تصاعد الخلافات بين الحكومة الليبية ومبعوث الأمم المتحدة

  • 3/23/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فيما استمرت أمس المواجهات العسكرية على تخوم العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش النظامي بقيادة الفريق خليفة حفتر وميليشيات فجر ليبيا، اتسعت أمس هوة الخلافات بين عبد الله الثني الحكومة الانتقالية المعترف بها دوليا في ليبيا وبرناردينو ليون رئيس بعثة الأمم المتحدة، بعدما كشف الثني النقاب أمس عن تلقيه عروضا خلال لقاء جمعه مع رؤساء شركات أجنبية لمد وتمويل الجيش الليبي بالسلاح والمعدات. قالت مصادر في الجيش الليبي إن «قوة كبيرة من الجيش دخلت أمس مجددا مدينة العزيزية تنفيذا لخطة غرفة عمليات المنطقة الغربية»، مشيرة إلى أن ميليشيات «فجر ليبيا» شرعت في تجهيز السواتر الترابية شمال المدينة على بعد نحو 3 كيلومترات من وسط المدينة. وشن سلاح الطيران غارة جديدة على مقر غرفة عمليات هذه الميليشيات في معسكر النقلية بطريق المطار بطرابلس. وبدا أمس أن المبعوث الأممي يواجه خطر انهيار محادثات السلام التي يقودها منذ عدة أسابيع، حيث اعتبر في تصريحات وزعها مكتبه من المغرب أن الأمم المتحدة مصرة على التسريع في المحادثات، مضيفا «سوف نقوم بكل ما هو ممكن لمواجهة هذا التصعيد العسكري». وبعدما رأى ليون أن «المجتمع الدولي والأمم المتحدة قلقون جدا جراء التصعيد العسكري»، شدد على أنه «بعد هذه الهجمات (في إشارة إلى عمليات الجيش لتحرير طرابلس) كان هناك احتمال إلغاء الحوار أو مغادرة البعض من الوفود، الوفود ما زالت هنا، لا أحد سوف يغادر». وأضاف «سوف نحاول أن نضيف إلى طاولة المحادثات لاحقا مناقشة أسماء الأشخاص الذين سوف يكونون جزءا من حكومة الوحدة الوطنية». وشن مسؤول في حكومة الثني بالإضافة إلى وكالة الأنباء الموالية لها، هجوما عنيفا على المبعوث الأممي برناردينو ليون الذي يسعى لإقناع مجلس النواب بوقف القتال، بسبب تهديدات المبطنة إلى رئيس الحكومة المعترف بها دوليا، بأن تصريحاته المؤيدة لهجوم الجيش الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة ميلشيات فجر ليبيا قد تضع الثني وحكومته خارج إطار الشرعية الدولية. وقال عمر القويري مسؤول الإعلام والثقافة والآثار في الحكومة الليبية إن «ليون ليس وصيا على الليبيين»، معتبرا أن الشرعية التي يمتلكها مجلس النواب والحكومة مستمدة من الشعب الليبي وليست مستمدة من جهة أخرى خارج ليبيا. وعد أن عمليات الجيش في بنغازي وطرابلس موجهة للجماعات الإرهابية وتنظيم داعش ولا علاقة لها بموضوع الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة بالمغرب، وتساءل لماذا يبارك ليون هجوم ميلشيات مصراتة على «داعش» في سرت ويعترض ويستنكر ضربات الجيش الوطني على جماعات «داعش» مثلا في صبراته. من جهتها نقلت وكالة الأنباء الحكومية عن عدد من أعضاء مجلس النواب رفضهم لمسعى ليون لوقف إطلاق النار، وقالت إنهم طالبوا في المقابل بضرورة أن يقوم بتغيير مصطلحاته ولهجته الدبلوماسية التي لا تتماشى مع الواقع المعاش على الأرض الليبية. لكن إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا الدائم بالأمم المتحدة قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» «أنا أشك في أن السيد ليون قد صرح أو لمح بسحب الشرعية من الحكومة الليبية المؤقتة، لأنه لو فعل ذلك يكون جاهلا لحقيقة أن شرعية الحكومة الليبية منبثقة عن مجلس النواب المنتخب، وليس من خارج حدود ليبيا». وأضاف ولا أعتقد أن ليون يمكن أن يتجاوز حدود مهمته بمحاولة الإساءة بأي شكل للسلطات الليبية الشرعية أو مساواتها بسلطة الميليشيات، لأن ذلك سيدفع الحكومة ومجلس النواب إلى عدم التعامل معه واعتباره شخصية غير مرغوب فيها ومخاطبة الأمين العام لتغييره. ومع ذلك فقد اعتبر الدباشي أن «تحرير طرابلس من الميليشيات مسؤولية الحكومة والجيش الليبي أمام الشعب الليبي، ويجب أن تتم عاجلا أم أجلا، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم ذلك بغض النظر عن مخرجات الحوار». أصدرت الولايات المتحدة و5 من الحلفاء الأوروبيين بيانا مشتركا أدان العنف من كلا الجانبين وحث على وقف القتال. ورحب البيان باستئناف المحادثات السياسية التي ترأسها الأمم المتحدة في المغرب، ودعا إلى بذل جهود «مخلصة» للتوصل لوقف لإطلاق النار والاتفاق على حكومة وحدة. إلى ذلك، قالت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني في بيان نشرته أمس عبر موقعها الإلكتروني إنه «اتفق مع رؤساء شركات أجنبية لتصدير السلاح لم يكشف هويتها، على تحديد مدة زمنية لدراسة العقود المقدمة منها»، مشيرة إلى أنه في حالة موافقة الحكومة على هذه العروض سيتم التعاقد معها بشكل رسمي. ويسعى الثني كما أبلغ مجلس الأمن الدولي رسميا مؤخرا، لتعزيز قدرات الجيش الذي يقوده حفتر بعد انتهاء الخلافات العالقة بينهما، عبر استيراد 150 دبابة و24 طائرة مقاتلة و7 طائرات هليكوبتر هجومية وعشرات الآلاف من البنادق الرشاشة ومنصات لإطلاق القنابل وملايين من طلقات الذخيرة من أوكرانيا وصربيا وجمهورية التشيك. واعترفت ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة التي تسيطر منذ الصيف الماضي بقوة السلاح على العاصمة طرابلس بمقتل عدد من قياداتها السياسية والعسكرية في المعارك التي تخوضها ضد قوات الجيش الليبي، التي تسعى في المقابل لتحرير العاصمة. وتغيب صلاح بادي القائد الفعلي لهذه الميلشيات عن تشييع جنازة صلاح البركي القيادي الآخر في نفس الميلشيات والعضو السابق في الجماعة الإسلامية المقاتلة، مما طرح تساؤلات حول مدى صحة إصابته بشكل خطير في الاشتباكات العسكرية في مناطق غرب ليبيا. واعتذر بادي هاتفيا عن الحضور إلى الجنازة طبقا لما أعلنه المكتب الإعلامي لميلشيات فجر ليبيا الذي قال في وقت سابق أن بادي سيشارك في الجنازة ردا على مروجي إشاعة مقتله. وعمل بادي في جيش العقيد الراحل معمر القذافي قبل اندلاع الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) ضده عام 2011، قبل أن يؤسس ميلشيات فجر ليبيا التي تحتل طرابلس وخاضت العام الماضي معركة تم خلالها تدمير مطارها الدولي. وشيعت أمس بوسط طرابلس جنازة البركي، حيث أم المشيعين الصادق الغرياني مفتى ليبيا المقال من منصبه، حيث حض أتباعه على مواصلة القتال. كما شارك في الجنازة عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته وعمر الحاسي رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني وعدد من أعضاء حكومته، بالإضافة إلى معظم قيادات فجر ليبيا. ووصفته وكالة الأنباء الحكومية بالإرهابي، الذي لقي حتفه في غارة جوية نفذها سلاح الطيران بالجيش الليبي بمنطقة الساعدية أول من أمس. وترأس أمس نوري أبو سهمين رئيس البرلمان السابق اجتماعا ضم عددا من المسؤولين العسكريين والأمنيين حيث تم بحث آخر المستجدات الأمنية والعسكرية. إلى ذلك، أعلن عمر الحاسي رئيس وزراء الحكومة غير المعترف بها دوليا في طرابلس أنه أصدر التعليمات لكل الأجهزة الأمنية للتصدي بكل قوة لمن تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار العاصمة وما جاورها من مدن ومناطق تنعم بالاستقرار والأمن. وقال إن ما حدث في العزيزية هو عبارة عن خلايا نائمة تلقت الأوامر بالتحرك لخلق الإرهاب داخل هذه المنطقة المهمة، مشيرا إلى أن «جيش القبائل استغل الحدث لإرسال رسالة مفادها أنه على وشك السيطرة على عاصمتنا العزيزة طرابلس والمنطقة الغربية والصحيح هو أن كل ما نشر عار من الصحة». وأضاف أننا «نطمئن كل المواطنين وكل الرعايا من الدول الشقيقة والصديقة بأن كل الأمور تحت السيطرة ونطالبهم بعدم الانجرار وراء الشائعات التي من شأنها أن تؤثر على أمن واستقرار ليبيا». واضطرت الحكومة المعترف بها دوليا برئاسة الثني والبرلمان المنتخب للعمل من شرق ليبيا منذ ذلك الحين، وتتحالف كل من الحكومتين مع فصائل مسلحة تتقاتل من أجل السيطرة على السلطة بعد 4 سنوات من الإطاحة بالقذافي.

مشاركة :