هل علمتَ يوماً بأن أحدهم ممن تربطك به علاقة قوية يدخل ضمن “ النفسيات “ ؟ أو هل أحسست لـ وهلة بوجود ذلك الشخص المزاجي داخل إطار حياتك ؟ (نعم أنا أقصد ذلك الشخص الذي قمت بالتفكير به الآن)، يعيش الواحد منا على هذه الأرض ما بين الـ ٦٠ والـ ٧٠ سنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين )، نلتقي في هذه الرحلة أنواع البشر بمختلف شخصياتهم السمعية والبصرية والحسيّة ونتعارف عليهم للإفادة لهم أو الإستفادة منهم كما قال الله سبحانه وتعالى ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )، فالتعارف أصبح طبيعة فطرية لدى بني البشر لتبادل الخبرات أو حتى لإمضاء مسافة الطرقات في السفر كالذي يجلس بجانبك في كرسي الطائرة أو من يُسامرك لحظاتك على مقاعد القطار لتجده يسألك عن سكنك ونوع وظيفتك ليحكم عليك بهما ويحدد مسار الحديث في الدقائق القادمة، ويتلاشى كل هذا بعد الوصول لوجهتك وترمي جلّ الكلمات التي استقبلتها خلف ظهرك إلا إن كانت هناك حكمة مستفادة فأطبق عليها بإذنيك ولا تعطه رقمك حتى لو ألحّ عليك بذلك! أما ممن هم حولنا ونراهم يومياً أو أسبوعياً أو حتى شهرياً، لكن مادام هناك أواصر تجمع هذه العلاقات كمجلسٍ يُفتح أو عملٌ تطور إلى صحبة، فتجد أن بعضهم يدخلون ضمن إطار “النفسيات” ، والنفسيات التي أقصدها هنا (ولو كانت واضحة بالمعنى العاميّ) لكن دعني أوضحها لك عزيزي القارئ بأسلوبي الخاص الممزوج بالجدّية الخالصة، أقصد بالنفسية هو ذلك الشخص الذي يريد أن يتحكم في “الجوّ العام” للجلسة ويُسيّرها كما يشاء ( نعم أنا أقصد هذا الشخص الذي جاء ببالك لحظة قراءتك لهذه الجملة )، أقصد بالنفسية هو ذلك الشخص الذي من أجل موقف ما أصابه في عمله ذلك اليوم، تراه ينقل تلك المعاناه لمجلسه الخاص ويحوّل “الجلسة” إلى تذمّر بسبب هذا الموقف ( نعم أنا أقصد هذا الشخص الذي جاء ببالك لحظة قراءتك لهذه الجملة )، أقصد بالنفسية هو الذي تراهُ يوماً يظهر أنيابه من عمق ابتسامته، ويوماً يكتمها ويأسرها خلف أشجان باءت أن تظهر بسبب خلاف عائلي أقل مايُقال عنه تافه ( نعم أنا أقصد هذا الشخص الذي جاء ببالك لحظة قراءتك لهذه الجملة )، أقصد بالنفسية ذلك الشخص الذي يظل يُمازحك كيفما يشاء، وحين ترد له المزحة بالمثل “ تطلع أم السعف والليف اللي بداخله “ ! ( نعم أنا أقصد هذا الشخص الذي جاء ببالك لحظة قراءتك لهذه الجملة )، أقصد بالنفسية هو ذلك الإنسان الذي دائماً ما يُردد : بتسوون اللي براسي ولا بسحب عليكم؟ ( نعم أنا أقصد هذا الشخص الذي جاء ببالك لحظة قراءتك لهذه الجملة )، والأسوء من هذا كله أن يأتيك “صاحبنا النفسية” ولا يتقبّل أي نقاشات ولا محاولات لتغيير رأيه ولا محاولة إقناعه، بل لا يعطيك فرصة إطلاقاً لإيضاح وجهة نظرك، ويستمع لكلامك حتى تنتهي ليرد عليك بكلامٍ لا معنى له، يرى أن وجهة نظره صحيحة وكأنها وحيّ مشابه للقرآن لا يقبل التغيير ولا المساس ولا النقاش به، وعلينا جميعاً الإيمان التام به، خلَصتُ إلى أنني أجعله يعيش كما يريد (أخيراً) وسأجعل تلك الحياة تُلقّنه دروساً مليئة بالخُبرات واللسعات ( لعلهيتذكرأويخشى ) لأننيأعلمأنيوماًما .. سيصللمرحلةالتشبّعمنالمواقفوالصفعاتحتىيستيقظمن (نفسيّته). أنا مؤمن إيماناً تامّاً أننا بشر، وأن الظروف الخارجية أحياناً هي من تتحكم في نفسياتنا وقراراتنا ومشاعرنا ومسار حياتنا، لكن ليس من المعقول أن نجعلها تؤثر على ممن هم حولنا وننشر السلبية لهم، جميعنا نمر بظروف وضغوط حياتية مقيتة، لكن الواعي والمتّزن هو من يستطيع التحكم ومسايسة هذه الظروف والسير بها إلى برِّ الأمان قدر الإمكان، عش لحظة فرحَك بكل عنفوان مطلق ولا تقيّدها، وتعايش مع لحظاتك حزنك بأقل من ذلك بكثير لأن الفرح لايدوم والحزن لا يستمر. اضحك .. يا جميل !
مشاركة :