دور الرئيس جيمي كارتر في السياسة الأمريكية (1-2)

  • 5/16/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

جيمي إيرل كارتر من مواليد أول أكتوبر عام 1924م، وهو سياسي أمريكي شغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية التاسع والثلاثين في المدة الواقعة بين عام 1977م وعام 1981م. عمل سابقا قبل توليه الرئاسة كعضو من الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا من عام 1963م حتى عام 1967م. وفي عام 2002م حصل كارتر على جائزة نوبل للسلام، وعمل وشارك في تأسيس مركز كارتر. نشأ كارتر في عائلة ثرية وكان للعائلة مزارع للفول السوداني في مدينة بلينز الجنوبية في جورجيا، وقد تخرج في أكاديمية الولايات المتحدة الأمريكية البحرية عام 1946م وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم. وانضم إلى البحرية الأمريكية حيث عمل في قسم الغواصات. وبعد وفاة والده في عام 1953م. غادر كارتر مسيرته البحرية وعاد إلى وطنه في جورجيا لتولي زمام أعمال نمو زراعة الفول السوداني لعائلته. وعلى الرغم من ثروة والده فقد ورث كارتر القليل من المال بسبب الديون المتراكمة على والده وتقسيم التركة على مجموعة من الأبناء، ومع هذا واصل كارتر في تحقيق طموحه لتوسيع وتنمية أعمال الفول السوداني الذي ورثه من عائلته. ولكن في هذه الفترة كان كارتر متحمسا بجانب المعارضة ضد المناخ السياسي السائد للفصل العنصري ودعم حركة الحقوق المدنية المتنامية ما دعاه إلى أن يكون عضوا ناشطا داخل الحزب الديمقراطي، وخلال عمله كعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا زاد نشاطه في مجال الحقوق المدنية حتى تم انتخابه عام 1970م حاكما لجورجيا متغلبا على الحاكم السابق كارل سندرز في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية وفقا لبرنامج مناهضة التمييز، وداعما للعمل الإيجابي نحو مساعدة الأقليات العرقية، وقد شكل نشاطه المثابر وجهده الايجابي في فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 1976م في الانتخابات العامة التي هزم فيها بفارق ضئيل الرئيس الجمهوري جيرالد فورد. عندما تولى جيمي كارتر رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1977م بادر في يومه الثاني وهو في المنصب إلى إصدار عفو عن جميع المتهربين من حرب فيتنام، كذلك في عهده تم إنشاء إدارتين جديدتين على مستوى الحكومة هما وزارة الطاقة، ووزارة التعليم، لرسم سياسة الدولة في مجالي الطاقة والتعليم. وتميزت فترة رئاسته في أواخر عهدها بأزمة الرهائن الأمريكيين داخل السفارة الأمريكية بإيران بين عامي 1979م و1981م كذلك أزمة الطاقة عام 1979م، والحادث النووي بجزيرة ثرى مايل، والغزو السوفيتي لأفغانستان، وقد خسر كارتر الانتخابات العامة بصورة ساحقة لمصلحة المرشح الجمهوري رونالد ريجان، بعد أن تأرجحت صورته بين استطلاعات المؤرخين والعلماء السياسيين فمنهم من اعتبره رئيسا عاديا، وآخرون قيموه بصورة إيجابية كأحد الرؤساء المهمين. كما امتاز كارتر بأنه أصبح أطول رئيس متقاعد في تاريخ الولايات المتحدة عندما تجاوزت مدته التقاعدية الرئيس هربرت هوفر الذي تولى الرئاسة من عام 1929م إلى عام 1933م في قوة الكساد الكبير الذي مر على الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاد العالمي في جملته. وفي عام 2017م احتفل بمرور أربعين عاما على توليه منصبه، وعُدّ من أقدم رؤساء الولايات المتحدة خدمة وهو على قيد الحياة. وفي عام 1982م تم إنشاء مركز كارتر لتعزيز حقوق الإنسان واعتبر كارتر من أنشط الرؤساء الأمريكيين المتقاعدين همّة ونشاطا حيث سافر على نطاق واسع إلى الكثير من البلدان وخاصة في مجال مفاوضات السلام ورصد الانتخابات، وتعزيز الوقاية من الأمراض في الدول النامية، كما كان أحد الشخصيات الرئيسية في مؤسسة Habitat for Humanity الخيرية، هذا بالإضافة إلى نشاطه الأدبي حيث كتب أكثر من 30 كتابا، بدءا من المذكرات، مرورا بالسياسة، وانتهاء بالشعر والإلهام، وكان له موقف صريح حيال تصرفات إسرائيل ضد الفلسطينيين عندما انتقد بعض السياسات الإسرائيلية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ودعا إلى الوصول بأسرع ما يمكن إلى حل هذا الصراع