كلُّنا يُدينُ العملية الإرهابية التي نُفِّذت في مسجد علي بن أبي طالب بالقديح، أثناء صلاة الجمعة، ولن أحلّلَ الحدث سياسيًّا، وأبيِّنَ أهدافه، فهذه أمور باتت لا تخفى عن الجميع، ولكن سأحلِّلُ الحدث من زاوية أخرى، لابد من تسليط الضوء عليها للقضاء على ظاهرة هذه العمليات الانتحارية، بتصحيح مفهوم الحور العين؛ إذ استغلّ صنّاع الجماعات الإرهابية المسلّحة التي نسبت نفسها إلى الإسلام المفهوم الخاطئ للحور العين، الذي وقع فيه بعض المُفسِّرين، بأنّهنّ نساء يفوق جمالهن الوصف، وعد الله بتزويجهنّ لأصحاب الجنّة من الرجال، في التغرير بالشباب، ودفعهم لقتال مَن كفّروهم من المسلمين، وقيامهم بعمليات انتحارية، للفوز بالحور العين، والمحلّل لرؤية الإرهابيين للحور العين يجد أنّها رؤية حسيّة شهوانية محضة، فهم أشخاص يجرون وراء شهواتهم ظنًّا منهم أنّ ما يفعلونه من مشاهد متوحشة، بتخطيط من صُنّاعهم سوف يُدخلهم الجنّة، ويتزوّجون من الحور العين، فلابد من تصحيح مفهوم الحور العين، ولكي نفهم معنى الحور العين في القرآن، علينا أن نعرف المعنى اللغوي لهذا المصطلح: فمعنى (حور عين) في اللغة العربية: شدّة البياض في بَياض العين، مع شدة السواد في سوادها، مع اتّساعها، فاللفظ يدور حول العيون الجميلة، وهي ليست حصرًا على النساء، وبهذا تكون كلمة “حور” جمع لعيون الذكور والإناث معًا، ويجوز لك أن تقول واصفًا: هذه امرأة حوراء، وهنّ نسوة حور، وهو رجل أحور، وهم قوم حور، وبالتالي يكون لفظ “حور” في القرآن الكريم يدور حول العيون -وهي مؤنث- وليس حول النساء كنوع، خلافًا لما ذكره بعض المفسِّرين. أمّا عن ماهية أصحاب الحور العين، فهذا من المسائل الغيبية التي ذكرها الخالق في كتابه العزيز، ولم يُبيِّن ماهيّتهم، فأصبحت معرفتها مسألة اجتهادية محضة تتحمّل الخلاف، وتتحمّل أكثر من رأي، والخلاف حولها لا يُخرج الإنسان من الدّين، وقد ورد ذكر الحور العين في ثلاث آيات هي: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان:54]، (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الطور:20]، (وحور عين) [الواقعة:22]. عندما نقرأ هذه الآيات، وما قبلها وما بعدها، نجد أنّها لم تُبيّن أنّ الحور العين إناثًا، أو ذكورًا، فالحور العين صفة للاثنيْن معًا، كما لم تُبيّن أنّه اختص الرجال بهم، فهم من نعيم الجنة جزاء للمتقين ذكورًا وإناثًا، فالجنة ليست للرجال فقط، فعلى أي أساس اختص الرجال لأنفسهم الحور العين، وكأنّهم هم المتقون فقط؟! فمعروف أنّ صيغة الخطاب في القرآن، واللغة العربية نوعان: خطاب للذكور والإناث معًا، وخطاب للإناث وحدهنّ، والخطاب المشترك هو الغالب في القرآن، كما في الآيات التالية: 1- (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ. في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ... كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان: 51-54]. 2- (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ... وزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) [الطور: 17-20]. والسؤال ما معنى: (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)؟!. suhaila_hammad@hotmail.com
مشاركة :