كشف الدكتور محمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق حكاية مسجد الجزار فى عكا بفلسطين.وقال لصدي البلد: عندما حضر أحمد باشا الجزار واليًا على فلسطين فى نهاية القرن الثانى عشر، وقع اختياره على مدينة عكا لتكون عاصمته المفضلة فى فلسطين، وقام بتحصينها بالأسوار وقام أيضًا ببناء أكبر مركز تجارى سمى باسمه من أجل تشجيع التجارة وتأمين الدخل لدولته.ثم شرع فى إقامة المسجد الكبير المعروف باسمه "مسجد الجزار" والمدرسة الأحمدية والمكتبة وسبيل الطاسات والملجأ والميضأة والمزولة والبركة التى جلب إليها الماء من نبع الكابرى وأمر قبل وفاته بدفنه بجانب مسجده ، ولهذا الرجل موقف لن ينساه أبدًا تاريخ العظماء.حيث هاجم نابليون بونابرت مدينة عكا عام 1799 م بجمع كبير من الجيوش الفرنسية،حتى يستولى عليها لأن فى الاستيلاء على عكا السيطرة على فلسطين بأكملها فهى المفتاح الرئيسى لهذا البلد ، ولكن فشلت الجيوش الفرنسية فشلًا ذريعًا فى اقتحام أسوار عكا ودخولها وماتت أحلام نابليون فى الاستيلاء على فلسطين بأكملها بسبب عزيمة وقوة حاكم عكا أحمد باشا الجزار وكذلك استبسال أهلها فى الدفاع عن مدينة عكا.ويعتبر مسجد الجزار أعظم مساجد شمال فلسطين على الإطلاق،وذلك لحجمه ولفنه المعمارى الإسلامى الذى يبرز معالمه مما جعله قبلة المسلمين فى مدينة عكا،وتحفة سياحية يزورها السائحون ليتمتعوا بجمال وعظمة هذا البناء،ونوعية الكتابة الفاخرة لمختلف الآيات القرآنية التى تحيط بالقسم العلوي من الجدران.وتعود أهمية جامع الجزار – إلى جانب موقعه ومكانته فى نفوس المسلمين – لمساحته الهائلة وارتفاع قبته ، فلم يكن المعماريون يعرفون آنذاك الأسمنت المسلح بالحديد،وكان من الصعب إقامة أبنية واسعة لتعذر بناء السقوف الواسعة،فاحتال المهندسون على ذلك ببناء الأقواس وحجر الغلق الذى يقفل القوس من الأعلى مما جعله صامدًا ضد عوامل الزمن.وإن أعظم ما فى مسجد الجزار فى عكا هو القبة ، فهى كروية الشكل ويبلغ قطرها عشرة أمتار تكسوها ألواح من الرصاص من الخارج لمنع تسرب الرطوبة إليها ، أما المئذنة فتقع فى الركن الشمالى الغربى من الجامع وفيها درج لولبى قوامه اثنتان وسبعون درجة وبعض النوافذ الصغيرة للإنارة والتهوية ، ولذلك فإن هذا المسجد يعد تحفة أثرية وفنية نادرة الوجود ويعتز بها كل عربى وفلسطينى مسلم.أما عن عكا فهى مدينة ذات تاريخ عريق وقد حملت عدة أسماء عبر عصورها التاريخية ففي العصر الكنعاني الذي تأسست فيه أطلق عليها الكنعانيون اسم عكو وهى كلمة تعني الرمل الحار وسماها المصريون عكا أو عك ، وعندما جاء العرب سموها عكا ، وقد نُكبت عكا بالاحتلال الصهيونى الإسرائيلي وذلك عندما احتلتها العصابات الصهيونية المسلحة بتاريخ 18/5/1948م وذلك بعد قتال عنيف مع أهلها وعلى الرغم من ذلك فقد بقى عدد كبير من الفلسطينيين مقيمين صامدين فى عكا حتى الآن على أمل أن يتم تحريرها بمشيئة الله.
مشاركة :