“مشروع المواليد؛ ولد ليبقى”، بهذه الكلمات أعلن رئيس الهيئة العامة للرياضة السابق المستشار تركي آل الشيخ، عن مرحلة جديدة في الرياضة السعودية قائمة على الاستفادة من كافة المواهب التي ولدت وتربت وترعرعت في المملكة. ولأن المملكة أولى بالنجوم الذين ولدوا وتربوا فيها، كان أولى على أبنائها أن يلتحقوا بأنديتها ويحرزوا البطولات باسمها، ومن هنا شكّل آل الشيخ، لجنة لاستقطاب المواهب الرياضية من المواليد، والتي اختارت 70 لاعبًا كمرحلة أولى. وبعد مرور ما يربو عن عام ونصف من تشكيل هذه اللجنة وبعد انتهاء دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين للعام 2018، تضع صحيفة “مكة” الإلكترونية، هذه التجربة تحت المجهر؛ وتسلط الضوء على النتائج التي حققها المواليد في البطولة وأبرز النجوم الذين ذاع صيتهم خلالها. فرصة للموهوبين وفي تقييمه للتجربة، أكد رئيس نادي الاتحاد لؤي ناظر، أن فكرة اكتشاف المواهب بين مواليد المملكة والاستفادة منهم في رقي وتقدم الرياضة الوطنية كانت جيدة ومبادرة محمودة. وأضاف ناظر، من حكم تجربته وعمله في رئاسة نادي الاتحاد، أن التجربة تحتاج إلى وقت أكبر من أجل أن تثمر وتظهر منافعها، موضحًا أن الحكم عليها بعد عامٍ ونيّف غير دقيق ولن يكون منصفًا. وحث على أهمية إعطاء الفرصة لجميع المواليد من أجل إظهار مواهبهم وقدراتهم الكروية، لافتا إلى أن من أهم الأسماء التي ظهرت خلال هذه التجربة كان عبدالفتاح آدم. وتوقع أن تشهد الأعوام المقبلة اكتشاف أسماء ومواهب جديدة سيكون لها صدى كبير في خدمة الأندية والمنتخب الوطني خلال السنوات المقبلة. وجدّد التأكيد على أن المواليد ولدوا وعاشوا في المملكة منذ أجيال عدة، وباتوا جزءا من المجتمع واستبعادهم ظلم لهم ولمواهبهم. وحول الأداء الذي ظهر فيه المواليد خلال دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، قال إنه من المبكر الحكم على اللاعبين في هذه التجربة التي لا زالت في بدايتها وتحتاج إلى وقت أكبر. لا فائدة للمنتخب ومن جانبه، يرى رئيس نادي الوحدة السابق المهندس محمد سمرقندي، أن التجربة في عامها الأول حققت نتائج جيدة؛ مؤكدًا في الوقت ذاته أنها تجربة قيّمة ولها ما بعدها في المستقبل الذي يمكن البناء عليه. وأوضح أن التجربة على الرغم من أنها في البداية إلا أنها كشفت عن أسماء غير معروفة من اللاعبين المتميزين من أمثال: أحمد عبده وعلي النمر وجابر عيسى. ونوّه بالإصرار الذي يتمتع به اللاعبون المواليد على رسم لوحة جميلة في الأداء والأخلاق العالية التي يتمتع بعها أغلبهم، مشيرا إلى الفوائد التي عادت على نادي الوحدة، على سبيل المثال، من خدمات أحمد عبده وعلي النمر الذين قدما موسما رائعا وكان لهم حضورا مميزا. ومع ذلك، استبعد سمرقندي، أن يكون لهذه الأسماء أي تأثير أو إضافة إذا ما التحقوا بصفوف المنتخب الوطني، داعيًا إلى استمرارها والبحث عن المزيد من المواهب بين المواليد، قائلًا “طالما أن الفريق يتعاقد مع لاعب أجنبي؛ فالمولود في هذه البلد أولى بالمشاركة ومن وجهة نظري فهو ابن من أبناء الوطن”. الاستقطاب من الصفر أما بالنسبة للكاتب والناقد الرياضي أحمد الشمراني، فإن التجربة عليها ملاحظات عدة، أبرزها أنها اهتمت بالشباب الذين تزيد أعمارهم عن 21 عامًا وأهملت النشء والأشبال الصغار الذين يمكن بناؤهم وتدريبهم