أهل المدد|| المنشد إيهاب يونس: فقد بصره فأنار الله بصيرته

  • 5/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ظهر مرتديًا جلبابًا وقفطانًا وعمامة تصاحب صوته العذب، ممسكًا بيديه الميكروفون فى صمت لدقائق ظل إيهاب يونس ومن ورائه أنغام موسيقى «فريق كايروستيبس»، من عازف عود وساكسفون ودرامز تتهادى أنغامهم، إلى أن ينطلق يونس فى إنشاد «يا مالكًا قدري» ولا يتوقف إلا مع تصفيق حاد، بعد أن تجلى قائلا: «يا مالكا قدرى وقدرك لا يدركه سواك، إن جئت بابك عاجزًا أنا لست أملك إلا ذاك، يا خالقى حبى لذاتك ليس يعلم سواك، فارحم من الأشواق قلبا كم يحن إلى لقاك، لم تمر تلك اللحظات مرور الكرام بل تركت أثرًا قويًا للمنشد إيهاب يونس فى الوطن العربي، فكان محلقًا بين السحاب ليقف منشدًا على مسارح دار الأوبرا فى القاهرة والإسكندرية، وساقية الصاوي، بيت السحيمي، يصحبه ناي، دفوف، وعود، بل والساكسفون.أما عن ميوله القلبية، فيقول صاحب الزى الأزهري، أميل إلى الأماكن الشعبية، وهى أينما تواجد جمهورًا ذواقًا، لا يبخل عليه بتفاعل يشرح صدره للتجلى فى الإنشاد، فاستشعر إضفاء شيء من الموسيقى تزيد الكلمات الروحانية بهاءً، فكان أول إنشاد له بالأنغام، فى بيت الهراوى بيت العود عام ٢٠٠٦، ولا ينسى الأجواء التى عاشها فأبتهل أثناء هطول الأمطار والتصفيق الحاد من الجمهور وأبتهل من مكتبة الشيخ طه الفشني، ولم يجد الحضور من وقتها غضاضة بشأن «المزيكا».مبكرًا عرف يونس طريقه نحو الإنشاد، قرر ذلك وهو ابن الصف الثالث الإعدادي، وقال: «كنت أقوم بشراء شرايط لعميد المنشدين، الشيخ على محمود، والشيخ النقشبندي، ظللت أقلدهم ومتأثرًا بهم حتى المرحلة الثانوية، إلى أن كنت واحدًا من فرقة المركز النموذجى لرعاية وتوجيه المكفوفين وتعلمت بدايات علم النغم وأصوله، وكانت رحلتى متطورة جدًا فالتحقت بفرقة الشيخ عبدالجليل، ودرست فيما بعد على يد معلمى الشيخ محمد الهلباوي، وقمت فيما بعد بتكوين فرقتى إلى أن وصلت إلى ما فيه الآن، أما الآن فأصبحت أتمنى العمل مع أى فنان لديه الصدق فى العمل وأصوات قوية ذو خشوع وفن هادف، ولكنى أهوى بشكل قوى الأستاذ لطفى بوشناق، وعن الأماكن الكبيرة فأتمنى أقف بين جمهور يسمعنى بقلبه والأماكن لا تشغل حيزًا من تفكيرى أنا بفنى وليس بالأماكن. وأوضح أن اختيارات كلماته هى الأهم لديه فى قائمة أولوياته والألحان والارتجال يأتى بالتوفيق من الله سبحانه وتعالي، فأنا لا أرى الجمهور لكنى أعرف هما عايزين إيه فى أول خمس دقايق، وأجس مدى استقباله لدرجة أنى ممكن أكون حاطط ليست معينة وأغيرها، يعرف المنشد درجة التفاعل من صدى التصفيق، يستشعر حرارة التمايل على المقاعد، ينصت لهمسات الشفاه، فمثلا كنت مرة قد غنيت حفلًا فى قصر ثقافة دمنهور، وكان الجمهور غفيرًا لكن مع إنشادى أبيات شعرية بالفصحى، تفاعل معى شخصان على أقصى تقدير، فانتقلت إلى الإنشاد بالعامية فإذا بالتصفيق يستمر لدرجة أبكتني.وأضاف: «أيضًا لا أنسى الحفل ببروكسل كنا فى ملعب يساع ٧ آلاف شخص والجمهور كان فرنسيًا أنشدت أبياتًا للإمام الشافعى «ارحل بنفسك من أرض تُضام بها ولا تكن من فراق الأهل فى حُرق، فالعنبر الخام روث فى موطنه وفى التغرب محمول على العنق»، تفاعل الجمهور غير المتحدث للعربية مع صوتى حتى أنهم طالبوا بترجمة ما أنشدته.وصمتا جميل ليرى أمام قلبه فقدانه للبصر قائلا: لابد أن يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى إذا أخذ منه شيئًا فاعطه بدلا منه أشياء فلم يكن فقدى للبصر إعاقة إلا لمن أراد أن يكون لديه إعاقة، أما البصيرة فهى عطية يوهبها الله لمن يشاء وأنا كنت ممن وهبهم نعمة فقد البصر.موضحًا أن الإنشاد له جلال، لا تتبدى كراماته إلا للمحب، من يمتلك روح المنشد حقًا، لأنه الآن كتير بينشدوا بس إنشادهم بيبقى كأنه غُنا، إيمانى بما أقدمه، يجعلنى أنقل الشعور للمستمع، لا فرق فى ذلك بين عربى وأجنبي، فكنت سعيدا للغاية بمشاركتى فى أغنية بحفلة مع كايرو ستيبس، التى لاقت قبول العالم كله. وعن رحلتى فى الإنشاد فأنا تجولت فى عدة بلدان، غير أن طموحى فى الإنشاد ضخم، يتخطى رغبتى فى الذهاب لأماكن بعينها، أو تحقيق أمنية واحدة «نفسى فن الإنشاد يكبر وميوصلش للإسفاف اللى الغنا وصل له»، فيما يحكى عن كل أنواع الفن الذى تربّى عليه، إذ يسمع لكل الجنسيات، ويحتفظ داخل منزله بمئات الشرائط والأسطوانات من عام ١٩١٨.أما عن أمنيتى الأخيرة فهى ألا يصبح الإنشاد فنًا موسميًا، مرتبطًا بالمناسبات الدينية فقط، فكنت فى إحدى الزيارات لسوريا عام ٢٠٠٩، اكتشفت أن المنشدين هناك لهم مكان فى المأتم، الزفاف، حفلات النجاح وغيرها لكن فى مصر لسه الناس مش مستوعبة ده.

مشاركة :