بإقامة دولتين تكون إحداهما للفلسطينيين. كان كارتر الابن البكر لجيمس إيريل كارتر الأب الذي يعد من سلاسة المهاجر الانجليزي توماس كارتر الذي استقر في فرجينيا عام 1635م وعاشت العديد من أجيال عائلة كارتر كمزارعين للقطن في جورجيا، ويرجع للعائلة الفضل في تأسيس جامعة كورنيل، وله ارتباط قرابة بعيدة بريتشارد نيكسون وبيل غيتس، وكان والد كارتر رجل أعمال محليا ناجحا يدير متجرا عاما وله استثمارات في الأراضي الزراعية، وقد سبق له أن خدم كملازم ثان في الاحتياط في فيلق الجيش الأمريكي أثناء الحرب العالمية الأولى. وعلى الرغم من أن والد كارتر، إيريل كان مؤيدا للتمييز العنصري فقد سمح لابنه بأن يصادق الأطفال السود في المزارع، وفي مراهقته كان كارتر نشطا مغامرا فقد حصل من والده على فدان من أراضي العائلة حيث نمّاها بزراعة الفستق وبيعه، كما قام بتأجير قسم من مساكن المستأجرين بعد ان قام بشرائه. درس كارتر في مدرسة السهول الثانوية في الفترة الواقعة بين عام 1937م وعام 1941م، وهي فترة الكساد الكبير، حيث عانى الكثير من الفقر والخوف من المستقبل وخاصة في المنطقة التي كانت تسكنها العائلة في السهول الفقيرة، ولكن العائلة في هذه الظروف استفادت من إعانات الزراعة ضمن البرنامج الحكومي الجديد. وكان كارتر في شبابه طالبا مجتهدا ولديه رغبه في القراءة، وقد تأثر بشكل خاص وقوي بمدربته جوليا كولمان وهو يلعب في فريق كرة السلة في مدرسة السهول الثانوية. كان كارتر على الدوام يحلم بحضور الأكاديمية البحرية الأمريكية في أنابوليس، وفي عام 1941م بدأ دراسته الجامعية في الهندسة في كلية جنوب غرب جورجيا. وفي العام الثاني انتقل إلى معهد جورجيا للتكنولوجيا في اتلانتا، في هذا الوقت حصل على القبول في الأكاديمية البحرية عام 1943م، وكان في هذه الأثناء طالبا مجتهدا، ينظر إليه على أنه شاب متحفز وهادئ على النقيض من زملائه الأكاديميين. وفي أثناء وجوده في الأكاديمية وقع في حب صديقته روثن سميث والتي تزوجها بعد فترة من تخرجه عام 1946م. تخرج كارتر في المرتبة الستين من بين 820 طالبا في الفصل الدراسي لعام 1946م، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم البحرية، وعاش من عام 1946م إلى عام 1953م مع زوجته في فرجينيا وهاواي وكونيكتيكت ونيويورك وكاليفورنيا من خلال عمليات انتشاره في أساطيل الأطلسي والمحيط الهادي. وفي عام 1948م بدأ برنامجا تدريبيا لواجبات الغواصات والخدمة على متن السفينة الأمريكية بومفريت حتى تمت ترقيته إلى رتبة لفتنانت عام 1949م. بدأ كارتر في الارتباط ببرنامج الغواصات النووية الوليدة بالبحرية الأمريكية، وللإعداد لهذا العمل بدأ دورة تدريبية في كلية الاتحاد في Schenectady مدة ستة أشهر تغطي تشغيل محطة الطاقة النووية بقصد العمل في نهاية المطاف على متن الغواصة النووية uss seawolf والتي كان من المخطط أن تكون واحدة من أول غواصتين اثنتين من الغواصات النووية الأمريكية. وبعد وفاة والده سعى كارتر للحصول على إطلاق سراحه من الخدمة العسكرية لتمكينه من إدارة الأعمال التجارية للأسرة في مجال الفول السوداني، وقد ترك الخدمة العسكرية في 9 أكتوبر عام 1953م، ولكنه خدم في الاحتياطي البحري عام 1961م، وقد ترك الخدمة وهو برتبة ملازم. يعد كارتر الرئيس الأمريكي الوحيد الذي عاش في أماكن مدعومة قبل توليه رئاسة أمريكا، وكان يملك القليل من الدراية في موضوعات علمية وتكنولوجية، حين استخدم هذه المعلومات في توسيع نطاق أعمال زراعة الفول السوداني للعائلة. واتجه في طور حياته المبكرة إلى مهنة السياسة حينما أصبح عضوا في مجلس الشيوخ ممثلا عن ولاية جورجيا من عام 1963م إلى عام 1967م، في أجواء سياسية كان يكتنفها التوتر العنصري الملتهب في السهول، وقد كان كارتر يؤيد التسامح والاندماج في المجتمع بين العنصريين وباقي المهضومة حقوقهم، ولقد جلب هذا التأييد لكارتر مصاعب جمة من بينها عندما قرر مجلس المواطنين البيض المحليين مقاطعة تجارة الفول السوداني نظرًا إلى رفض كارتر الانضمام إليهم. ولكن في أغلب الأوقات كان كارتر يحافظ على مشاعره لنفسه لتجنب زيادة الأعداء، بحكم انه عضو بارز في المجتمع الديني والكنيسة المعمدانية. https://halbinfalah.wordpress.com

مشاركة :