نشبت أزمة سياسية مفاجئة في مصر بحدوث مشادة عنيفة بين رئيس مجلس النواب علي عبدالعال ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب «مستقبل وطن» النائب عاطف ناصر، وعززت هذه الأزمة التوقعات التي كشفت عنها «الجريدة» قبل يومين بتدشين السلطة حزباً سياسياً جديداً يضم الأكثرية النيابية بدلاً من «مستقبل وطن» الذي تسببت طريقة إدارته لمشهد الاستفتاء على التعديلات الدستورية في الإساءة للنظام السياسي إذ وزّع الحزب مساعدات غذائية علناً على المقترعين لتشجيعهم على التصويت بالموافقة. وبدأت الأزمة في جلسة البرلمان، مساء أمس الأول، إذ اعترض رئيس المجلس على تحرك النائب لتحريض زملائه على التصويت بالموافقة على مشروع قانون لمكافحة المخدرات، لتتصاعد المشادة التي وصلت حد دعوة عبدالعال، إلى عقد «جلسة خاصة للتاريخ» ليشرح للأعضاء ما وصفه ببعض الحقائق. وألمح عبدالعال إلى رفضه ممارسات لم يحددها، مشيراً إلى جهات وراء النائب والحزب في تلميح إلى الأجهزة الأمنية التي تؤدي الدور الأكبر في تحريك المشهد السياسي، وقال: «لو وصلنا إلى هذه المرحلة من الفوضى في التشريعات فلا ضميري أو التزامي الوظيفي يجعلني أسير في هذا الطريق، إذا كانت ممارسة البعض أن يختطف الأغلبية داخل المجلس بهذه الطريقة فأنا لن أستمر في هذا الطريق بهذه الصورة، وبصراحة وأقولها على رؤوس الأشهاد هذه الطريقة لم تأت من أمهات أفكاره (يقصد النائب) على الإطلاق، وسيكون لي وقفة حاسمة». وأضاف: «لن أنكسر ولن أستسلم أمام الدفاع عن المصلحة العامة أياً كانت الضغوط والإغراءات ولن أستسلم لدعوات البعض الذين يروجون من هنا وهناك، دخلت مستقلاً وبدأت حياتي مستقلاً وسألقى ربي مستقلاً ولن أنضم لأي حزب أياً ما كان إطلاقاً». وطالب رئيس المجلس النائب بالالتزام بقواعد الجلسة، لكن النائب اعترض واستنكر تحذيرات عبد العال له، مما دفع عدداً من النواب لإخراجه من القاعة لتهدئة الموقف، ليتوجه إلى استراحة النواب رافضًا الاعتذار لرئيس المجلس. عقب ذلك قال عبد العال: «لن أقبل بأي مركز قوى ينشأ داخل هذا المجلس، ويبدو أن هناك اتجاه من هذا النائب زي ما عمل في اجتماع اللجنة الدستورية الخاص بالتعديلات الدستورية يقولهم صوتوا بكذا أو كذا». ويحوز حزب مستقبل وطن 56 مقعداً في البرلمان الحالي، من أصل 596، وهو أحد اﻷحزاب المكونة لائتلاف «دعم مصر» المهيمن على اﻷغلبية البرلمانية، والمدعوم من الدولة. وشهدت الدورة البرلمانية الماضية حملة استقطاب للنواب للانضمام لـ»مستقبل وطن»، خصوصاً من المستقلين ونواب حزب المصريين اﻷحرار. وغادر رئيس «برلمانية مستقبل وطن» الجلسة منسحباً، وحاول عدد النواب التدخل للمصالحة بين عبدالعال وناصر، إذ طالبوا ناصر بالعودة للجلسة والاعتذار لعبدالعال، ليرد غاضباً أنه لن يعتذر، كما رفض العودة للجلسة مرة أخرى. ووافق مجلس النواب على إعادة مشروع القانون إلى اللجنة التشريعية مرة أخرى لضبط الصياغة، ورفع عبد العال الجلسة غاضباً متجهاً إلى مقر مكتبه، ليذهب وراءه عدد من النواب في محاولة لتهدئة الوضع. وتعليقاً على ما حدث، أدان «مستقبل وطن»، ما شهدته قاعة البرلمان «من جانب رئيس مجلس النواب بشأن دور الحزب داخل البرلمان»، مشيراً إلى «طبيعة الصراع القائم الذي لم ينته، وله كواليس تعود لعام ونصف العام». واستنكر الحزب، في بيان أصدره فجر أمس، بعض المصطلحات التي جاءت على لسان رئيس المجلس، مشدداً على أنها لا تمت بصله لما نعيشه فى الواقع السياسي المصري، والخاصة بأن الحزب يمثل مراكز قوى داخل المجلس إذ إن الحزب لم يتحرك يوما إلا لتحقيق المصلحة الوطنية لمصر. وأهاب الحزب برئيس مجلس النواب مراجعة ما يصدر عنه من تصريحات بما يحمله من مسؤولية سياسية وتجنب الخلافات الشخصية والاتجاهات الخاصة بعيداً عن ساحات المجلس التي تحيده عن الدور السياسي المنوط به رئيساً للبرلمان.
مشاركة :