صدر مؤخراً في القاهرة كتاب: "الحداثة اللا متناهية الشبكية..آفاق بعد ما بعد الحداثة.. أزمنة النص ميديا" للكاتب والباحث والشاعر اليمني هاني الصلوي وهو كتاب مهم ليس في موضوعه فحسب بل في سياقات عدة عمل عليها واشتبك مع حيثياتها وربما صدق عليه قول أحد الباحثين من أنه كتاب في كل شيء من المسلمات التقنية اليومية والعادية حتى الفلسفة وما بعد الفلسفة والذهنيات الأجد. يطرح الكتاب الذي يصفه المؤلف بالمجازفة أو المغامرة في أكثر من موضع نظرية جديدة ضمن إطار مايعرف بنظريات بعد مابعد الحداثة رغم رفض الكاتب تسمية جهده هذا بالنظرية التي يرى أنها انتهت كمرحلة ومنهج ناهيك عن انتهاء ماعرف بما بعد النظريات ورغم رفضه أيضاً لمصطلح بعد ما بعد الحداثة واعتباره مضللاً وأنه وإن كان مقبولاً من الناحية الزمنية إلا أن التسمية الأقرب لروح هذه المراحل العاصفة هو الحداثة اللا متناهية الشبكية أو الحداثات اللا متناهية الشبكية وهو في كل مساراته ينطلق من مراحل مابعد الحداثة باعتبارها بداية التأريخ في سعتها ومفاهيميتها وفي ارتباطها بالحداثة التي حملتها في حلباتها وأتونها. يرى الكتاب أن مراحل جديدة قد انبثقت مع مابعد الألفية هي أزمنة النص ميديا أو اللاتناهي الشبكي وهي مراحل دعاها بما بعد الكتابية حيث انتهت الأزمنة الأسبق لها بحقب ما بعد الحداثة التي يعدها نهاية فاعلة لمرحلة الكتابية غير أن ذلك لا يعني زوال الحقبة الكتابية تماماً إذ بقيت وستبقى لانهائيات من رؤاها الفاعلة كما أن وجود أجيال شديدة الحماس للكتابية داخل متواليات الأجد اللامتناهي قد أبقى ظلالاً وحيثيات لما قبل بعد مابعد الحداثة بوصفها لاتناهياً شبكياً الأمر الذي اضطر معه المؤلف إلى تقسيم اللامجتمعات اللامتناهية (والصيغة له) إلى قسمين أحدهما ما أطلق عليه: المجتمع المعتمد (المجتمع المعتمد على الكتابية وماقبل اللامتناهية) والآخر: اللامجتمع الافتراضي المحض أو مجتمع المآل. يجعل الكاتب من فترة يسميها العصر الفائق القنطرة التي عبرت عليها البشرية إلى الحداثات اللامتناهية الشبكية وهي فترة تمتد من نهايات الثمانينيات من القرن الماضي وتمضي مع سنين قليلة في العقد الأول مما بعد الألفية وتضم أعلاماً من مثل دوجلاس كلنر وليبوفتسكي وبعض من اهتموا بالمعلوماتية والرقمية إلى جانب جان بودريار الأكثر ارتباكاً وإدراكاً لما يخص ماجد على مستوى انتهاء مابعد الحداثة ما جعل المؤلف يسم تشظي الفكر الفائق بصدمة بودريارإلى جانب ليندا هتشيون وإيهاب حسن قبلها. ويفرق الكتاب على مستوى سؤال التكنولوجيا ما بين العصر التكنولوجي بما هو سمة لما بعد الحداثة، ومابعد التكنولوجيا بأبعادها اللامتناهية الشبكية. يقع الكتاب في 348 صفحة من القطع المتوسط في ترتيب غريب يضفي قدراً من الإثارة حيث يبدأ بإهداء يتساءل فيه عن جدوى الإهداء في حالة كتاب في رثاء الكتابة كهذا ويستند في الصفحة اللاحقة إلى المقولة المعروفة القائلة بأن قليلاً من التقنية يبعدنا عن الإنسان بينما يمكن للكثير من التقنية أن يعيدنا إليه. تلا ذلك توضيح أو ملاحظة غير مهمة بتعبير الكاتب تشير إلى كون القارىء يستطيع البدء بقراءة الكتاب من أي مبحث يريد ثم تأصيل اعتبره نهائياً تضمن بيان أن من الأفضل ألا ينسب الكتاب لمؤلفه وأنه سيظل دائماً بحاجة إلى التعديل والتحرير. يبدأ الكتاب على غير المتوقع بخاتمة ثانية ثم خاتمة أولى ويتنهي بالمقدمة "مقدمة الكتاب". يأتي بعد الخاتمين المتن (مابعد قصيدة النثر) وهو مبحث من جزئين كتبه الباحث من فترة طويلة وبنيت على أساسه فرضيات عدة وهو يطرحه في الكتاب بصفته قابلاً للنقاش والبحث فيما تبقي منه. ويلي المتن مباحث: لعنة الافتراض: الرقمية بين إشكاليتي: الورقية وهدم الأطر والرؤى الفلسفية. ثم مبحث: الحداثة اللامتناهية الشبكية.. نافذة على فوضى الكائنات - مالا يعنية اللا تناهي الشبكي.. صراحة الفضيحة ووهم العمق أو الحياة بوصفها إشاعة الحداثة ومابعدها.. تفاوض غير مجدٍ - اللا تناهي الشبكي.. انهيار المثقف وبروز مجتمع مابعد الإعلام وما بعد الاستهلاك - الفن اللامتناهي الشبكي - ماقبل بعد ما بعد الحداثة - جدليات اللا مجتمع.. اللا مجتمع الافتراضي، المعتمد، المتون اللا متوازية - ملحقات، صدمة بودريار، بيان النص الجديد - المقدمة. الكتاب من إصدارات مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر بالقاهرة ويجيء ضمن اهتمامات المؤسسة بمناقشة وترجمة ونشر الأعمال الأجد على كل المستويات.
مشاركة :