بدأت أحزاب المعارضة التركية الصغيرة، والتي حصلت على عشرات الآلاف من أصوات الناخبين في إسطنبول، بتنفيذ وعودها بدعم أكرم إمام أوغلو في الانتخابات المزمع إجراؤها في يونيو القادم، وذلك بعد أن بدأ مرشحو هذه الأحزاب بالانسحاب لصالحه، وتوجيه قواعدهم الانتخابية لإعطاء أصواتهم له، فيما رفضت هيئة الانتخابات التركية طلب المعارضة بإعادة الانتخابات في عموم البلاد. وحصل مرشح المعارضة الرئيسي لمنصب عمدة إسطنبول على دعم حزب يساري صغير آخر الأحد، في خطوة من شأنها أن تمنحه عددا صغيرا من الأصوات الإضافية، لكنها ستكون حاسمة في جولة الإعادة.وقال معمر إيدن مرشح حزب اليسار الديمقراطي في تغريدة على تويتر “لقد انسحبت من الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول عن حزب اليسار الديمقراطي”، فيما تتجه عدة أحزاب صغيرة إلى دعم الرجل اعتراضا على قرار إعادة التصويت. وجمع إيدن، الذي وصف قرار اللجنة بأنه غير قانوني، أكثر من 30 ألف صوت في التصويت الأصلي يوم 31 مارس الماضي، فيما فاز إمام أوغلو بهامش 13 ألف صوت فقط من بين 10 ملايين شخص لهم حق التصويت. وجاء الإعلان بعد أيام فقط من انسحاب الشيوعيين الذين حصدوا 10500 صوت من السباق لدعم مرشح حزب الشعب الجمهوري. وكان حزب السعادة الإسلامي الذي حصل مرشحه نجدت جوكجنار على أكثر من 100 ألف صوت، قد عقد اجتماعا طارئا، بعد إعلان قرار إعادة الانتخابات. وقال جوكجنار “أنا مستعد للانسحاب لصالح إمام أوغلو، وسأنتظر قرار حزبي”. وكان الانتصار المفاجئ لأكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات التي جرت في مارس، المرة الأولى خلال 25 عاما التي يخسر فيها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس طيب أردوغان أو أسلافه الإسلاميون السيطرة على إسطنبول. وأُعلن إمام أوغلو فائزا برئاسة بلدية إسطنبول في أبريل الماضي بتفوقه على رئيس الوزراء السابق ومرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم بعد أسابيع من المشاحنات بشأن النتيجة وعقب إجراء إعادة فرز جزئية. وانفرد الرئيس التركي وفريقه الحكومي، إضافة إلى حليفه دولت بهجلي، بتأييد قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعادة الانتخابات في مدينة إسطنبول، فيما أجمعت القوى السياسية والحزبية في تركيا على انتقاد القرار ورفضه. وفي تصريحات للصحافيين نقلتها وكالة الأناضول ووسائل إعلام تركية، أعلن محرم أركاك نائب رئيس الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، أن حزبه تقدم بطلب إلى اللجنة المذكورة لإعادة انتخابات جميع أقضية إسطنبول المحلية، فضلا عن إلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في 24 يونيو الماضي، بدعوى أنها شهدت وأشار إلى إلغاء اللجنة لوثيقة فوز مرشح حزبه أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بدعوى وجود رؤساء وأعضاء صناديق اقتراع من غير موظفي القطاع العام دون التحقق من كيفية تأثير ذلك على سلامة العملية الانتخابية. وبيّن أركاك أنه جرى اعتماد التعديلات على القانون رقم 298 بشأن “الأحكام الأساسية للانتخابات وسجلات الناخبين” بناء على طلب الحزب الحاكم، ودخل حيّز التنفيذ في مارس 2018. وأوضح أن تركيا شهدت عقب التعديلات المذكورة انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 يونيو الماضي وانتخابات محلية في 31 مارس الماضي. وأضاف “تم إجراء عملتي الانتخابات (24 يونيو و31 مارس) بالاستناد على نفس القانون ونفس التعميمات والإجراءات”. وتابع “إن كنتم تقولون: توجد شبهات في انتخابات 31 مارس، فإن الانتخابات الرئاسية (24 يونيو) أيضا تعتريها شبهات، لأن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين ليسوا موظفين عموميين في عموم تركيا، تولوا مهام في صناديق الاقتراع يوم 24 يونيو الماضي”. وأعلن نائب رئيس الحزب الصالح، حسن سيمان، إن حزبه تقدم بطلب إلى اللجنة، لإلغاء الانتخابات البلدية في جميع أقضية إسطنبول للأسباب ذاتها أيضا. وبدأت المعارضة التركية بحشد قواها من أجل مواجهة تنافسية حاسمة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم لغرض الفوز بمدينة إسطنبول بعد أن تم إبطال نتائج الانتخابات فيها بناء على طلب حزب العدالة والتنمية. وبدا من خلال سلسلة من التصريحات، أن حزب الشعب الجمهوري المعارض يعد العدة لإلحاق الهزيمة بحزب العدالة والتنمية الحاكم. وقال حزب المعارضة الرئيسي في تركيا إن مرشحه في انتخابات رئيس بلدية إسطنبول سينافس على المنصب ويفوز به مرة أخرى بعد أن أمرت لجنة الانتخابات بإعادة الانتخابات في المدينة في قرار أثار قلق المستثمرين وأدى إلى انتقاد أوروبي. وضغط الرئيس رجب طيب أردوغان بقوة لإعادة الانتخابات بعد أن فقد حزبه الحاكم، العدالة والتنمية، السيطرة على أكبر مدن تركيا ورحب بقرار اللجنة العليا للانتخابات، لكنّ زعيما معارضا شبه ذلك بأنه “انقلاب مدني”، فيما حثّت ألمانيا والولايات المتحدة أنقرة على احترام الديمقراطية.وأشارت عدة أحزاب تركية صغيرة معارضة إلى أنها قد تدعم أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري لمنصب رئيس بلدية إسطنبول في إعادة الانتخابات، مسلطة الضوء على المخاطر التي يواجهها أردوغان وحزبه نتيجة إعادة الانتخابات. واتهم كمال كليجدار زعيم حزب الشعب اللجنة العليا للانتخابات بخيانة ثقة الناخبين والرضوخ لضغوط حزب العدالة والتنمية. وقال لنواب الحزب في البرلمان التركي “ما دمتم ترغبون بشدة في إعادة الانتخابات، فافعلوا ذلك كيفما تريدون. سنخرج منتصرين كل مرة”. وقالت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح الذي شكل تحالفا مع حزب الشعب الجمهوري العلماني من أجل انتخابات مارس الماضي إن القرار الذي أصدرته لجنة الانتخابات العليا أعاد البلاد إلى حقبة الانقلابات العسكرية التركية. وأضافت أن “قرار لجنة الانتخابات بمثابة انقلاب مدني يفوق أيام الانقلابات العسكرية”. واتّسعت رقعة منتقدي إبطال نتيجة الانتخابات لتشمل عددا من الحلفاء السابقين لأردوغان. وكتب رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو “الخسارة الكبرى للحركات السياسية ليست خسارة انتخابات فحسب بل خسارة تفوَق الأخلاق وضمير المجتمع”. وساهم هذا القرار في هبوط الليرة إلى أدنى مستوى لها منذ الخامس من أكتوبر عندما خرجت من أزمة العملة في العام الماضي والتي شهدت فقدان العملة لـ30 بالمئة من قيمتها. ومع تشكك مستثمرين في التزام تركيا بسيادة القانون والإصلاحات الاقتصادية خلال فترة ركود، شهدت السندات والأسهم أيضا موجة بيع كبيرة.
مشاركة :