تسود حالة من الغضب الشعبي تنذر بانتفاضة ضد الجرائم التي عادت الميليشيات لارتكابها في حق المدنيين في طرابلس والذين يدفعون منذ سنوات ثمن تمسكها بالسيطرة على العاصمة. واحتج عدد من سكان منطقة بن غشير مساء الخميس على خلفية مقتل أحد شباب المنطقة جراء تبادل لإطلاق نار بين الميليشيات. وأغلق المحتجون الطريق المؤدي إلى “طريق السكة” حيث مقر رئاسة الحكومة التي حملوها مسؤولية هذه الجريمة. ونقل موقع “المرصد” المحلي عن شهود عيان بأن “القتيل كان أمام أحد المقاهي قبل أن تباغته رصاصة من مسلح تابع لميليشيا غنيوة كان يطلق النار بشكل عشوائي فيما بدا أنه اشتباك مع مجموعة مسلحة أخرى”. وقبل ذلك بساعات، فُجع المارّة في أحد شوارع منطقة السراج بالعاصمة طرابلس بقتل أحد المسلحّين لمواطن في سيارته أمام أطفاله، في جريمة بشعة خلّفت غضبا عارما. وقال شهود عيان لوسائل إعلام محلية إن إطلاق النار جاء بعد أن رفض الضحية إعطاء المسلح الأولوية وفسح الطريق أمامه للمرور. و أكدت وزارة الداخلية التابعة لحكومة “الوفاق” أنها تعرفت على الجاني الذي قام بتسليم نفسه لمركز شرطة جنزور، وسيحال على جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب لاستكمال التحقيقات. وتحرج انتهاكات الميليشيات حكومة “الوفاق” التي تحاول نفي الاتهامات بالفوضى وعدم الانضباط عن قواتها لاسيما في ظل المعارك المحتدمة على تخوم طرابلس بين المجموعات المسلحة الموالية لها والجيش الليبي. وتمنح تلك الانتهاكات المزيد من الشرعية لعملية الجيش التي تستهدف تحرير العاصمة من الميليشيات والجماعات المتطرفة. وتخشى حكومة “الوفاق” منذ بدء المعارك في 4 أبريل الماضي ظهور تحركات مؤيدة للجيش داخل العاصمة، لذلك تشن حملة اعتقالات واسعة ضد من يشتبه في دعمهم للقوات المسلحة. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، ليل الخميس، إن الميليشيات المتحالفة مع حكومة “الوفاق” اعتقلت تعسفيا وأخفت قسرا مئات الأشخاص من مؤيدي القوات المسلحة في العاصمة طرابلس. وأفاد المركز، أن ميليشيات مصراتة ألقت القبض على نحو 180 شخصا من مؤيدي القوات المسلحة وقامت باحتجازهم بإحدى المزارع الواقعة على طريق السدرة. وأشار المركز، إلى أن المحتجزين جرى سجنهم داخل ما يعرف بـ“مزرعة المجدوب” التي تتخذها بعض ميليشيات مصراتة غرفة عمليات عسكرية. وأكدت الغرفة، أن عمليات القبض والاحتجاز ليست الأولى من نوعها، حيث سبق اقتياد الكثيرين لمجرد الاشتباه بتأييدهم للقوات المسلحة. واتهم عضو المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” فتحي المجبري رئيس المجلس فايز السراج باستخدام سلطاته ونفوذه لتحقيق مكاسب شخصية، محملا إياه المسؤولية عن العملية التي يقودها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس. وأعتبر المجبري أن فايز السراج هو العدو الأول للدولة المدنية متسائلا “عن أي دولة مدنية يتحدث؟ وهو الذي يدير البلاد من خلال سلطة الأمر الواقع وبالاتكاء على ميليشيات خارجة عن القانون والارتماء في أحضان جماعات متطرفة”. وأطلق الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر مطلع أبريل الماضي عملية عسكرية لتحرير طرابلس من الميليشيات. وتراوح المعارك مكانها وسط عجز كلا الطرفين عن تحقيق تقدم عسكري. لكن آمر كتيبة طارق بن زياد التابعة للقيادة العامة عمر امراجع أكد الخميس أن قواته تمكنت من إنجاز نحو 70 بالمئة من المرحلة الثانية والأخيرة لعملية تطهير طرابلس من الميليشيات والجماعات التابعة للإخوان وتنظيم القاعدة. ونفى امراجع وجود مرحلة ثالثة في عملية تحرير طرابلس مضيفا أن المرحلة الثانية تقوم على عدة مهام، منها ”الاقتراب من وسط المدينة من كل المحاور، والتنسيق مع وحدات من الجيش والأمن الداخلي بطرابلس”.
مشاركة :