يلازم السفرة الرمضانية في كل بيت من بيوت المدينة المنورة قطعة من الشريك الحجري (السحيرة)، الذي يعد وجوده أساسياً في سفرة الإفطار الرمضانية، ويرتبط بتاريخ أهالي المدينة المنورة، وله طعم لذيذ تتفرد به طيبة الطيبة عن بقية مدن المملكة. ومن أول يوم من أيام رمضان يزيد الإقبال على شراء الشريك المديني حتى اللحظات الأخيرة لأذان المغرب، وتزدحم المخابز ومحال بيعه قبل صلاة المغرب، ويصطف المشترون بالطوابير لشرائه، لأنه المفضل على مائدة الإفطار في رمضان، وقد لا تكتمل المائدة من دونه عند الكثير. ويخبز الشُريك على شكل دوائر، ويرش عليه من الخارج القليل من السمسم الذي يكسبه طعماً مميزاً، ليجد طريقه بعد ذلك إلى الأفران ثم المائدة. وبحسب تقرير لوكالة الأنباء السعودية، فقد اشتهرت بعض أسر المدينة المنورة بتجهيز خبز الشريك، إذ توارثوها من الآباء والأجداد حتى أصبح الخبز علامة تجارية، يُعرف بأسماء الأسر. ويقول عبدالمجيد وهو بائع في أحد مخابز بيع الشُريك في المدينة المنورة: "يجود نوعان من الشُريك المديني، الأول هو العادي المعجون بالماء فقط والإقبال عليه ضعيف بعض الشيء، أما النوع الآخر فهو الشريك الحجري الذي يكثر عليه الإقبال، وهو المصنوع من الحليب والحمص، ويتميز بوجود حبات من الحمص اللذيذ بداخله". وأضاف: "لدينا زبائن من داخل وخارج منطقة المدينة المنورة على مدار العام، ولكن يكثر الإقبال عليه خلال شهر رمضان الكريم، لدرجة أننا نشهد زحاماً شديداً قبل صلاة المغرب، لأن أهالي المدينة يفضلونه على مائدة الإفطار في رمضان". ورأى ناصر عثمان أن لشُريك المدينة مذاقاً ورائحة خاصة ارتبطتا بالمدينة المنورة وذكرياتها الرمضانية الجميلة التي نشؤوا عليها، سواءً أفطروا داخل منازلهم أو في المسجد النبوي الشريف خلال شهر رمضان أو طوال أيام السنة، لأن الشُريك صديق دائم لموائد الإفطار على مدار العام، ويكثر وجوده في شهر رمضان المبارك. ويستعيد حسين منصور ذكرياته عن الشريك قائلاً: "تعودت على أكل الشريك منذ الصغر، وأعدّه الأكلة المفضلة لدى كبار السن، إذ كنت أذهب مع والدي - رحمه الله - لنشتريه من سوق القفاصة في شارع العينية، ومن سوق العيش في باب المصري، إذ كان يطلب مني إحضار الشريك والخبز الحب قبل صلاة المغرب من الفرن الواقع في حوش منصور". أما سعيد مشحن فقال: "منذ سنوات عدة وسفرة الإفطار الرمضانية تحتوي بشكل يومي على خبز الشُريك الذي يلازم الفول في هذا الشهر الفضيل، وعلى رغم الزحام الشديد الذي تشهده محال بيع الشُريك قبيل المغرب إلا أننا نصطف في الطوابير الطويلة للحصول عليه من أجل سفرة الإفطار الرمضانية، بل إننا نرسله خلال شهر رمضان بشكل دوري للأقارب الذين يقطنون خارج طيبة الطيبة، لأنهم يحبونه ويطلبونه بشكل مستمر، وبخاصة ذلك المحشو بحبات الحمص. من جهته، قال حمزة صاحب مخبز لتحضير الشريك الحجري في المدينة المنورة: "إن الشريك يصنع من الدقيق والحمص والسمسم، ويمر بمراحل عدة إلى أن يتم عرضه للزبائن، وكان قديماً يجهز على الفحم، والزبائن يفضلون حمله بالحبال الصغيرة بدلاً من الأكياس الورقية، وذلك للمحافظة على جودته ونكهته لأنه يخرج من الفرن ساخا ووضعه في الأكياس يجعله طريا جدا بسبب تبخر الحرارة".
مشاركة :