بشكل أفضل وأسهل من كبار السن. وقال الشمراني، إن التجربة في عامها الأول كانت مفيدة؛ لأننا خسرنا الكثير من نجوم هذه البلد الذين ولدوا فيها ومارسوا كرة القدم في الحواري والمراكز وبعض الأندية غير الرسمية. وأكد أن الحكم على نجاح أو فشل المواليد يحتاج إلى وقت؛ على الرغم من أنه يمكن اعتبار هذه تجربة ناجحة إلى حد كبير لأنها منحت أبناءنا الذين ولدوا بيننا فرصة المشاركة بالأندية، وهذا يحدث في الكثير من الدول المتقدمة ومن ضمنهم فرنسا التي منحت جيلا كاملا حق المشاركة في المنتخب وحققت كأس العالم. وأضاف “نطمح للاستفادة من هذه التجربة، ونحتاج إلى تشريع جديد يوسع مشاركة المواليد في المنتخب الوطني، في ظل زيادة أعدادهم وتوافدهم على الأندية وما أتمناه أن يعاملوا معاملة السعوديين”. وأشار إلى أن نتائج هذه التجربة كانت محدودة؛ فلم تكشف سوى عن عدد قليل من النجوم ذوي المهارات المتميزة، لا يتجاوز لاعبين أو ثلاثة فقط، عازيًا السبب إلى حداثة التجربة. وشدد الشمراني على ضرورة إعطاء الفرصة للأشبال والبراعم نظرا لإمكانية تطويعهم وتأهيلهم وتدريبهم بما يساعد الكرة السعودية على التألق والتميز، بخلاف الاهتمام بكبار السن وفق ما حدث في التجربة الأولى حيث يزيد عمر المشاركين عن 20 عامًا وفي هذه المرحلة من الصعب تأهيلهم وتطوير مهاراتهم. ودعا لفتح أكاديميات تعنى باستقبال هذه المواهب في سن مبكرة وتأهيلها وتدريبها من الصغر؛ لأن الكبار لا يمكن إعادة تأهيلهم وصقلهم وتنمية مهاراتهم بسهولة، وهم بحاجة للتدرج من الحواري للأكاديميات التي يكتسبون فيها المعرفة والمهارات اللازمة ثم إلى الأندية ثم إلى المنتخب، وليس من الحواري إلى المنتخب بشكل مباشر، الأمر الذي يجعلهم في صدمة ويمنعهم من التأقلم سريعا مع المحترفين. وفي الختام “أقول إننا لا نستطيع الحكم على التجربة بالنجاح؛ لكن الفكرة ممتازة والعبرة مرتبطة بالنتائج، وبعدد اللاعبين الذين تم اكتشافهم والاستفادة من مهاراتهم، والحكم على ذلك مرهون بالأيام المقبلة وإمكانية الاستفادة من المزيد من اللاعبين”. تجربة لم تكتمل بدوره، رأى الكاتب والناقد الرياضي الدكتور صالح الحمادي، أن تجربة المواليد لم تكتمل وأن العام الأول من التجربة كان جيدا قياسا بظهور بعض المواهب من بينها عبدالفتاح آدم هداف التعاون وعلي النمر نجم الوحدة. ودعا الحمادي، إلى السماح للمواليد باللعب ضمن المنتخب الوطني؛ أسوة بكافة المواليد الذين يخدمون المملكة في كافة الأصعدة الطبية والعلمية والهندسية والميكانيكية والإنشائية والرياضية والثقافية. أقل من المتوقع ومن جهة أخرى، أكد الناقد الرياضي عادل عصام الدين، أن فكرة الاستفادة من المواهب لدى المواليد كانت ممتازة وطرحت منذ عقود وتم تنفيذها في منعطف تاريخي شهد تغييرات رائعة في المملكة. وأوضح عصام الدين، أن التجربة أسفرت عن اكتشاف عدد لا بأس به من المواهب، لاسيما الذين شاركوا مع المنتخب في دورة الخليج الأخيرة، ومع ذلك أعرب عن أسفه من أن التجربة لم تحقق التطلعات المرجوة وأن المستويات كانت أقل من المتوقع. وأشار إلى أهمية الاستمرار في هذه التجربة وتطويرها باستقطاب أكبر عدد ممكن من المواهب واختيار الأفضل بينها لتمثيل المنتخب الوطني، مشيرا إلى أن الحكم على نجاح هذه التجربة لا زال مبكرًا وأنها تحتاج إلى مزيد من الوقت.
مشاركة :