في الوقت الذي حذرت فيه فرنسا أول من أمس من إحراز تقدم «غير كاف» نحو التوصل لاتفاق نووي بين إيران والقوى العالمية الست مع استمرار وجود خلافات بشأن البحث والتطوير والعقوبات، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس إن إيران ستصر على رفع كل العقوبات المفروضة عليها شرطا للتوصل لاتفاق نووي، دون أن يبدي أي بادرة حول إمكانية قبول حل وسط في ما يتعلق بنقطة خلاف أساسية في المحادثات مع القوى العالمية المقرر أن تستأنف هذا الأسبوع. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن ظريف قوله: «هذا هو الموقف الذي تصر عليه الحكومة من البداية». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبيل بدء جولة جديدة من المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي إن فشل هذه المحادثات يعني انهيار نظام العقوبات بالكامل. وخلال كلمة له أمام لقاء مع رؤساء البعثات الدبلوماسية الأميركية حول العالم قال كيري إن فشل المحادثات النووية مع طهران يعني أن بإمكانها العودة إلى تخصيب اليورانيوم بالمقدار الذي هي تراه مناسبا لها فيما يعد ذلك فشلا لنظام العقوبات. وأضاف أن فشل المحادثات يعني أيضا وقف أي نوع من التفتيش المفاجئ للمنشآت النووية الإيرانية حيث تم وضع هذه العقوبات ضمانة لهذا النوع من التفتيش. وأوضح الوزير الأميركي أن فشل نظام العقوبات سيأتي نتيجة لتنصل حلفاء الولايات المتحدة من الوقوف معها؛ «حيث سيرى هؤلاء أن مواقفنا أصبحت غير منطقية، وستتخذ كل دولة قرارها فيما يخص إبقاء أو رفع الحظر على إيران». ونوه بأن المحادثات لا تجرى مع إيران الأمس بل مع نظام أثبت بالفعل أنه قادر على تخصيب اليورانيوم وأنه مسيطر على عملية معالجة الوقود النووية. وقال سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر لاجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على إيران: «يجب على إيران الآن اتخاذ خيارات صعبة إذا كانت ترغب حقا في استعادة ثقة المجتمع الدولي» حسبما نقلت «رويترز». ومن المقرر أن تستأنف إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين المفاوضات في سويسرا هذا الأسبوع بهدف التوصل إلى اتفاق إطار سياسي بحلول نهاية مارس (آذار) الحالي، واتفاق شامل بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل. ويقول مسؤولون غربيون إن أكبر نقطة شائكة تبقى مطالبة إيران بعدم فرض قيود على عمليات البحث والتطوير المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي تنقي اليورانيوم لاستخدامه في المفاعلات النووية أو استخدامه في الأسلحة إذا كان التخصيب بدرجة عالية. وثمة قضية أخرى هي العقوبات، وتريد إيران رفع كل العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على الفور بعد إبرام الاتفاق علاوة على رفع قيود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على القطاعات المالية وقطاعات الطاقة الإيرانية. وقال نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة بيتر ويلسون للمجلس: «سوف تحتاج إيران إلى إظهار قدر أكبر من المرونة واتخاذ بعض القرارات الصعبة في الأيام المقبلة إذا كنا سنصل إلى اتفاق». وخلال المحادثات الأسبوع الماضي كانت فرنسا تصر على فترة أطول للقيود على أنشطة إيران النووية، كما عارضت فكرة تعليق بعض عقوبات الأمم المتحدة بسرعة نسبيا. وقال ديلاتر: «نحن مصممون على التوصل إلى اتفاق راسخ يمكننا من ضمان الأهداف السلمية للبرنامج النووي الإيراني على المدى البعيد». وتنفي إيران الاتهامات بأن لديها طموحات للحصول على أسلحة نووية. وقال نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ديفيد بريسمان للمجلس: «لا تزال هناك ثغرات كبيرة وخيارات مهمة يجب القيام بها في هذه المفاوضات، نعمل لنرى إذا كنا نستطيع التوصل إلى إطار سياسي بحلول نهاية مارس يتناول العناصر الرئيسية لاتفاق شامل». وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو «ستواصل القيام بكل شيء لإيجاد اختتام نهائي وشامل لهذه القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وإزالة العقوبات المفروضة على طهران بقرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي». وأرسلت إسرائيل يوم الأحد مبعوثين كبارا للتشاور مع مسؤولين فرنسيين بشأن منع ما تعتبره إسرائيل اتفاقا نوويا غير موات مع إيران. وفرضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة من العقوبات على إيران في محاولة لكبح برنامجها النووي؛ إذ يخشون أن تسعى طهران لامتلاك سلاح نووي. وتصر إيران على أن برنامجها النووي له أهداف سلمية. وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن الفريق النووي الإيراني المفاوض سيبذل قصارى جهده في هذه الجولة من المفاوضات النووية. وحول التزام الفريق النووي بتوجيهات الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي حول إلغاء كل العقوبات، أوضح ظريف أمس على هامش مراسم تأبين والدة الرئيس روحاني، أن الحكومة أكدت على هذا الموضوع منذ البداية. من جانبه، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي، أنه سيشارك في هذه الجولة من المفاوضات التي ستجرى في سويسرا. ووصف صالحي المفاوضات النووية بالجيدة، معربا عن أمله بتحقق نتيجة الربح - ربح في المفاوضات النووية. ومن المقرر أن يكون الوفد الإيراني المفاوض برئاسة ظريف قد وصل إلى سويسرا مساء أمس، حسبما ذكرت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء. وكان خامنئي قد شدد في كلمة الأسبوع الماضي على أن الرفع الفوري للعقوبات يجب أن يكون جزءا من أي اتفاق نووي. ورفض مسؤولون غربيون باستمرار هذا المطلب، وقال مفاوض أوروبي كبير الأسبوع الماضي إن الرفع الفوري لكل العقوبات «غير وارد». ومن المقرر أن يستأنف مسؤولون من إيران والقوى العالمية الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) المحادثات النووية اليوم بهدف إنهاء النزاع المستمر منذ عقد بشأن برنامج طهران النووي. ويريد المفاوضون التوصل لاتفاق إطار بنهاية مارس الحالي قبل 3 أشهر من مهلة تنتهي أواخر يونيو المقبل لإبرام اتفاق نووي شامل. من جهتها، نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن مصدر روسي مطلع، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يمكن أن يصل إلى لوزان السويسرية غدا، للمشاركة في المفاوضات حول برنامج إيران النووي. وقال المصدر في تصريح لوكالة «تاس»، إن لافروف سيلتحق بالمفاوضات «إذا كانت الأوضاع في المفاوضات تتطور بشكل مناسب». ومن المتوقع أن تستمر زيارة وزير الخارجية الروسي حتى يوم الأحد المقبل. وكانت وزارة الخارجية الروسية أفادت في وقت سابق بأن الجولة الجديدة من المفاوضات بين مجموعة «5+1» وإيران ستنطلق اليوم. وكان وزير الخارجية الإيراني قد بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الصيني وانغ يي آخر المستجدات المتعلقة بالمفاوضات النووية بين إيران ومجموعة «5+1» أمس. وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن الوزيرين ناقشا إيجاد حلول للمسائل العالقة بالموضوع النووي. وأكد وانغ يي أن الاتفاق النووي سيضمن المصالح المشتركة لجميع الأطراف على المدى البعيد، وأن الصين ستواصل دورها البناء في هذا المجال.
مشاركة :