مسجد «أبومحمد القاسم بن فِيره بن أحمد الشاطِبِي»، أحد الآثار التى تعود للدولة الأيوبية الذى يعانى كغيره من الآثار الإسلامية إهمالًا لا مثيل له تسبب ومازال فى تدمير وفقدن الآلاف من الأماكن الآثرية التى قضى عليها تجاهل المسئولين إلى جانب تعديات الأهالى بالبناء ووضع اليد ما كان سببًا إضافيًا فى ضياع المزيد من الآثار الإسلامية.يعود المسجد إلى أبومحمد القاسم بن فِيره بن أحمد الشاطِبِي والمعروف بسيد القراء، حيث ولِد عام ٥٣٨ هجريًا فى مدينة شاطبة بالأندلس، حيث فقد بصره وهو صغير، فحفظ القرآن الكريم لينير له بصيرته، وتعلم طرفًا من الحديث والفقه، ترعرع بين صفوف محبى القرآن والمنصتين له، فقرر الرحيل إلى الحج فى سن صغيرة، وهو فى طريقه إلى الحجاز نزل الإسكندرية، لكى يزور أبى طاهر السلفي، وكانت شهرته فى الحديث قد عمت الآفاق، ويشد إليه العلماء الرحال، فاستقر الشاطبى بالإسكندرية فترة من الزمن، ثم استكمل طريقه إلى الحجاز لأداء مناسك الحج، وعند عودته، دخل مصر وكان يحكمها الأيوبيون فأكرم القاضى وفادته، وأحسن استقباله وعرف مكانته، وأنزله مدرسته التى بناها بدرب الملوخية بالقاهرة، وجعله شيخًا لها، فأستمتع الشاطبى بالحياة فى القاهرة، واستقر بها، وجلس يقرأ ويتعلم.عاش ٥٢ عامًا مليئًا بالعطاء الوفير إلى أن توفى ودفن فى تربة القاضى الفاضل بالقرب من سفح جبل المقطم بالقاهرة، وضريحه بالمسجد الذى تجد قبته وجدرانه خاوية، بسبب إهمال وزارة الآثار فعن الجدران فلم تسلم من عبث الزمن والأيام بعد أن اتخذت منها الفئران بيوتا، والبوم وجده ملاذًا لأعشاشه، خاصة وأن المسجد يجاوره المقابر، فتجد فى المنطقة، الأحياء مختلطين بالأموات، حيث تكتظ المنطقة بمواطنين يعيشون داخل جحور، يتعاملون مع الآثار الموجودة بشكل غريب وكأنها مراحيض عامة فالكل يدخل ولا أحد يسألهم عن تلك التصرفات.يقول الحارس المقيم أمام الضريح: «أنا بأعتنى بالمسجد لأنه بيت ربنا لكن الآثار والأوقاف محدش منهم بيسأل فينا ولا يفكروا يرمموا المسجد جاءوا مرة من فترة حطوا شوية حجارة عشان الواجهة كانت هتقع ومحدش شافهم تاني»، مضيفا أن عدد إخصائى الترميم محدودون، وعددهم لا يزيد عن ثلاثة آلاف و٥٠٠ عامل نظير أجر، وهم موزعون على إدارات الترميم بوزارة الآثار فى مختلف المحافظات، أما عن التشققات التى لاحقت جدار المسجد فنتجت عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمنطقة مما أضر بجدران المسجد، إلى أن أصابتها تشققات وتصدعات بالغة ويصعب ترميمها لأنها أصبحت آيلة للسقوط، وتسبب ذلك فى ظهور الرشح وظهور رواكد الأملاح وترسباتها بوسط الجدران، بالإضافة إلى تسبب هذه المياه فى الانهيار سريعا على المدى البعيد، بالإضافة إلى تحول المكان لمنطقة عشوائية، تباينًا فجًا فى السكان، مما خلق مجتمعًا مهمشًا، تنتشر به كل السلوكيات السيئة، من أعمال السرقة إلى البلطجة وأصبحت الساحة الخالية بجوار المسجد مرتعًا لمدمنى الكحوليات والمخدرات، وهذا أدى إلى المزيد من التعقيدات بالمنطقة، إذ انتشرت التعديات سواء بالبناء بالمخالفة للقانون أو إلقاء القمامة داخل المناطق الأثرية، وأحيانًا يتجاوز الأمر لهدم أجزاء من بعضها كما مبين بالصور المرفقة.
مشاركة :