سرديات: «الـحـكــايـــات الـشـعـبيـّة البحرينيّة.. ألف حكاية وحكاية» إلى العالميّة

  • 5/19/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ثلاثةُ أشهر مضتْ منذ تدشين كتاب «الحكايات الشعبيّة البحرينيّة.. ألف حكاية وحكاية» في جامعة البحرين في الثامن عشر من شهر فبراير 2019. وهو أكبر مجموع حكائيّ شعبيّ يظهر حتى الآن في الوطن العربيّ، وأول مشروع من نوعه عربيا ينجزه طلاب جامعة، وهنا تكمن فرادته واستثنائيته. ويحتوي الكتاب على خمسة مجلدات ضخمة في ألفين وخمسمائة صفحة من القطع الكبير بالمنطوق الشعبيّ البحرينيّ وليس باللغة العربيّة الفصحى كما اعتادت على ذلك الكثير من المجاميع الحكائية الشعبيّة. لقد أنجز هذا الجمع الضخم مائة طالب وطالبة من طلابي بجامعة البحرين، وبإشرافي طوال عشر سنوات متواصلة (2007-2017)، منها أربع سنوات قضيتها في التدقيق والتنقيح والفرز والمراجعات المستمرة، وكنتُ لا اسمح لنفسي بالتراجع مطلقًا لشغفي العميق بهذا المشروع الوطنيّ الكبير الذي يؤرِّخ ذاكرة البحرين وهويتها الشعبيّة، وكنتُ سعيدة جدًا بأنَّ شغفي انتقل إلى طلابي، وأنَّ عددًا كبيرًا منهم كان يأتيني بعد انتهاء المقرر، ويطلب مني أن يستمر في الجمع والمقابلات الميدانيّة، وعدد كبير من طلابي أيضًا عندما اختاروا موضوع بحث التخرج اختاروا الاشتغال على الحكايات الشعبيّة البحرينيّة، وأنجزوا أبحاثًا رصينة على قدر كبير من التمّيز المنهجيّ. لقد كانت نواة المشروع في البداية عمل حوالي ثمانية طلاب من طلابي انتهت بمائة طالب وطالبة، وقد أرّخ يومها طالبي الصحفيّ محمود القلاّف لهذا المشروع بكتابة مقال في صحيفة «البلاد» البحرينيّة (العدد3861 السبت 11 مايو 2009) عنوانه «هل تنجح ضياء الكعبيّ مع طلابها في الحفاظ على ذاكرة الوطن؟ مشروع» جمع الحكاية الشعبيّة البحرينيّة «يدوّن الرمق الأخير من الرواة». التحدي كان حقيقيا وصعبًا في إمكانية الاستمرار في مشروع وطنيّ ضخم جدًا يقتضي عملاً مؤسسيا، إلى جانب أنَّ هذه المشاريع الكبرى تحتاج إلى تسويق ثقافي يتعدّى الاشتغال المحليّ إلى الإقليميّة والعالميّة لتوثيقه وتصنيفه وإشهاره، وهذا ماقامت به «الثقافة الشعبّية» و«المنظمة الدوليّة للفن الشعبيّ (IOV) برئاسة الشاعر البحرينيّ الكبير الأستاذ عليّ عبدالله خليفة الذي تكفَّل في عام 2014 بتبني هذا المشروع الوطنيّ ودعمه ماديا ولوجستيا والصبر عليه في مرحلته الأولى حتى اكتمل ونضج وتحقّق. وهذه كلمة شكر مستحقة في حقّ هذا الرجل الذي شغفه التراث البحرينيّ، وأصبح مسكونًا به، ومن ذلك شغفه بضرورة تدوين الحكايات الشعبيّة البحرينيّة على نحوّ متسع وشامل. ولا يزال الأستاذ عليّ عبدالله خليفة داعمًا أساسيا لهذا المشروع الوطنيّ الكبير، بما في ذلك مراحله التالية القادمة بمشيئة الله تعالى». إنَّ هذا المشروع الوطنيّ الكبير يوثِّق ذاكرة الوطن بمختلف أطيافه وجمال تنوعه اللهجيّ من مختلف مدن البحرين وقراها، وهو ما سيمثل أساسًا مرجعيا لدراسات قادمة تشتغل على هذا الجمع الميدانيّ، وهذا المشروع الوطنيّ الكبير هو ثمرة متحقَّقة من ثمار المشروع الإصلاحيّ لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله ورعاه. كانت فرحة جلالته بهذا المشروع متوِّلدة من شغفه الحقيقيّ والأصيل بالحفاظ على الموروث