إن التنبؤ بالحتميات والاستعداد لها من الآن يصيبنا بقلق طفيف نسبيا بالمقارنة مع صدمة الخسارة والأسى في وقت لاحق، يمكننا أن ننظر في علاقات الحب الكبيرة في حياتنا ونتفحصها بصدق، فإلى أي مدى تخدم حاجاتنا الأنانية الداخلية؟ وإلى أي مدى نحن ننتفع حقا بالشخص الآخر لاستغلاله في تحقيق مكاسبنا الخاصة؟ وعندما نعالج الألم الحاضر ونتقي حدوثه في المستقبل من خلال السماح برحيل مشاعرنا السلبية باستمرار تحل الثقة محل الخوف ويصاحبها إحساس عميق بالراحة، وعندما لا نعتمد مجددا على الذات القاصرة «الشخصية»، بل على الذات «الربانية الداخلية» فإننا نتحصن ضد أسى الخسارة أي نبحث عن الأمان في الذات، حيث يكون سرمديا بدلا من البحث في الذات القاصرة، حيث يكون عابرا ويرى هذا الجانب النور من خلال استخدام آلية التسليم باستمرار للدكتور ديفيد هاوكنز، وهذه المقدمة من كتابه «السماح بالرحيل» الذي يعتقد أن الاستمرار برحيل القيود يسمح للشخص بالنهاية أن يدرك هويته الحقيقية ونتمنى التعليق على كتابه بأكثر من مقال. ولقد استخدم هاوكينز مقياسا للمشاعر التي تتوافق مع مستويات الوعي في كتابه «القوة مقابل الإكراه».. وباختصار فكل شيء يبث طاقة إما إيجابية أو سلبية ورسم خطوط لهذا المقياس على النحو التالي: السلام، الفرح، الحب، العقل، القبول، الاستعداد، الحياد، الشجاعة، الفخر، الغضب، الرغبة، الخوف، الأسى، اللامبالاة، الشعور بالذنب، العار. عندما ننظر إلى حياتنا سنجد بقايا أزمات قديمة لم تحل حتى الآن، حيث لا تزال الأفكار والمشاعر حولها تؤثر في مفاهيمنا، فمن الحكمة أن نسأل أنفسنا هل يستحق الأمر أن نبذل كل هذا من أجله؟ وقد شرح الطبيب النفسي فيكتور فرانكل طريقة خلق سياق مختلف عن المشاعر المقموعة لحمل معنى عميق للنفس الإنسانية في اتخاذ موقف محدد في ظروف معينة، حريته في اختيار طريقه الخاص فاللامبالاة هي الإيمان بـ «لا أستطيع» هي اليأس والعجز وكذلك لا أستطيع مقابل لا أريد فقد تكون مجرد أعذار لحفظ ماء الوجه ويعد أيضا اللوم من أعظم الأعذار في العالم فهو يسمح لنا أن نبقى محدودين وقاصرين من دون الشعور بالذنب فضلا عن لعب دور الضحية مع تصور ذاتي للضعف والهزيمة. وقبل أن نختم موضوع المقال هناك تقنية قيمة لاختيار الإيجابية تعتمد على الحدس، وهي القدرة على رؤية الهالات ترويها عالمة نفس.. وهي أن هناك قاعدة ينص عليها أحد قوانين الوعي على أن «المثيل يجذب مثيله» فالوجع يجذب وجعا والحب يجذب حبا…! أخيرا نعود لعنوان المقال ونضعه في واقعنا المعاش، خاصة في شهر رمضان الحاجة للتوبة والتسليم باليقين الرباني ونبذ الخلافات في الأسرة والتضحية من أجل صون الأبناء ومستقبلهم واحتواء الظل إحدى عقبات التطور العاطفي مما تم دفنه في اللاوعي فلا يمكن للذات أن تتعافى إلا من خلال الاعتراف بالظل أو الماضي، فهناك من بنى سعادته بكذبة أو خيانة، وهناك من استمر في تعاسته بالإنكار يرفض القدر المحتوم، وكان دعاء السكينة خطوة للعلاج «اللهم امنحني السكينة كي أتقبل الأمور التي لا أستطيع تغييرها والشجاعة لأغير الأمور التي أستطيع تغييرها والحكمة لأعرف الفرق بينهما»… وشكرا. يعقوب عبدالعزيز الصانعylawfirm@
مشاركة :