أكد مديرو صناديق ومحللون أن أسواق واقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع التأقلم مع تصاعد الصراع في اليمن، مشيرة إلى أن دول الخليج أظهرت في الأعوام القليلة الماضية قدرتها على حماية اقتصاداتها من التهديدات الجيوسياسية، مثل الاضطرابات في العراق وانتفاضات الربيع العربي في 2011. ولم تتأثر اقتصادات وأسواق الدول الخليجية بشكل يذكر حينما اجتاح متشددون أجزاء من العراق المجاور العام الماضي، ومن المرجح أيضاً أن تتجاوز تلك الدول مرحلة تصاعد الصراع في اليمن من دون تأثر كبير. وقال سيرجي ديرجاتشيف مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى يونيون إنفستمنت برايفتفوندس في ألمانيا، التي تدير ديون أسواق ناشئة بقيمة 11 بليون دولار (10 بلايين يورو)، إنه لا يتوقع أن يؤدي الصراع في اليمن إلى إعادة تقويم واسعة النطاق للاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف: «سيكون تأثير ذلك على دول الخليج الرئيسة مثل قطر والإمارات ضئيلاً من حيث محافظها للديون»، مضيفاً أن أية عمليات بيع للسندات من جانب المستثمرين الأجانب ستعوضها المؤسسات المحلية بعمليات شراء عند مستويات أرخص. بدوره، قال سليم خوخار الذي يدير أصولاً بقيمة 3 بلايين دولار كمدير للأسهم في بنك أبوظبي الوطني، إن الصراع في اليمن يشكل قلقاً سياسياً لكنه لن يؤثر بشكل كبير في اقتصادات المنطقة. ومضى قائلاً: «لا أعتقد بأن ذلك سيشكل عائقاً أمام الآفاق الاقتصادية عموماً لدول مجلس التعاون الخليجي. الضعف في سوق الأسهم سيكون قصير الأمد، ومن المنتظر أن تبدأ السوق في الاستقرار والتعافي». وأكد محللون أن انكشاف دول مجلس التعاون الخليجي على اليمن من الناحية الاقتصادية يكاد يكون معدوماً وربما أقل من العراق، إذ تمارس بعض شركات الطاقة والاتصالات الخليجية عمليات كبيرة تأثرت على مدى الأشهر الستة السابقة. وفي الحقيقة وكما تبين من أزمات جيوسياسية سابقة فإن اقتصادات الخليج ربما تستفيد بالفعل من الصراع في اليمن إذا دفع ذلك أسعار النفط للصعود وزادت إيرادات الصادرات، ويبيع اليمن نحو 1.4 و1.5 مليون برميل من النفط شهرياً، وإذا توقف ذلك فإن السعودية ربما تسد معظم الفجوة. من جهته، قال عبدالقادر حسين الذي يدير أصولاً بنحو 1.2 بليون دولار بوصفه الرئيس التنفيذي للمشرق كابيتال وهي وحدة الاستثمار لبنك المشرق بدبي، إن المخاطر التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في امتداد الصراع خارج حدود اليمن. وأضاف قائلاً: «أعتقد بأن احتمالات حدوث ذلك ضعيفة للغاية، لكن إذا تحقق مثل هذا السيناريو فسيكون تأثيره كبيراً جداً». وأبدى ديرجاتشيف قلقه من الدور المحتمل للعاملين اليمنيين في السعودية، الذين يقدر عددهم بنحو مليون عامل أو أكثر، ومن بين المخاطر الأخرى الإرهاب في المنطقة ونزوح للاجئين بأعداد كبيرة عبر الحدود. ولا توجد أية دلالة واضحة على حدوث أي من تلك المخاطر، لكن دول مجلس التعاون الخليجي قاومت تهديدات مماثلة لأعوام. وعزا كثير من المحللين الهبوط الذي شهدته البورصة السعودية وأسواق الأسهم الخليجية الأخرى هذا الأسبوع إلى مبيعات لجني الأرباح، والقلق بشأن نتائج الشركات للربع الأول من العام أكثر من كونه نتيجة لمخاوف جيوسياسية. وقال رئيس إدارة الأصول لدى شركة الأوراق المالية والاستثمار في البحرين شاكيل ساروار: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه ولم يتسع نطاقه فإن الأسواق ستستقر وربما تتعافى». وذكر نائب رئيس مجموعة المخاطر السيادية لدى موديز إنفستورز سيرفيس توماس بايرن لـ«رويترز»: «بناء على نراه يتكشف حالياً فإنه إذا تم احتواء الصراع في اليمن، فلن نغير تقويمنا للمخاطر الجيوسياسية التي تتهدد دول مجلس التعاون الخليجي».
مشاركة :