في حوار جديد ضمن سلسلة الحوارات الرمضانية، تستضيف صحيفة “مكة” الإلكترونية شخصية اجتماعية بارزة من محافظة جدة، للتعرف على أبرز المحطات في حياته والمواقف الطريفة والحزينة التي مرت عليه في الحياة. ويتحدث مساعد بن صادق باجوه، لقراء “مكة” الأعزاء، عن بعض مظاهر الفرح والألفة التي كانت تجمع الأهالي في الأحياء القديمة بمحافظة جدة، وما أصابها في ظل التقدم والتطور التكنولوجي الكبير، والتفاصيل في ثنايا الحوار التالي: 1- في البدء نتعرف على ابن جدة؟ أنا مساعد بن صادق بن مساعد باجوه. 2- في أي حارة كانت نشأتكم عم مساعد ؟ ولدت في حارة اليمن الشهيرة في المنطقة التاريخية داخل السور. 3- أين تلقيتم تعليمكم ؟ تلقيت تعليمي ولله الحمد والمنة في مدارس الفلاح في جدة. 4- ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة ؟ كان في حارتنا القديمة عدة مراكيز لأعيان الحارة وفي مقدمتها مركاز العم حمزة فتيحي، ومن الذكريات التي لا أنساها حينما نلاحظ الشخص الغريب من حارة أخرى من حارة المظلوم مثلا يتردد أكثر من مرة على حارتنا مباشرة نستوقفه ونسأله عن سبب التردد على الحارة، ثم نتركه في شأنه وهذا من حرصنا على حارتنا وأهلها. 5- في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها؟ كنت أتمنى أن أكون مذيعا في إذاعة جدة. 6- تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ومتينة.. ما هي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت ؟ كانت القواعد المتين في البدء إتباع القرآن الكريم، وإتباع السنة النبوية الشريفة، وطاعة الوالدين، وطاعة ولاة أمورنا،واحترام الكبير، والعطف على الصغير. 7- في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد الجداوية في تكوينها ما أبرزها؟ كثيرة جدا.. ولكن من ضمنها.. كان والدي يرحمه الله تعالى يقول: إذا واحد قريبك أو أخوك أو صديقك طلبك مبلغ مالي وكان لديك المبلغ متوفر ولست بحاجة له فأعطه ولا تنتظر أن يرده لك!. وكذلك لا تأكل أو تشرب مع قريب أو صديق إلا بحقه؛ حتى لا تفقد القرابة أو الصداقة بسبب المال. 8- الأمثال الشعبية لها أثر بالغ في النفس.. ما هي الأمثال التي لازالت باقية في الذهن؟ ولماذا؟ المثل الذي يقول : (لا تكن قاسيا فتكسر، ولا لينا فتعصر). 9- الحياة الوظيفية.. أين كان لشخصكم القدير أول بدايتها وآخرها ؟ بدأت حياتي الوظيفية في مؤسسة النقد العربي السعودي فرع جدة سنة 1392 هجري، وانتهت ولله الحمد في الخطوط الجوية العربية السعودية سنة 1429 هجري. 10- شهر رمضان المبارك، وشهر الحج الفضيل من المواسم الدينية، والاجتماعية المتميزة حدثنا عنها؟ نستعد لشهر رمضان الفضيل من أول شهر شعبان بتعليق الزينة والإنارة الخاصة بالشهر المبارك، وتجديد فرش المساجد. أما عن موسم الحج نستعد باستقبال الحجاج من شهر ذي القعدة عبر الطرق الثلاثة البر والبحر و الجو. 11- تغيرت أدوار العمد في الوقت الحاضر وأصبحت محددة.. كيف كان سابقا دور العمدة في الحارة ؟ كان حقيقة دور العمدة في الماضي كبيرا جدا في حل جميع المشاكل الاجتماعية في الحارة وللعمدة كل التقدير والاحترام من الكل. 12- القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في الحارة؟ بالنسبة للقامات الاجتماعية العم حمزة فتيحي، عبدالحميد مشخص، عمر غراب، علي غراب، صالح غراب، علي عماشة، سليمان أبو صفية، محمد خميس، يوسف خميس، صالح نوار مدني، عيد صالح، عيد سليمان صعيدي، و عبدالله صعيدي وغيرهم الكثير. كذلك لا أنسى عموما أبناء بكر.. عبدالله، وعبدالمجيد، والدكتور عبدالرزاق. 13- هل تتذكرون موقفا شخصيا مؤثرا حصل لكم ولا تنسونه؟ نعم، وفاة الوالد والعم حمزة فتيحي والكابتن غازي كيال رحمهم الله جميعا. 14- المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة.. هل تعرفونا على بعض منها؟ أختصرها بقول الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا. 15- كثرت وسائل الإعلام في الوقت الراهن وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان.. ما هي الوسائل المتوفرة لديكم في السابق؟ وما أثرها على أفراد المجتمع آنذاك؟ كانت وسائل الإعلام المتوفرة في ذلك الزمن وأشهرها الإذاعة السعودية والتلفزيون السعودي. 16- تظل للأفراح وقفات جميلة في الحارة.. ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟ بالنسبة للأفراح فلا ننسى أفراح الأعياد، والزواجات ووقفة الجميع يدا واحدة. 17- الأحزان في الحياة سنة ماضية.. كيف كان لأهل الحارة التخفيف من وقعها؟ كان أهل الحارة يلتفون حول بيت الميت ويخففون عليهم أحزانهم بكل السيل، ويصنعون لأهل البيت كل ما يحتاجونه. 18- الأحداث التاريخية الشهيرة في حياتكم والتي عايشتموها.. هل تتذكرونها،؟ وما الأبرز من تفاصيلها؟ أبرز الأحداث التاريخية ولا تنسى بطبيعة الحال كان اغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز – يرحمه الله تعالى – وحادثة الحرم المكي الشريف للفئة الطاغية أثرت في حياتي كثير. 19- ما هي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة اليمن ؟ أهم الألعاب التي اشتهرت في الحارة في مقدمتها كرة القدم، والكيرم، والكبت، وأركب أركب، وطره، والعزيزة في رمضان. 20- لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه.. هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة؟ الحمد لله وحده في كل الأحوال. 21- ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة ؟ لم يبقَ أحد من أهالي الحارة القديمة، الكل هاجر من الحارة إلى الأحياء الجديدة، أو انتقل إلى جوار ربه. 22- كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي؟ نقضي أوقات الفراغ في الاطلاع على الصحف الالكترونية، ومشاهدة كرة القدم، و البرامج الرياضية. 23- لو عادت بكم الأيام ماذا تتمنون عم مساعد ؟ الأيام التي ذهبت لن تعود أبدا. 24- بصراحة ما الذي يبكيكم في الوقت الحالي؟ قلة التواصل بين الأقارب، والأصدقاء، والجيران. 25- ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم ؟ أثناء عملي في الخطوط الجوية السعودية بجدة، وتحديدا في حرب تحرير الكويت كانت لدينا منطقة إخلاء؛ لاستقبال الأسر غير السعودية القادمة من المنطقة الشرقية فكان منهم من يرغب بالسفر لبلده، ومنهم من يرغب بالإسكان. وذات يوم طلب مني ابني الصغير مازن أن يذهب معي لمقر العمل واصطحبته بالفعل، وأثناء تواجدنا في شارع حراء إذ بطائرة عسكرية ضخمة جدا تقترب من الأرض إلى أقرب نقطة ممكنة، ومع الخوف والتوتر من الأوضاع القائمة ظننت أنها تستقصد المواطنين فما كان مني إلا أن هربت أنا وابني وجموع من الناس أيضا إلى الشوارع الداخلية وأصبحنا نهرول لمسافات بعيدة، حتى أعادنا بعض المواطنين وأخبرونا أن المسألة عادية جدا؛ لحاجة الطائرة لمساحة كبيرة للتحليق؛ من أجل الهبوط وركبنا سياراتنا ونحن نضحك على هذا الموقف الطريف. كذلك كان لدي مريض شغل تفكيري حينها، وكنت أبحث له عن دواء، وكلما أصل بسيارتي لصيدلية بالقرب من منزلي في شارع حراء أجدها مغلقة، حتى تجاوزت إلى شوارع بعيدة وأجدها أيضا مغلقة فتوترت وقلقت من هذا الوضع، ولكن اتضح لي لاحقا أنها وقت إقامة صلاة العشاء وهذا سبب إقفالها مؤقتا !. 26- لمن تقولون لن ننساكم؟ لوالدي ولوالدتي، والعم حمزة فتيحي، ومحمد خميس وعمر وعلي وحمزة وصالح غراب وغيرهم يرحمهم الله جميعا. 27- ولمن تقولون ما كان العشم منكم؟ هنا (تنهد كثيرا ثم انفجر بالبكاء طويلا واعتذر.. ) ثم وجه رسالة لشقيقه الأصغر: أخي وشقيقي نحن في شهر رمضان المبارك وأتمنى أن نسلم على بعضنا في هذه الأيام الشريفة فالدنيا لا تسوى شيئا والله. 28- التسامح من الصفات الإنسانية الراقية.. تقولون لمن سامحونا.. وتقولون لمن سامحناكم؟ أسامح الجميع، وأطلب أيضا السماح منهم. 29- لكم تجربة إعلامية سابقة بماذا تصفونها؟ كنت كاتبا في مجلة رواشين جدة في عهد سامي خميس – رحمه الله تعالى – وكانت التجربة ممتعة جدا؛ لتذكر الماضي في كل نشرة عن جدة. 30- كلمة أخيرة في ختام لقاء ابن جدة العم مساعد باجوه؟ كلمتي الأخيرة أشكركم جدا أخي الفاضل أستاذ عبدالرحمن الأحمدي، والقائمين على صحيفة مكة الالكترونية ؛لإتاحة هذه الفرصة، وكل عام وانتم بخير.
مشاركة :