يعتقد البعض أن عزوف المستثمرين عن تداولات الأسهم خلال شهر رمضان الكريم سمة من سمات الأسواق المالية المحلية، نتيجة التغير في نمط التعاملات والهدوء الذي ينتاب قاعات التداول، إلا أن هناك عدة عوامل أخرى تبرئ شهر الصيام من تراجع أحجام وقيم التداولات وتراجع شهية الشراء خلال الجلسات الأخيرة، يتقدمها لجوء قطاع عريض من المستثمرين للانتظار حتى نهاية إفصاح الشركات المدرجة عن البيانات المالية الفصلية، إلى جانب العوامل الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة. وقال محللون ماليون، لـ«الاتحاد» إن حالة الهدوء الموسمي التي تطال عمليات التداول في الأسواق المالية خلال الجلسات الأولى من شهر الصيام، لا تعدو أنها تغيير في السلوك اليومي للمتعاملين، مؤكدين أن هذا التغيير السلوكي لا يستمر سوى 3 جلسات على أكثر تقدير، حتى تعود طبيعة التعاملات إلى سابق عهدها، خصوصاً أن الجهات التنظيمية والرقابية عن الأسواق المحلية، ممثلةً في هيئة الأوراق المالية، قررت الإبقاء على مواعيد جلسات التداول خلال رمضان من دون تغيير، بحيث تبدأ من العاشرة صباحاً وحتى الثانية من بعد الظهر. وأضاف هؤلاء أن العوامل الأكثر تأثيراً على قيم وأحجام التداولات منذ بداية الشهر الكريم، تتمثل في الضغوط البيعية التي تستهدف الأسهم الكبرى نتيجة عمليات جني أرباح بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها تلك الأسهم خلال شهر أبريل الماضي، ما يقلص من فرص الدخول الشرائي خصوصاً مع الغياب الواضح للتعاملات المؤسساتية وتراجع المحافظ عن قنص الفرص الاستثمارية المتاحة بالأسواق المحلية، نتيجة تركز تداولات الأجانب على تغطية مراكزها المكشوفة بالأسواق العالمية التي شهدت انخفاضات متلاحقة خلال الجلسات الأخيرة، نتيجة استمرار النزعات التجارية بين أميركا والصين. عزوف استثماري وقال وضاح الطه المحلل المالي، إن عملية عزوف المستثمرين عن التداولات خلال شهر رمضان لا تستمر سوى 3 جلسات على أكثر تقدير نتيجة تغير سلوك المتعاملين مع بداية الشهر الكريم، مؤكداً أن شهر الصيام «بريء» من تدني مستويات التداولات، خصوصاً أن معظم التعاملات تتم بشكل إلكتروني، لافتاً إلى أن تراجع الشهية الاستثمارية جاء نتيجة العديد من العوامل الأخرى التي تمتد آثارها على مستوى الأسواق المالية بالمنطقة والعالم، ومنها على سبيل المثال تجدد النزعات التجارية بين أميركا والصين بعد تصريحات الرئيس الأميركي بفرض رسوم على واردات بلاده من الصين تصل إلى 25%. وأضاف الطه أن هناك حالة من القلق والتردد في الدخول الشرائي على الأسهم خلال الجلسات الأخيرة والتي تزامنت مع بداية الشهر الكريم، إلا أن هذه الحالة سببها الأول العوامل الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة بالتزامن مع بدء سريان حظر تصدير النفط الإيراني، والتهديدات الإيرانية بغلق مضيق «هرمز»، مؤكداً أن كل هذه العوامل والتحديات تلقي بظلالها على تعاملات المستثمرين بالأسواق المالية، خصوصاً الاستثمار المؤسسي والأجنبي اللذين يشكلان النسبة الأكبر من سيولة الأسهم. الأسواق تترقب من جانبه، قال طارق قاقيش، مدير إدارة الأصول لدى مجموعة «المال كابيتال»، إن الجلسات الأخيرة التي شهدتها قاعات التداول بالأسواق المحلية أثبتت بالفعل عدم وجود أي علاقة بين تراجع مستويات سيولة الأسهم وبين شهر الصيام وما يتم تداوله عن تفرغ المتعاملين للعبادة، مؤكداً أن