البحرينيّ وإبراز الهوية البحرينيّة في ذاكرتها الشعبيّة الحقيقيّة، ولا أزال أذكر كلمات جلالته ونصيحته لنا عندما قابلنا بألا نقف عند هذه المرحلة الأولى، وإنَّما نواصل المراحل القادمة من المشروع، وأن يتحوّل هذا المشروع إلى مادة أساسية تُستقى منها الدراما البحرينيّة الشعبيّة والأفلام الوثائقية إلى جانب تقريبها إلى الأجيال صغيرة السن من خلال الرسوم المتحركة، وبمشيئة الله تعالى نحقق نصيحة جلالته لنا في القادم من الأيام. وبعد تدشين هذا المشروع الوطنيّ الكبير بفترة قصيرة جاءني اتصال من مكتب صاحبة السموّ الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة صاحب الجلالة لاقتناء مجموعة كبيرة من نسخ هذه المجموعة الحكائيّة الشعبيّة، وهذا إن دلَّ على شيء فإنّما يدلّ على وعي سموها العميق بمكونات الثقافة البحرينيّة الشعبيّة، ودعم سموها الكبير للإصدارات البحرينيّة الرصينة في مجالها. ويدلّ هذا الحرص كذلك على إيمان سموها بالمشاريع الوطنيّة التي تحافظ على هوية الوطن وذاكرته الثقافيّة ودعمها لكلّ ما يحقّق تقدم المرأة البحرينيّة في مختلف مجالات الإبداع. شكر واجب ومستحق لسعادة وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد بن علي النعيميّ رئيس مجلس الأمناء بجامعة البحرين الذي التقاني مع سعادة رئيس جامعة البحرين البروفيسور رياض يوسف حمزة، وأكد دعمه لهذا المشروع الوطنيّ في مراحله جميعها، كما أكد أهمية التعاون بين جامعة البحرين ومدارس وزارة التربية والتعليم فيما يخصُّ توظيف الموروث الشعبيّ البحرينيّ لتأكيد المواطنة وإبراز عناصر الهوية الثقافيّة من التسامح وتقبل الآخر في هذا الموروث. وهذا يدلُّ على عمق وعي سعادته بالدور الكبير الذي ترسخه الثقافة الشعبية في الهوية الوطنية، ووزارة التربية والتعليم جعلت مقرر «الثقافة الشعبية» مقررًا إثرائيا في المرحلة الثانوية، وهذه التفاتة ذكية وواعية تحقّق لمناهج مملكة البحرين ريادة استثنائيّة. شكر واجب ومستحق لسعادة البروفيسور رياض يوسف حمزة رئيس جامعة البحرين على دعمه الكبير لهذا المشروع الوطنيّ وعلى إيمانه العميق به، وهي كلمة حق أقولها في هذا المقام البروفيسور رياض يوسف حمزة صاحب ثقافة حقيقيّة، ويمتلك وعيًا عميقًا بأهمية الحفاظ على الثقافة، ويشجع منسوبي الجامعة أساتذة وطلابًا على الإنجاز الثقافيّ الرفيع. وقد استطاعت جامعة البحرين خلال سنوات قليلة في فترة رئاسته أن تتقدم تقدمًا مذهلاً في التصنيف العالميّ لكبريات الجامعات المرموقة. لقد قدَّمت الجامعة لهذا المشروع الوطنيّ الكبير الكثير من الدعم الماديّ والمعنويّ، كما أنها دعمت وتدعم مثل هذه المشاريع الوطنية والعلمية الكبرى وتقدم لها شتى أنواع الدعم والمساندة. والشكر العميق كذلك إلى منسوبي جامعة البحرين من الهيئتين الإدارية من نواب رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور وهيب الناصر والدكتورة هيا بنت علي النعيميّ والدكتور محمد الأنصاري وأساتذتي البروفيسور إبراهيم عبدالله غلوم والبروفيسور علوي الهاشميّ وعميد كلية الآداب الدكتور عبدالعزيز محمد بوليلة ورئيس قسم اللغة العربيّة والدراسات الإسلاميّة الدكتور خليفة ياسين بن عربيّ وزملائي وزميلاتي الأساتذة والطلاب على هذا الاحتفاء الكبير بالمشروع. والشكر الواجب المستحق