قبل أيام قليلة من تصويت الإيطاليين في انتخابات البرلمان الأوروبي، اتضح للجميع أن الفاشية المحظورة رسميا، تتنامى في إيطاليا بشكل ينذر بالخطر رغم عدم انتشارها على مستوى الثقافة الشعبية أو على هامش سياسة البلاد. وقبل موعد الانتخابات، بدأت الأحزاب اليمينية المتطرفة تشعر ببعض الانتعاش، يشجعها في ذلك الشعارات الفاشية وهتافات مثيري الشغب خلال مباريات كرة القدم، والتي تشيد برئيس الوزراء الأسبق والدكتاتور بينيتو موسوليني في بلد ما زال هذا اللقب جزءًا من الخطاب السياسي. فبعد أليساندرا موسوليني، النائبة البرلمانية، التي بدأت تعاطي السياسة إلى جانب حزب يصنف في خانة "الفاشية الجديدة"، ها هو كايو جوليو تشيزر موسوليني، ابن حفيد الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني يدخل سباق الانتخابات الأوروبية ضمن قائمة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف. الكثير من الخبراء والمحللين يعتبرون أن ترشحه مجرد حيلة دعائية، فحفيد موسوليني يناشد أولئك الذين يرغبون في التصويت لصالح اسم موسوليني دون النظر إلى الحزب وبرنامجه.أ ب "عندما تتحدث مع الأشخاص الذين يبلغون من العمر 95 عاما والذين عايشوا تلك الفترة ويحتفظون بذكريات جيدة عن تلك الحقبة، فهذا يعني أن هناك بعض الأشياء الجيدة"، أكد موسوليني خلال مقابلة لوكالة "أسوشيتيد برس". وتقول إحدى وكالات استطلاع الرأي العام أن 71 في المائة من الإيطاليين يؤمنون بضرورة مكافحة عودة الإيديولوجية النازية والفاشية في إيطاليا، وقبل عامين كانت نسبة هذا الاعتقاد تبلغ 65 في المائة في صفوف الإيطاليين. حوالي ثلثي المجتمع الإيطالي يعتقدون أنه من الضروري قمع أولئك الذين يحرضون على الفاشية، والنسبة ارتفعت إلى 60 في المائة في العام 2017. ويقول الخبير جويدو كالديرون وهو يميني: "في الواقع، تاريخ الفاشية برمته يمثل مشكلة لا تزال مفتوحة في إيطاليا لأننا لم نفحص أنفسنا مطلقا حول ما يقوله هذا التاريخ عنا، وهذا شيء لا يريد الإيطاليون القيام به". للمزيد: سالفيني يوحد صف اليمين المتطرف بالسلفي و الإيموجي قبل الانتخابات الأوروبية قادة اليمين المتطرف في أوروبا يحشدون في ميلانو ويتعهدون بإعادة تشكيل القارة إيطاليا لم تشهد مطلقا فترات تمّ فيها اقتلاع ومحاربة الفاشية مثلما حدث في ألمانيا مع النازية. وقد ظل موسوليني في السلطة لما يقرب من عقدين من الزمن قبل أن تدخل إيطاليا الحرب العالمية الثانية، وهي فترة التحديث التي قام خلالها النظام الفاشي ببناء المدارس ومحطات السكك الحديدية والمباني الإدارية بأسلوب معماري مميز لا يزال يستخدم كنمط للبناء من طرف الأجيال الجديدة. وعند سقوط حكومته نتيجة تقدم الحلفاء في العام 1943، قام موسوليني بإنشاء جمهورية سالو في شمال إيطاليا بمساعدة النازيين، وهو ما جعل إيطاليا تنقسم إلى قسمين، لينتهي بها المطاف إلى حرب أهلية استمرت قرابة عامين وانتهت بهزيمة دول المحور وأصبح التخلص من رموز الفاشية جزءا لا يتجزأ من الحياة العامة، لكن الفاشيين الجدد كانوا جزءًا مقبولًا من المشهد السياسي. على الرغم من ظهور الرموز والخطابات الفاشية في الحملة الانتخابية الأوروبية لهذا العام، قال محللون سياسيون إن أي خلط للتهديد الفاشي في إيطاليا هو مبالغة. فهناك أمور مزعجة تحدث في إيطاليا مثل معاداة الأجانب بسبب الهجرة، والتي تشهد ارتفاعا، لكن الخبراء يؤكدون أنّ الفاشية الجديدة لا تمثل مخاطر على الوضع لأنّ الأحزاب الفاشية الجديدة صغيرة للغاية وتمثل 1 في المائة فقط من المشهد السياسي. من جهته يركز ماتيو سالفيني، نائب رئيس وزراء إيطاليا وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف على هذه الأحزاب لاحتوائها في فلكه خاصة وأن طموحه اليميني المتطرف يتجاوز حدود إيطاليا، إذ يسعى إلى لمّ شمل زعماء اليمين المتطرف في ألمانيا وإيطاليا والمجر والاتحاد ضمن مجموعة برلمانية واحدة بعد الانتخابات الأوروبية.
مشاركة :