مؤشرات الأسواق تمر حالياً بحالة من الترقب والانتظار حتى تتضح الرؤية فيما يتعلق بالعوامل الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة، فضلاً عن استكمال إعلان الشركات المدرجة. وأضاف قاقيش أن غياب التداولات المؤسساتية ما زال يمثل العامل الأكبر في تراجع السيولة التي تترقب الإعلان عن مزيد من المحفزات، للدخول مرة أخرى واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بالأسواق، خصوصاً مع بلوغ أسعار الأسهم القيادية إلى مستويات مغرية للشراء، متوقعاً أن تعاود مؤشرات الأسواق المحلية الصعود بمجرد ظهور محفزات جديدة تعززها دخول سيولة أجنبية ومؤسساتية. تحركات عرضية وقال جمال عجاج إن مؤشرات الأسواق ما زالت تمضي في تحركاتها العرضية نتيجة تواضع مستويات السيولة، مؤكداً أن تراجع شهية الشراء لدى قطاع عريض من المستثمرين كانت «متوقعة» نتيجة حالة الهدوء النسبي التي تنتاب الأسواق في مثل هذه المواسم التي تتزامن مع الإعلان عن النتائج الفصلية للشركات المدرجة، مؤكداً أن انتعاش سيولة الأسواق خلال الشهر الكريم مازال مرهوناً بظهور محفزات قوية، خصوصاً على صعيد الشركات المدرجة. وأكد عجاج أن موسم الهدوء تزامن أيضاً مع مرور المنطقة بحالة من الترقب نتيجة تصاعد التوتر بشأن التهديدات الإيرانية، فضلاً عن التراجعات المتلاحقة التي شهدتها مؤشرات الأسواق العالمية نتيجة تجدد النزاعات التجارية بين أميركا والصين، مؤكداً أنه ينتظرها نشاط ملحوظ بعد نهاية شهر رمضان وانتهاء عطلات عيد الفطر، خصوصاً أن هذه الفترة ستكون خلال يونيو، التي عادة ما تشهد بدء التوقعات لنتائج الشركات النصفية. 220 مليون درهم تعاملات الأسواق المحلية سجلت قيمة تداولات المستثمرين في الأسواق المالية المحلية، خلال جلسة تعاملات أمس، نحو 220.1 مليون درهم، بعدما تم التعامل مع أكثر من 139.1 مليون سهم، من خلال تنفيذ 3073 صفقة، حيث تم التداول على أسهم 56 شركة مدرجة. ونجح مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية، في تغيير مساره السلبي السائد خلال جلسات الأسبوع الماضي، ليغلق مع نهاية جلسة أمس مرتفعاً بنسبة 0.9% عند مستوى 5098 نقطة، بعدما تم التعامل على أكثر من 40 مليون سهم، بقيمة بلغت 98.8 مليون درهم، من خلال تنفيذ 1264 صفقة، حيث تم التداول على أسهم 23 شركة مدرجة. فيما واصل مؤشر سوق دبي المالي، مسيرة التراجع بفعل ضغوط بيع طالت معظم الأسهم القيادية والمنتقاة، ليغلق على انخفاض بنسبة 1.6% عند مستوى 2629 نقطة، بعدما تم التعامل على 99.1 مليون سهم، بقيمة بلغت 121.9 مليون درهم، من خلال تنفيذ 1809 صفقات، حيث تم التداول على أسهم 33 شركة مدرجة. وفي سوق أبوظبي للأوراق المالية، تصدر سهم «دانة غاز» مقدمة الأسهم النشطة بالكمية، بعدما تم التعامل على أكثر من 7.3 مليون سهم، ليغلق على تراجع عند سعر 0.913 درهم، فيما تصدر سهم «أبوظبي الأول» قائمة الأسهم النشطة بالقيمة، مسجلاً 37.8 مليون درهم، ليغلق على ارتفاع عند سعر 15.9 درهم، رابحاً 3 فلوس عن الإغلاق السابق. وفي دبي، جاء سهم «الاتحاد العقارية» في صدارة الأسهم النشطة بالكمية، مسجلاً كميات تداول بلغت 22.5 مليون سهم، ليغلق على تراجع بنسبة 4.76% عند سعر 0.340 درهم، فيما تصدر سهم «دبي الإسلامي» الأسهم النشطة بالقيمة، مسجلاً 22.1 مليون درهم، ليغلق على تراجع بنسبة 0.39% عند سعر 5.11 درهم، خاسراً فلسين عن الإغلاق
مشاركة :