نيفين ابولافي- مسلسل «خمسة ونص» تكاملت فيه عناصر العمل الفني الدرامي من كل النواحي، سواء من تصاعد الصراع في الحدث والحبكة محكمة الصنع واداء الممثلين، ناهيك عن جمال الصورة ونقائها، هذا العمل الذي جمع ما بين القوة والسياسة والحب حقق نجاحا ملحوظا من حيث المشاهدة في ظل تراجع مشاهدات الدراما المصرية هذا الموسم، وحضور حقيقي للدراما اللبنانية- السورية على شاشات الخليج والوطن العربي بشكل لافت، حيث خلق هذا المسلسل حالة من الرومانسية الحقيقية التي لم تعتمد فقط على المشاعر المجانية لجذب المراهقين، بل كانت قائمة على اساسيات مسؤوليات حقيقية للرجل تجاه المرأة. «خمسة ونص»، وان كانت له خصوصية في نوعية قضية الفساد في بعض المؤسسات اللبنانية، والقضايا الخاصة من حيث الاحزاب السياسية والصراعات التي تولدها تلك الجهات على الصعيد المحلي، الا ان الكاتب نجح في تعميم العمل من خلال قصة الحب التي جمعت ما بين النجمين نادين نجيم وقصي الخولي، هذا الثنائي الذي حقق نجاحا في جذب المشاهد للحدث الدرامي منذ اللحطة الاولى التي ظهرا فيها في مشهد مشترك، ولم يكن هذا العامل الوحيد في جذب المشاهد من حيث ثيمة العمل، بل فكرة الفساد نفسها التي يعانيها العديد من المجتمعات العربية. أداء الشخصيات لم يتوقف نجاح العمل من حيث نسب المشاهدة على لبنان فقط، بل تعداه الى المشاهد الخليجي، حيث يعرض على قناة ام بي سي، لكن المفاجأة كانت في مصر، حيث تداول نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرسائل والتعليقات حول العمل بشكل ايجابي، وهو الامر الذي قلما نجده في مصر لكثافة الانتاج والعروض في شهر رمضان. الصراع في المسلسل يسير بخطوط ثابتة بعيدة عن الرتابة، وفيها منطقية الحدث، وان كان مشهد الزواج الذي ظهر في الحلقة العاشرة من العمل يشتمل على بعض الفانتازيا، الا انها كانت خطوة ليست بالسيئة، اضفت روحا حالمة على المشهد. في تفصيل اكثر لاداء الشخصيات اثبتت نادين نجيم انها فنانة من الدرجة الاولى، من حيث امتلاكها اداواتها الفنية باتقان، بالاضافة الى عدم حرق صورتها الفنية في تكرار الثنائيات الدرامية لاكثر من موسم او اثنين، لتحتفظ بجمالها وتفردها وابعاد الملل عن المشاهد، حيث يشكل تكرار الثنائيات حالة من تكريس اداء معين وتصبح ردود الافعال منسوخة في ذهن المتلقي، مما يفقدها عنصر المفاجأة والتميز، الا ان المفاجاة الحقيقية في هذا العمل هو ذاك التناغم الرومانسي الحقيقي بينها وبين الخولي الذي شعر به كل من يتابع العمل، الى جانب ادائها المتزن في الاحداث الاخرى، في موازنة ما بين الحب والواقع اليومي لحياتها في سياق الحدث الدرامي، ومن هنا اكدت نجيم انها عنصر جاذب لاي عمل تشارك فيه، ومسوّق مميز للاعمال المشاركة فيها عن جدارة، وليس بسبب جمالها فقط. جد وحب الفنان قصي خولي شمّر عن ذراعيه في «خمسة ونص» في اداء عالي الاحساس ما بين الجد والحب وما بين القسوة والحنان في مفارقة درامية قلما يجيدها الفنان في عمل واحد، مما يدل على قوته من حيث الاداء الفني وتفسير البعد النفسي للشخصية التي يجسدها والتي تحمل الكثير من المفاجآت خلال الحلقات المقبلة، حيث يعيش صراع البقاء واثبات الذات في مجتمع جديد عليه، وتأسيس حياة عاطفية فيها الكثير من المواجهات مما قد يهدد استمراريتها. مايسترو محرك الفنان رفيق علي احمد في هذا العمل يبدو كمايسترو محرك للاحداث، واساس في الصراع القادم ما بين الحب والحق، فهو فنان مخضرم له من الاراء والفكر ما يجعله على قدر الدور الذي يلعبه، في حين استطاع المخرج ان يقدم صورة جميلة للمشاهد لاحداث المسلسل بشكل مميز، من حيث نقاوة الصورة وشد انتباه المتلقي لخفايا الاحداث من خلال ماوراء الحدث الرئيسي الذي يدور على الشاشة. الفنان معتصم النهار منذ بداية ظهوره اثارت نظراته الحادة اعجاب الجمهور وانتباهه على حد سواء، والتي تشير الى دور مهم له في الاحداث، لتبدأ التكهنات من المشاهدين تبعا لبعض المشاهد التي تبث كدعاية للعمل ما بين علاقه قد تجمعه بنجيم او غيرها. النهار تعرض للتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث تناول البعض صوره في الماضي وصوره بعد الشهرة، الا ان عددا كبيرا من الفنانين سانده ضد هذه الحملة على رأسهم الفنانة اليسا. الفنانة رلى حمادة، التي تلعب دور زوجة الاب، وتعيش حالة من الصراع النفسي الداخلي بدافع الانتقام من الماضي المتمثل بوالدة «غمار» الشخصية التي يجسدها قصي خولي، والتي اساسها الغيرة، حيث تعمل على تحريك الحدث بشكل لا يمكن الاستهانة به لتأجيج الصراع بين الشخوص في المسلسل، خصوصا القصة الابرز فيه وهي العلاقة التي تجمع بين خولي ونجيم. المسلسل من ﺇﺧﺮاﺝ فيليب أسمر وﺗﺄﻟﻴﻒ إيمان سعيد، ومن بطولة: قصي خولي، نادين نسيب نجيم، رفيق علي احمد، رلى حمادة، معتصم النهار، قاسم منصور، جوليان فرحات.
مشاركة :