رأى ماركو كارنيلوس، الكاتب والدبلوماسي الإيطالي السابق، أن الشرق الأوسط على وشك مواجهة كبرى، وأن تغيرات بالجملة ستصيب المنطقة بعد رمضان. وفي مقال له في موقع «ميدل إيست آي»، أكد الكاتب أن «غيوم الحرب تزداد كثافة في الشرق الأوسط، ويؤدي تداخل التطورات في شكل مقلق إلى مواجهة محتملة بين محور إيران – سوريا – حزب الله – بعض المجموعات الشيعية العراقية، وبين الولايات المتحدة وحلفائها». من جهته، يعتقد جيم سيرسينيو، الخبير في الشأن الإيراني الأستاذ بجامعة جورج تاون الأميركية، أنه «لا توجد تهديدات إيرانية للولايات المتحدة»، شاكراً مئات النشطاء والصحافيين والسياسيين والخبراء ممن «رفعوا أصواتهم احتجاجاً، لوقف خطر جون بولتون، مما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى عدم تبنّي رأي مستشاره للأمن القومي». وكان ترامب أكد في رسالة واضحة، وبلغة مباشرة، أنه لا يريد الحرب مع إيران، ويرى سيرسينيو أن موقف ترامب جاء في توقيت فاصل، وأحدث أثراً كبيراً على ما يبدو، ومثّل تحجيماً مؤقتاً للراغبين في إشعال حرب مع طهران. غير أن سيرسينيو عاد وحذّر: «ربما يستمر تردد ترامب في اللجوء إلى الخيار العسكري بعض الوقت، لكنه لن يستمر شهوراً. في الوقت ذاته يسيطر بولتون بصورة كبيرة على مؤسسة الأمن القومي داخل البيت الأبيض، وإذا لم يتم تحجيمه بشدة قريباً فسيحتاج فقط إلى مبرر لشن هجمات على إيران». ولا يؤمن كثيرون في دوائر واشنطن بأن خطر اندلاع معارك قد ولّى، «فالخطر لم ينته بعد. هناك شبكة معقدة تدفع لخوض حرب مع إيران في واشنطن، ولا تريد إلا تغيير النظام في طهران»، وفقا لسيرسينيو. سيناريو للحرب بدوره، عرض إيلان غولدبرغ، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الأمن القومي الأميركي الجديد، سيناريوهات وقوع حرب بالخطأ بين إيران والولايات المتحدة، على النحو التالي: أولاً: ادعاء إدارة ترامب أن نشر إيران لصواريخ على قطع بحرية وزوارق هو خطوة تصعيدية من جانب طهران. لكن الحقيقة أن الأمر يعبّر فقط عن سوء قراءة وفهم لرسائل الطرف الآخر، مما قد يؤدي إلى الحرب، على الرغم من أن سلوك الطرفين يكون دفاعياً بالأساس، واحترازياً. ثانياً: يحتفظ الإيرانيون بصواريخ وألغام في مخازن منتشرة في مختلف أنحاء بلادهم، وعندما يزداد التوتر تواجه طهران معضلة كبيرة تعقّد حساباتها، إذا تمت مهاجمة هذه المخازن، إذ تفقد كل ما في حوزتها منها، لذا تلجأ إلى نشر الصواريخ والألغام على مراكب وزوارق وقطع بحرية في أماكن وموانئ مختلفة. ثالثاً: يبدو أن هذا هو ما حدث خلال الأيام والأسابيع الأخيرة. فمنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وفرض المزيد من الضغوط والعقوبات على طهران، زاد الحديث الأميركي عن تغيير النظام الإيراني، وبدأت طهران في الاعتقاد بأن واشنطن ربما تستعد للحرب، لذا نشروا صواريخهم وألغامهم في زوارقهم وأسطولهم البحري في الخليج. رابعاً: رأت واشنطن هذه الخطوات كتصعيد وكاستعداد لشن هجمات، ومن هنا تحركت مبكرا، حتى تكون مستعدة لشن هجمات وقائية لحماية مصالحها ومنشآتها وقواعدها. ولا يفهم الإيرانيون التحركات الأميركية الدفاعية بالأساس على هذا النحو، بل يدعم ذلك اعتقادهم بأن إدارة ترامب تستعد للحرب. ويتبع ذلك إسراع الإيرانيين باستكمال نشر ترسانتهم كي يستطيعوا حماية منشآتهم ومصالحهم، مما يؤدي إلى مزيد من رسائل التصعيد للطرف الأميركي. ويرى غولدبرغ أن ما سبق يعد معضلة خطيرة كلاسيكية في حسابات المواجهات العسكرية، خاصة مع وجود إيمان راسخ لدى الخبراء العسكريين والمتخصصين في نظريات الحروب بأن هناك دائما ميزة وفرصة لمن يبدأ القتال. ومن هنا فسوء الحساب وارد من الطرفين، وهو ما يزيد من مخاطر اندلاع معارك لا يريدها الطرفان. مناورات أميركية ودوريات بحرية بتنسيق خليجي في غضون ذلك، أفاد بيان للأسطول الأميركي الخامس بأن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت، منذ السبت، دوريات أمنية مكثفة في المياه الدولية للمنطقة، في وقت تجري فيه البحرية الأميركية مناورات بحرية في بحر العرب، لمواجهة ما تقول إنها تهديدات محتملة من إيران. وأضاف بيان للأسطول، التابع للقيادة المركزية للقوات البحرية، أن دول المجلس كثفت اتصالاتها وتنسيقها المتبادل في إطار دعم التعاون الإقليمي والعمليات الأمنية البحرية في مياه الخليج. وأوضح أن القوات البحرية وقوارب خفر السواحل التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي تنسق في ما بينها بشكل وثيق، وكذلك مع الأسطول الأميركي الخامس، مشيراً إلى أن تسيير الدوريات الأمنية يأتي تنفيذاً لما اتُفق عليه بين الجانبين في اجتماعهما، الأسبوع الماضي، في مقر الأسطول الأميركي في البحرين.
مشاركة :