كشفت مصادر من قوى «الحرية والتغيير» السودانية عن تأرجح في مواقف «الحراك» بين التصعيد والتهدئة مع المجلس العسكري الانتقالي عقب فشل الجولة الثانية من المفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي نتيجة الخلاف حول نسب تمثيل كل طرف في المجلس السيادي ورئاسة المجلس. وذكرت مصادر لـ«الاتحاد» أن أغلبية بسيطة في «الحرية والتغيير» رفضت التصعيد من جانب واحد، وأكدت ضرورة الحفاظ على الشراكة مع المجلس العسكري لبناء الفترة الانتقالية، ومواصلة المشاورات عبر اللجنة المشتركة لإحداث اختراق، وأكدت ضرورة تشكيل المجلس القيادي كمرجعية أساسية لقوى الحرية والتغيير خلال 24 ساعة. وقال الدكتور صلاح مناع، مساعد رئيس حزب الأمة، لـ«الاتحاد» إنه لا حل غير التفاوض والاستمرار فيه، مشدداً على أن البديل هو الانزلاق إلى الفوضى، وتكرار التجربتين الليبية والسورية. وأوضح مناع أنه يجب ألا يضيع الطرفان (العسكري والحراك) الفرصة التاريخية المتاحة الآن، مضيفاً أن الشجاعة والحكمة عنصران أساسيان للوصول إلى اتفاق على مجلس بأغلبية مدنية ورئاسة عسكرية لتفكيك الميليشيات المسلحة للدولة العميقة وتمكين الحكومة المدنية لوضع برنامج اقتصادي إسعافي وتشكيل مفوضية السلام من أجل وقف الحروب في أطراف السودان، وإرساء عقد اجتماعي جديد بين السودانيين، لتأسيس دولة تكون المواطنة فيها أساس الحقوق. وقالت مصادر من «الحرية والتغيير» لـ«الاتحاد» إن الأغلبية وافقت على مبادرة من الصادق المهدي، رئيس «حزب الأمة»، بالتنازل عن الرئاسة للعسكريين مقابل الحصول على أغلبية في عضوية المجلس ولم يعترض أو يتحفظ عليه سوى عدد محدود. وأضافت المصادر أن من بين ما تم الاتفاق عليه وقف التصعيد من الجانبين. وفي المقابل، قال ساطع الحاج، عضو الوفد المفاوض لـ«الحرية والتغيير» إن الخلاف حول رئاسة المجلس خلاف جوهري فالمجلس يتمسك بالرئاسة وهي بالنسبة لنا شرط أساسي للتحول والانتقال إلى حكم مدني إضافة للخلاف حول نسب المشارك، نحن طالبنا بثمانية مدنيين وثلاثة عسكريين والمجلس العسكري طالب بسبعة عسكريين وأربعة مدنيين. وبالتوازي، دعا «تجمع المهنيين» إلى الاستعداد لإضراب سياسي عام. وصرح أمجد فريد الطيب، الناطق باسم «الحرية والتغيير»، لـ«الاتحاد» بأن «الاستعداد للإضراب السياسي العام والعصيان المدني اكتمل وهو خيار مطروح منذ بداية الثورة وسنعلن تاريخ تنفيذه في التوقيت المناسب إن لم نتوصل لاتفاق». وقال بيان لـ«تجمع المهنيين» إن «الترتيبات ستستكمل من أجل تحديد ساعة الصفر وإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام بجداول معينة». وأعربت مصادر لـ«الاتحاد» عن مخاوفها من أن يقود التصعيد والعصيان المدني إلى خيار الانتخابات المبكرة التي يلوح بها المجلس العسكري. وقالت المصادر إن هذه الانتخابات في حال إجرائها ستصب في مصلحة «فلول» النظام السابق التي ما زالت تسيطر على مفاصل الدولة وتملك الأموال. ويقول فايز الشيخ السليك، الكاتب الصحفي السوداني، لـ«الاتحاد» إن أمام قوى الثورة في السودان طريقين، إما الطريق الثوري أو التفاوض، والطريق الأخير يعني التوصل إلى شراكة أو مساومة تحقق فوز الطرفين المتفاوضين، وتقود إلى التحول الديمقراطي بالتدريج، وتفادي الانزلاق إلى الفوضى. ومن جانبه، لوح المجلس العسكري بالتصعيد عبر الدعوة لانتخابات بعد ثلاثة أشهر حال لم تتوصل المفاوضات إلى اتفاق بين الجانبين. وقالت مصادر من «الحرية والتغيير» إن المجلس العسكري يبرر حصوله على أغلبية التمثيل في المجلس السيادي، إضافة إلى رئاسته، بظروف السودان الأمنية والحروب الأهلية المندلعة في شرقه وجنوبه إضافة إلى الحروب في الحدود الليبية وأفريقيا الوسطى. وقال الدكتور خالد التجاني، المحلل السياسي، لـ«الاتحاد» إننا «نلاحظ تعنتاً مبالغاً فيه من الجانبين لا مبرر له وخاصة أن الطرفين اتفقا على صلاحيات محدودة للمجلس السيادي». وتخوف التجاني من الانتقال إلى وضع أسوأ، مشيراً إلى خشية أن تذهب الأمور إلى حالة من عدم السيطرة من الجانبين وما حصلت عليه قوى التغيير ليس بالقليل يمكن البناء عليه، وأن تحصل على مكاسب في المستقبل. ويتفق خالد التجاني وعدد من الخبراء على أن المشهد يحتاج إلى تدخل من طرف ثالث منعاً لمواجهة تفضي إلى انهيار كامل للمفاوضات.
مشاركة :