الدماغ يستخدم الطاقة لأداء العمل، وبحسب العلماء، يعتمد في هذه العملية على نسبة الجلوكوز في السكر، وهنا تتطلب الأنشطة المعرفية الشاقة نسبة جلوكوز أكثر من تلك البسيطة، وهي مهمة تبدو دقيقة للغاية وصعبة. وعلى سبيل المثال قد تبدأ أجزاء الدماغ المشاركة في تكوين الذاكرة في استهلاك المزيد من الطاقة، لكن مناطق الدماغ الأخرى لن تظهر فيها مثل هذه الزيادة، وستحرق في الواقع طاقة أكثر أثناء ممارستك مهمة إدراكية مكثفة أكثر مما تحرق خلال مشاهدة عرض أوبرا مثلًا، كما أن الفرق في حرق السعرات الحرارية من مهمة عقلية إلى أخرى هو مقدار ضئيل للغاية في الشخص العادي. وإذا لم تكن رياضيًّا محترفًا، فإن معظم الطاقة التي يستخدمها جسمك ليس لها علاقة بالحركة أو التمرين، وجزء كبير منها حوالي 8 إلى 15 في المائة تتجه نحو هضم الأشياء التي تبتلعها، بينما هناك حاجة إلى جزء أكبر من ذلك بكثير لتشغيل أعضائك وإبقائك على قيد الحياة، وليس هناك جزء منك يتطلب طاقة أكثر من عقلك. ويعد العقل أكبر مستهلك للطاقة بصفته أغلى عضو نحمله، وبرغم أن الدماغ لا يمثل سوى 2 في المائة من إجمالي وزن الجسم، فإنه يعمل بنحو 20 في المائة من إجمالي طاقة الجسم، وهو ما يعني أنه خلال يوم عادي، يستخدم الشخص حوالي 320 سعرة حرارية للتفكير فقط. وحسب العلماء يمكن هنا للحالات الذهنية والمهام المختلفة أن تؤثر بشكل دقيق على الطريقة التي يستهلك بها الدماغ الطاقة، وإذا تمت مراقبة ما يحدث في عقلك، بينما تجلس أمام التليفزيون أو أثناء القيام بحل الكلمات المتقاطعة، فسيبدو تغير نشاط عقلك إذا قدمنا لك مهمة شاقة، وسوف يستخدم مزيدًا من الطاقة، فيما يتم وضع الجزء الأكبر من استهلاك الطاقة في عقلك في الحفاظ على اليقظة، ومراقبة بيئتك للحصول على معلومات مهمة، وإدارة الأنشطة الداخلية الأخرى. بحسب العلماء فإن الشخص الذي يقوم بأعمال صعبة إدراكيًّا لمدة ثماني ساعات سيحرق حوالي 100 سعر حراري أكثر من الشخص الذي يشاهد التليفزيون، وإذا كنت تفعل شيئًا صعبًا بالفعل وتستخدم حواسًا متعددة مثل تعلم العزف على آلة موسيقية مثلًا، فقد يصل إلى 200 سعر حراري خلال ثماني ساعات من تعلم الأداة الجديدة، لكن قدرة الدماغ على البقاء في هذه المهمة سوف تتضاءل كلما تضاءل مخزون الجلوكوز، حتى الوصول لتأثير النضوب؛ حيث لا يمكنك الحفاظ على نفس المستوى من الأداء الإدراكي. وقد يؤدي شرب أو التهام بعض المنتجات إلى تجديد مخازن الجلوكوز لديك والمساعدة في استعادة عقلك إلى كامل قوته، لكن السعرات الحرارية في تلك الأطعمة ستفوق بسهولة أي كمية تحرقها، ومع ذلك لا يزال من الممكن تحقيق نتيجة بالنسبة للأشخاص، الذين يقضون أيامهم في أداء أعمال صعبة عقليًّا.
مشاركة :