رائحة الأمّ أعبق ما تشمّ | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 3/22/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

عِندَما تَأتي سِيرة الأُم "يحلوّ الكَلَام"، وأُحبّ أنْ أُطيل في سِيرة أُمِّي، التي أعتَبرها أُم كُلّ النَّاس، وكُلّ أُمّهات النَّاس أُمّهاتي، لأنَّ لُغَة الأُم في العَالَم كُلّه، تَتطَابَق في الموَاصَفَات والمَقَاييس والحُب والأحَاسيس..! وتَاريخ الإنسَان مَع أُمّه، وذِكرياته في التَّحايل عَليها، وتَحايلها عَليه فِكرٌ عَالمي، تَجده في الشّرق أو الغَرب، وحتَّى أُدلّل عَلى هَذا؛ تَعالوا مَعي لنَقرأ هَذه الرِّسَالة، التي كَتبها أَديب غَربي إلَى أُمّه، التي كَانت تَتحَايل عَليه، وتَقول لَه إنَّ الدَّواء عَصير لكي يَشربه، وأنَّ جِدّه الذي مَات سيَعود قَريبًا، وأنَّ المَشَكِلاتِ تُحلّ بقِطعة حلوَى..! يَقول ذَلك الأديب في رِسَالته إلَى أُمّه: (لقَد كبرنا -يَا أُمِّي- واكتَشفنا أنَّ الدَّواء لَيس عَصيرًا، وأنَّ جِدِّي لَن يَعود ثَانيةً كَما قُلتِ يَا أُمِّي، كبرنا واكتَشفنا أنَّ هُنَاك أمُورًا تُخيف أكثَر مِن الظَّلام، كبرنا لدَرجة شعُورنا بأنَّ وَرَاء ضحكتكِ أَلف دَمعة، وورَاء قوّة أبي أَلف مَرض، كبرنا واكتَشفنا أنَّ مَشَكلاتنا مَا عَادت تُحلّ بقِطعة حلوَى، أو سيّارة، أو حَقيبة أو فُستَان، كبرنا واكتَشفنَا أنَّكِ وأَبي لَن تَمسكا بأيدينَا دَائمًا لعبُور الشَّارع، أو مُنعطفات الحيَاة، كبرنا واكَتشفنا أنَّنا لَم نَكبر وَحدنا، بَل كَبرتما مَعنَا، وأَوشكتمَا عَلَى الرَّحيل، أو رَحلتما فِعلاً، كبرنا جِدًّا وعَرفنا أنَّ قَسوتكِ كَانت مُجرَّد حُب، وغَضبكِ كَان مَحض حُب، وعِقَابك أيضًا كَان مِن الحُب.. يَا لَها مِن حيَاة، ومَا أَغربها مِن دُنيَا)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أن نَقول: لَيتنا لَم نَكبر، ولَم نَكتشف الحقَائق المُذهلة، لأنَّ حيَاة الطّفولَة التي كَانت تَتحايَل فِيهَا أُمَّهَاتنا عَلينا؛ هي مِن أحلَى الأيَّام، وأنقَى الذِّكريَات وأَصدَقها..!!!. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :