هناك مَن يخلطون بين الوصاية والولاية، ويجعلون من حق الرجل ممارستها على المرأة البالغة الرشيد؛ لذا رأيتُ ضرورة التمييز بينها، فالولاية والوصاية نيابة شرعية عن ناقصي الأهلية كالصغير، أو معدوميها، وتزول عن الصغير ببلوغه الرشد، يوضح هذا قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا). (النساء: 6) بمعنى أنّ على الولي، أو الوصي على مال الصغير أن يتقي الله، وإن كان غنيًا فليستعفف، ولا يأخذ منه أجرًا مقابل إدارته لأمواله، وإن كان فقيرًا، فلا يأخذ منه إلّا المتعارف عليه، وليتق الله، وليعطه ماله عند بلوغه الرشد. والولاية في اصطلاح الفقهاء: تدبير الكبير الراشد شؤون القاصر الشخصية والمالية. والقاصر: هو من لم يستكمل أهلية الأداء سواء أكان فاقدًا لها كغير المميز، أم ناقصها كالمميز، والولاية قسمان: ولاية على النفس، وهي الإشراف على شؤونه الشخصية، وولاية على المال، وهي الإشراف على شؤونه المالية، وبيّنوا أنّ الولاية على الطفل تنتهي ببلوغه، والبلوغ قد يكون بالسنين، وقد يكون بالعلامات. والولاية في قوانين الأحوال الشخصية العربية صيغ معظمها بموجب المصطلح الفقهي وآراء الفقهاء، ففي نظام الأحوال الشخصية الموحد لدول مجلس التعاون نجد الولاية هي: أ) الولاية على النفس هي العناية بكل ما له علاقة بشخص قاصر. ب) الولاية على المال هي العناية بكل ما له علاقة بمال القاصــر.. (المادة: 156). وفي قانون الأحوال الكويتي «يخضع الولاية على النفس الصغير والصغيرة إلى أن يبلغا شرعًا، أو يتما (15) من العمر، عاقلين كما يخضع لها البالغ المجنون، أو المعتوه، ذكرًا، أو أنثى. (المادة: 208). واشترط الفقهاء الولي للمرأة في الزواج، ولكن الإمام أبوحنيفة أعطى للبالغة الرشيدة حق تزويج نفسها، وسار على هذا النهج قانون الأحوال الشخصية المصري، يقول مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة: «وقد رأى الإمام أبوحنيفة أنّ البالغة الرشيدة لا ولاية لأحد عليها، وعليه فلها أن تزوج نفسها بأن تباشر عقد نكاحها بكرًا كانت أو ثيبًا، وحصر الولاية في الصغيرة غير البالغة، وجعل الولاية على البالغة الرشيدة وكالة وليست ولاية.. وقد أخذ القانون المصري بمذهب السادة الحنفية، فجعل للمرأة البالغة حق تزويج نفسها، ويعد زواجها صحيحًا إذا تزوجت من كفء بمهر مثلها». كما سارت على هذا النهج مدونة الأسرة المغربية في مادتيها (24- 25) وقانون الأحوال الشخصية الجزائري في مادته (11).. وللحديث صلة. suhaila_hammad@hotmail.com
مشاركة :