج إلى فتح مساقات جديدة لتلبية خطط الدولة التنموية، واحتياجات سوق العمل، كما نعمل أيضاً مسحاً لخريجي مؤسسات التعليم العالي، بشكل ربع سنوي، لمعرفة نسب التوظيف بينهم، وأماكن التوظيف، وأسباب عدم حصول البعض على وظائف، ونعطي النتائج للجامعات، لتتعرف إلى البرامج المطلوبة والبرامج التي تشبّع السوق منها، ولم تعد تلبي احتياجاته». وأضاف المعلا: «تأتينا طلبات من قطاعات سوق العمل المختلفة، تحدد التخصصات التي تحتاجها، والوزارة بدورها تعمل مع الجامعات على فتح برامج أكاديمية، تهدف إلى تلبية هذه الاحتياجات، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل حالياً على مراجعة برامج التربية في الجامعات، لتغطية احتياجاتها من معلمي الحلقة الثالثة، التي تتطلب خريجين متخصصين في المواد، وليس تخصص معلم عام، لاسيما بعد أن تمت تغطية الاحتياجات في الحلقتين الأولى والثانية». ودعا مقرر لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام، حمد أحمد الرحومي، إلى ضرورة استحداث قاعدة بيانات لدى وزارة التربية والتعليم، تُعنى بمخرجات التعليم العالي، ومدى توافقها مع سوق العمل، بالإضافة إلى توافر الخطط والسياسيات للتنسيق مع قطاعات سوق العمل، من أجل إعداد الخريجين للعمل، مشيراً إلى أن المجلس كان قد رفع توصيات في شأن هذا الموضوع إلى مجلس الوزراء، تضمنت إنشاء قاعدة بيانات حكومية مركزية، لاحتياجات سوق العمل حاضراً ومستقبلاً، وربط هذه القاعدة بكل مؤسسات التعليم العام والعالي، وجهات الابتعاث بالدولة، لتحديد أولوية التخصصات المطلوبة. وقال: «كما شملت التوصيات مقترحاً بربط بحوث مؤسسات التعليم العالي باستراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل والخطة الوطنية للابتكار تحت مظلة الهيئة الوطنية للبحث العلمي، ومنح فرص التعليم لأبناء الدولة، بفتح كليات للجامعات الحكومية في بعض المناطق، مع استحداث تخصصات تواكب متطلبات سوق العمل، ما سيسهم في تقليل الكلفة الإجمالية للطالب، بالإضافة إلى إعداد دراسة لاستحداث نظام التأهيل المهني والفني، من خلال استحداث كليات ومعاهد لاستيعاب الطلبة الراغبين للالتحاق بها». ماجستير «العناية التمريضية» كشفت القائمة بأعمال عميد كلية العلوم الصحية في جامعة الشارقة، الدكتورة أمينة المرزوقي، عن استحداث برنامج ماجستير في العناية التمريضية الحرجة في الكلية، خلال الفترة القريبة، مشيرة إلى أن برنامج البكالوريوس في هذا البرنامج سينقسم إلى القسم العام، الذي يستقطب طلبة الثانوية العامة، وقسم التجسير للحاصلين على دبلوم تمريض، ويتيح لهم متابعة تحصيلهم العلمي للحصول على بكالوريوس التمريض. وأفادت خلال مشاركتها في مؤتمر «تميز التمريض» بأن البرنامجين حاصلين على الاعتماد الأكاديمي من وزارة التربية والتعليم، ويتم حالياً التحضير للحصول على الاعتماد الدولي. استشراف مستقبل سوق العمل اعتبر تقرير رسمي لوزارة التربية والتعليم، أن البيانات جزء لا يتجزأ من منظومة التعليم العالي من ناحية السياسات والاستراتيجية، لافتاً إلى أن تأخر الوزارة في توفير هذه البيانات في السابق، كان يرجع لانقطاع العلاقة بين الوزارة والطالب فور تخرجه. وقال التقرير الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه: «تداركت الوزارة هذا الخطأ مع الهيكل الجديد، إذ استحدثت إدارة معنية بشؤون الخريجين وسوق العمل، ومن اختصاصات هذه الإدارة متابعة الخريجين، والقيام بإحصاءات لسوق العمل، وتحديث سياسة التعليم العالي بناءً على هذه الإحصاءات، كما تعنى هذه الإدارة بالنظر إلى التخصصات التي يطلبها سوق العمل، وتوجّه الإرشاد الأكاديمي لإرشاد الطلبة إلى التخصصات المطلوبة». وكشف التقرير عن اتجاه الوزارة للتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتوطين، وجهات عمل بالقطاع الخاص، عبر تأسيس لجنة مشتركة تعطي الوزارة «تغذية راجعة» بالنسبة إلى المهارات المتوقعة والمطلوبة في سوق العمل مستقبلاً، للعمل على ربطها بالمعايير الأكاديمية. • %1 نسبة التوطين في مجال التمريض بأبوظبي. طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :