د الحضيف :الخطر الصفوي أشد خطورة من الاستيطان الصهيوني

  • 3/23/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كل الوطن- فريق التحرير: فى حوار له مع شؤون خليجية حذر الكاتب والأكاديمي السعودي الدكتور محمد الحضيف من استمرار سيطرة الحكومات والمال الفاسد على وسائل الإعلام ، وقال الحضيف في حوار صحفي إن الإعلام الخاضع للحكومات يكرس استبداد الحكومات المستبدة ، كما أن المال الفاسد يتلاعب بالعقول ويزيف وعى الرأي العام ، مشيرا في هذا الصدد إلى ما قام به الإعلام المصري من شيطنة لأول حكومة منتخبة ديمقراطيا في مصر والتمهيد للانقلاب العسكري ومنحه شرعية سياسية . كما حذر الحضيف من خطورة التمدد الإيراني في اليمن وما يمثله من تهديد للأمن القومي العربي ، وقال الحضيف إن الاختراقات الإيرانية ليست ذات طبيعة سياسية فقط، بل لها أبعاد عنصرية، وبنفس طائفي تفتيتي للنسيج الاجتماعي والنسق الثقافي للمجتمعات العربية ، وأن انقلاب الحوثي تعزيز للتمدد الإيراني، الذي أصبح مثل السرطان، يفتك بالعواصم العربية، ويحولها إلى دويلات فاشلة، تزدهر فيها جماعات العنف ** كيف تنظر للإعلام العربي، وهل يقوم بدوره في التوعية والتثقيف والنقد والتوجيه، أم أنه حبيس للسلطة ويسير في مدارها لذلك استحق وصفه بـكلام جرايد وأحاديث فضائيات؟ * لا يوجد تغيير جوهري في طريقة عمل الإعلام العربي التقليدي، حتى بعد مزاحمة الإعلام الجديد.. أو ما يسمى الإعلام الاجتماعي له، صحيح أن الإعلام الجديد وضع مصداقية الإعلام التقليدي على المحك، وشكل كذلك، مصدر أخبار ومعلومات منافس، مما أضعف قدرة إعلام الدولة المطلقة على التأثير وقيادة الجماهير. إلا أن الجماهير العربية مازالت مرتبطة بـثقافة المؤسسة، وهو ما يمثله الإعلام التقليدي، ما يعني أن الإعلام التقليدي مازال يملك بعضًا من وهجه وأوراقه. فالإعلام العربي هو حكومي، وسيبقى مرتبطًا بالسلطة، التي هو جزء منها، كما أن الإعلام الخاص المملوك لرجال أعمال، ليس خاصًا بالمعنى المباشر للكلمة، لأنه خاضع لرأس المال، المرتبط بالسياسي، وبينهما تبادل مصالح وتبادل أدوار، وهدف واحد هو: إخضاع الجمهور والرأي العام لنمطية تفكير معينة، ولقبول أجندة مقصودة. المال الفاسد ** هل المال الفاسد الذي يضخ في الإعلام أفسد المناخ والبيئة الإعلامية العربية.. وإلى أي مدى يتحكم هذا المال في تشكيل الوعي العربي؟ * لا يدخل المال الفاسد في شيء إلا أفسده، سواء في السياسة أو الإعلام.. فالمال الفاسد، مسمى آخر لشراء الضمائر والذمم، وتأتي خطورة المال الفاسد في الإعلام، من البعد الجماهيري للإعلام، وقدرته على الوصول إلى ملايين الناس، ممن لا تكون لديهم القدرة، أو ليست لديهم الأدوات للتحقق من صحة الرسالة الإعلامية، التي يتلقونها من وسائل الاتصال الجماهيري. وسلطة رأس المال على الإعلام، تنزع عنه استقلاليته، وتجعلهخادمًا أعمى لصاحب المال، ويكون الوضع أكثر سوءًا، حين تكون الوسيلة الإعلامية نتيجة لعلاقة محرمة، بين سياسي فاسد، ومالٍ حرام. ومخاض المال الفاسد في الإعلام، رأيناه في إعلام الثورة المضادة، الذي ساهم في انقلاب يوليو ضد ثورة ٢٥ يناير بمصر، حين شيطن حكومة منتخبة، وقاد الغوغاء في عملية تضليل مهدت للانقلاب العسكري الدموي على الرئيس المنتخب. ** الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي فتحت الآفاق أمام أصحاب الأصوات المحجوبة في الإعلام الحكومي والخاص التابع للسلطة، واستطاعت أن تكشف بعض الحقائق.. فكيف تنظر إلى مستقبل الإعلام الجديد في إحداث التوازن؟ * نجح الإعلام الجديد أن ينزل الإعلام التقليدي منبرجه العاجي، وينقل الإعلام من النخبوي إلى الشعبوي، فالإعلام التقليدي تمتلكه وتحتكره النخب السياسية والاقتصادية، ما جعله إعلامًا باتجاه واحد نازل: من النخب المترفعة، إلى الشعوب.. أسفلها، التي أرادوا أن يكون قدرها أن تتلقى وتسمع وتطيع. فجاء الإعلام الإجتماعي.. فألغى هيمنة الإعلام التقليدي، عبر إسقاطه لأهم نظريتين، كان يتم من خلالهما التحكم والسيطرة على الجماهير، بواسطة وسائل الإعلام، النظرية الأولى كانت: حارس البوابة ،gate keeper حيث كانت النخبة بواسطتها، تحدد للمتلقي، ما ينشر وما لا ينشر. بهذه الآلية تتم صياغة عقول الجمهور، وتشكيل معتقداته، ونمط حياته، فأتى الإعلام الجديد وأسقط حارس البوابة النخبوي، وصار بإمكان المواطن العادي أن يحدد ما يرغب في رؤيته أو قراءته. بل أبعد من ذلك، صار بإمكانه المشاركة والتفاعل، فنشأ نتيجة لذلك مفهوم المواطن الصحفي، الذي يصنع الحدث، ولا يتلقاه فقط، فالمواطن الصحفي، بفضل الإعلام الجديد تويتر، فيس بوك، يوتيوب، انتقل من موقع المتلقي السلبي، إلى دور المشارك الإيجابي. فالإعلام الجديد، عبر تقنية الانترنت، كسر الاحتكار، وصار بإمكان الفرد العادي الوصول للمعلومات والأخبار كما هي، دون تشويه من النخبة، التي تحكمت طويلًا بمصادر الأخبار والمعلومات، لقد ألغى الإعلام الجديد الطبقية الثقافية، وصار بإمكان الفرد، بغض النظر عن طبقته السياسية أو الاجتماعية، الوصول للخبر والمعلومة كما هي، التي عادة ما يوفرها شخص مثله، أو توفرها مصادر المعلومات التي أصبحت متاحة للجميع.. الخطر الحوثي ** كيف ترى الخطر الذي تمثله جماعة الحوثي الشيعية المسلحة على المملكة ودول الخليج؟ وكيف يمكن مواجهته؟ * يمثل الانقلاب الحوثي في اليمن اختراقا إيرانيا، لا يقل في خطورته عن الاختراق الذي حققته في لبنان من خلال حزب الله. الاختراقات الإيرانية ليست ذات طبيعة سياسية فقط، بل لها أبعاد عنصرية، وبنفس طائفي تفتيتي للنسيج الاجتماعي والنسق الثقافي للمجتمعات العربية. انقلاب الحوثي، لا تتوقف آثاره على اليمن، من حيث إنه يدفع البلاد تجاه حرب أهلية، ويقود للتشظي الذي قد يفضي لتقسيم البلاد. انقلاب الحوثي تعزيز للتمدد الإيراني، الذي أصبح مثل السرطان، يفتك بالعواصم العربية، ويحولها إلى دويلات فاشلة، تزدهر فيها جماعات العنف. وموقع اليمن الاستراتيجي في جزيرة العرب، وعلى مضيق باب المندب، يجعلها ورقة تهديد خطيرة بيد إيران للأمن القومي العربي. والتعامل مع تداعيات الانقلاب الحوثي في اليمن، لا يمكن أن يتم من خلال عمل عسكري خارجي، لكن بتعزيز موقف الحكومة الشرعية، ومؤسسات الدولة، ودعم الرئيس الشرعي سياسيا، من خلال جذب اعتراف دولي به، والتأكيد على (لا شرعية) الانقلاب، هذا سوف يجعل الحوثي في عزلة دولية، وسيفشل المخطط الإيراني، بجعل انقلاب الحوثي أمرا واقعا، مثل الانقلاب في مصر. المد الصفوي ** بعد التوغل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. هل يمكن قيام تحالف سني لمواجهة المد الشيعي الصفوي؟ * دائمًا ما تعقد مقارنة غير منطقية، بين الخطر الصهيوني، والخطر الإيراني الصفوي: أيهما أخطر على الأمة؟.. كلاهما خطر يجب التصدي له، فالخطر الصهيوني استيطاني حضاري، لكن الخطر الصفوي الإيراني أشد وناجز لا يقبل التأجيل، وطبيعة التمدد الإيراني، الذي يأخذ بعدًا طائفيًا مذهبيًا، أنه تفتيتي، يعمل على تمزيق النسيج المجتمعي، وتمزيق الوحدة السياسية والجغرافية للمجتمعات العربية. ينطلق المشروع الإيراني من تاريخ مشبع بالثارات والكراهية، والثأر الفارسي العنصري، الذي لم ينس للعرب تدميرهم للإمبراطورية الفارسية، فركب موجة التشيع ومظلومية الحسين رضي الله عنه، فأشبعها بأساطير المجوس، ثم أطلقها بموجة حقد وكراهية. واستغل الإيرانيون التشيع والشيعة العرب، على أساس أن كل (وجود) شيعي، هو امتداد طبيعي للنفوذ الإيراني، فنجحوا في اختراق الأقليات الشيعية، التي جعلت الولاء لـولاية الفقيه مقدم على الولاء للوطن، وهذا ما لاحظناه في العراق ولبنان والحوثي في اليمن.، كما أن الاختراقات التي حققتها إيران في دول عربية، من خلال استخدام الشيعة أوصلها لغطرسة القوة الإمبريالية، حتى وصل بها الأمر لتتحدث عن (إمبراطورية) فارسية عاصمتها بغداد. هذا المشروع الإيراني، المصطبغ بنفس عنصري فارسي، ويوظف التشيع للتوسع والسيطرة، لا يمكن أن يوقفه إلا مشروع مضاد، يقوم على ثقافة سنية، لأن السنة هم الأمة، القادرة على الاستيعاب بما تملكه من منظومة قيم تستوعب المختلف والمخالف لها، حتى في الدين، وتاريخها المشرف الذي عاشت فيه الأقليات بوئام يشهد بذلك، بينما الشيعة أقلية طائفية، تقوم على استدعاء أحقاد التاريخ، ويقوم مشروعها، على نفي الآخر وإلغائه، وتاريخها القديم والحديث، مليء بالمذابح واستئصال المسلمين خصوصًا، وتكريس الانتقام ثقافة وشكلًا للعلاقة مع شركائها في الوطن. إن شكلًا من أشكال التحالف بين دول مؤثرة، مثل السعودية وتركيا ومصر لو تخلصت من الانقلاب، يمكن أن يمثل قوة تقف في وجه التمدد الإيراني المندفع بروح فارسية، وسيمثل هذا التكتل لو قام، بديلًا حضاريًا واقتصاديًا، يستوعب تطلعات شعوب المنطقة للحرية والازدهار.. والاستقلال من التبعية الغربية.

مشاركة :