الدين الإسلامي الحنيف خاتم الأديان ونبيه خاتم الأنبياء، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم. ومن تدبر القرآن الكريم وجد عجبًا. انظر إلى قوله تعالي (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)، فصراط الله واحد، وأما ما عداه فهي طرق كثيرة. وديننا الإسلامي وسطي يتوافق مع الفطرة والمنطق. ما دعاني لكتابة هذا المقال موقف حدث لي بعد أربع سنوات من انتهاء دراستي في جامعة ويلز وعودتي إلى المملكة وبالتحديد في شهر رمضان من عام 1996م.في ذلك العام اتفق أن جاء لأداء العمرة أحد زملائي في البعثة من دولة الإمارات العربية الشقيقة وهو على درجة عالية من التُّقى فيما أحسبه، ففي أثناء دراستنا عرفت عنه الطيبة وحسن المعشر. تلقيت اتصالًا من ذلك الصديق يدعوني لحضور محاضرة بعد صلاة التراويح عن الجهاد الأفغاني المستعر وقتها وسيكون بعدها جمع تبرعات لدعم المجاهدين، وكانت -على ما أذكر- في فندق برج العرب في محلة الهجلة قبل التوسعة السعودية المباركة. اعتذرت عن الحضور ولكنه أصر بدعوى أنه يريد السلام علي، بعد انتهاء صلاة التراويح ذهبت إلى الفندق ومعي اثنان من أبنائي لا يتجاوز عمر أكبرهم 7 سنوات حينها. بدأ المحاضر يتكلم عن المجاهدين في أفغانستان والمكرمات الربانية لشهدائهم وضرب أمثلة من أن البعض منهم كانت تخرج من قبره رائحة المسك وآخر وُجدَ مبتسماً في قبره وغيرها من الكرامات التي لم يرد أنها حدثت حتى لشهداء غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم. عندها استأذنت من ذلك الصديق للانصراف معللاً ذلك بأن كلام المحاضر لا يتماشى مع المنطق والعقل وديننا دين العقل والمنطق ورغم طلبه مني البقاء إلا أنني أصررت على الانصراف. للأمانة كان ذلك الصديق طيب القلب ومحبًّا للدعوة كغيره من الذين خدعوا بهذه القصص الغريبة. بعدها بسنوات قابلت ذلك الصديق وكان في زيارة للعمرة وإذا به يقول: أبو مشرف هل تذكر ذلك المحاضر الذي ألقى محاضرة الجهاد الأفغاني في تلك الليلة التي أصررت فيها على عدم إكمال المحاضرة وخرجت مسرعاً، قلت نعم، قال: والله إنك الوحيد الذي كان على حق، وذكر لي أنه جاءهم إلى الإمارات وجمع الكثير من الأموال واتضح بعدها أنه لا علاقة له من قريب أو بعيد بالجهاد والمجاهدين. قال تعالى في سورة البقرة: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ. الآية). عدد آيات سورة البقرة هي 286 آية ويلاحظ أن الآية ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) رقمها هو 143 تقع في منتصف سورة البقرة.
مشاركة :