لطلابي الأعزاء نواة هذا المشروع عندما تخلّق وتكوّن بجهودهم الكبيرة الطيبة. والشكر العميق لرواة هذا الكتاب؛ لقد أرخوا بالفعل ذاكرة وطن. شكر واجب ومستحق لسعادة الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة المدير العام لهيئة البحرين للثقافة والآثار التي أكّدت في لقائها بي أهمية مثل هذا المشروع الوطنيّ، وأكدت بروحها الوطنيّة العالية وثقافتها الإنسانيّة العميقة استعداد الهيئة لتسويق هذا المشروع في مختلف المحافل المحليّة والإقليميّة والعالميّة، إيمانًا منها بأهمية إيصال الثقافة الشعبيّة البحرينيّة إلى العالم. كما تواصلت مع بعض المعنيين بالمسرح البحريني لتحويل مادة الكتاب إلى دراما مسرحية. شكر واجب ومستحق لكلّ من دعم هذا المشروع الوطنيّ في وسائل الإعلام المختلفة المحليّة والعربيّة ومختلف المنصات الإعلاميّة. وكنتُ سعيدة جدًا بالمقالات الثقافيّة الرصينة التي تناولت كتاب «الحكايات الشعبيّة البحرينيّة» في الصحافة البحرينيّة، وشكر عميق لأخي الأستاذ علي الستراوي مسؤول الملحق الثقافي بجريدة «أخبار الخليج» على إيمانه بهذا المشروع الوطني المهم، والشكر العميق للصحف البحرينية «الأيام» و«الوطن» و«البلاد» على تغطياتهم الرائعة إلى جانب التغطيات المتميزة لتلفزيون وإذاعة البحرين، وكنتُ سعيدة جدًا بالمقالات المتميّزة التي تناولت الكتاب ونُشِرَت في جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية وبعض المنصات الإعلاميّة ذات التأثير الإعلاميّ العربيّ القويّ. والحمدلله أنَّ الكتاب حقّق سمعة عربية طيبة. ثلاثة أشهر مرّت على تدشين كتاب «الحكايات الشعبيّة البحرينيّة، ألف حكاية وحكاية»، والحمدلله أنني تمكنتُ من توقيع الكتاب في معرضين كبيرين «معرض الرياض الدولي للكتاب» ومعرض «أبوظبي الدوليّ للكتاب»، وسأحرص بقدر الإمكان على المشاركة في معارض الكتب العربيّة القادمة. وفي معرض الرياض وأبوظبي كان الإقبال إقبالاً نوعيا مثقفًا وواعيًا وشغوفًا بقيمة هذا الكتاب في المتخيل الشعبيّ الخليجيّ وحتى المتخيّل الإنسانيّ العالميّ. والذي لفت انتباهي هنا في البحرين أو حتى في دول الخليج العربيّة أنه لا تزال للحكايات الشعبيّة سطوة الشغف الأجمل. ورغم القوة الضاربة لوسائط التواصل الاجتماعيّ فإن الذي يطمئنني هو ذلك الوعيّ العميق الذي لامسته عن قرب لدى الإنسان العادي الذي يأتيني ويلحُّ بشغف لاقتناء هذا الكتاب، لقد كنتُ سعيدة بأن الذين أهديتهم هذا الكتاب كانوا يستحقونه لأنهم آمنوا بأهمية هذا المكوِّن التراثيّ في تحقيق هويتنا، وقد لامستُ فيهم عن قرب وطنيتهم البحرينيّة الأصيلة والخالصة، وكنتُ أقرأ في عيونهم فرحًا غامرًا يحتضن الكتاب وبأنَّ هذا المشروع هو مشروعهم وهويتهم الحاضنة. وأمّا قبل، فقد أنجزنا ولله الحمد المرحلة الأولى من هذا المشروع الوطنيّ الاستثنائيّ، وأمامنا أربع مراحل قادمة ستُنجز بمشيئة الله تعالى خلال السنتين القادمتين. والخطوات القادمة تستهدف الوصول بالحكايات الشعبيّة البحرينيّة إلى التصنيف العالميّ للحكايات، وإتاحة الحكايات الشعبيّة البحرينيّة للناطقين ببعض اللغات العالميّة مثل الإنجليزية والفرنسية وغيرهما. ‭{‬ أستاذة السرديات والنقد الأدبيّ الحديث المساعد، كلية الآداب، جامعة البحرين dheyaalkaabi@gmail.com

مشاركة :