لم يكن تصحيح صورة السعودي سهلا في أعقاب كارثة الحادي عشر من سبتمبر، فعلى الرغم من أن ابن لادن رئيس تنظيم القاعدة الذي نزعت عنه المملكة جنسية لم يكن جديرا بحملها قد أعلن مسؤولية تنظيمه عن الكارثة وأن الرأس المخطط لها والمشارك في تنفيذها محمد عطا المصري الجنسية، إلا أن وجود ١٥ سعوديا من بين التسعة عشر إرهابيا نفذوا الهجوم الإرهابي كفيل بتلويث صورة المواطن السعودي، وإذا كان المسؤولون عن الأمن الأمريكي وصناع السياسة الأمريكية يدركون أبعاد المؤامرة التي تورط فيها أولئك السعوديون فإن الرأي العالمي الأمريكي، بل والرأي العام العالمي، أصبح من الصعب عليه أن يحمل صورة صحيحة ونقية لشعب كان جل من شاركوا في تلك الكارثة من بين مواطنيه. قبل تلك الصورة المعتمة للمواطن السعودي الذي بات مشتبها فيه كان السائح السعودي هو من يرسم ملامح الصورة، ولم تكن تلك الصورة نقية في ظل ما كان يحدث من ممارسات لكثير من السواح السعوديين من سفه في الإنفاق وجهل بقوانين الدول التي تستقطبهم لارتيادها، ولم يكن يحميهم من الوقوع تحت طائلة القانون غير الصبر عليهم بغية الاستفادة مما يخبئونه في جيوبهم من أموال تجعل عددا من العواصم تنتظرهم كلما هل هذا الموسم أو ذاك. لم يكن من السهل تصحيح تلك الصورة الغائمة بين مشتبه بالإرهاب وموسوم بالسفه والإسراف، بين متطرف لا يعرف التسامح وسائح لا يعرف النظم ولا يراعي الآداب، ومن هنا يمكن لنا أن نتفهم واحدا من أهم سياسات برنامج الملك عبدالله، رحمه الله، للابتعاث، وكأنما خلفه رسالة واضحة تقول للعالم ها هم شبابنا رجالا ونساء فاعرفوهم حق المعرفة، ها هم مئات الآلاف من المبتعثين والمبتعثات ومرافقيهم وأسرهم التي تزورهم، ها هم يرتادون الجامعات كما يرتادها أبناؤكم ويحرصون على تلقي العلم كما تحرصون وأكثر مما يحرص الكثيرون منكم، وها هم يتفوقون فيما تظنون أنكم وحدكم المتفوقون فيه. مبتعثونا هم الذين تمكنوا من تصحيح صورتنا في العالم وما زالوا ينهضون بهذا الدور الوطني الذي لم تعد بعده صورة الإرهابي المثير للهلع والسائح المثير للشفقة وحدها من تشكل ملامح تلك الصورة. suraihi@gmail.com
مشاركة :