أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الجمعة استقالتها من منصبها بحلول 7 يونيو المقبل، ما يمهد الطريق أمام مواجهة جديدة مع الاتحاد الأوروبي وأيرلندا، خاصة أن أبرز المرشحين لخلافتها يفضل انفصالا دون اتفاق على تراض يستجيب لشروط بروكسل المجحفة بخصوص الحدود الأيرلندية. وسيعمق رحيل ماي أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ سيسعى رئيس الوزراء الجديد على الأرجح إلى اتفاق أكثر حسما مما يزيد احتمالات الصدام مع التكتل وإجراء انتخابات عامة مبكرة. وقالت ماي إنها بذلت كل ما في وسعها لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفة أنه كان شرفا لها أن تخدم في منصب رئيسة الوزراء لما يقرب من ثلاث سنوات. وتابعت ”إنني رئيسة الوزراء الثانية، ولكن بالتأكيد لست الأخيرة”. وتوقعت سيلا “من صعوبات” مستقبلا، مشيرة إلى أن “خروج بريطانيا غير المنظّم” من التكتل كما هو متوقع يعد “مثالا واضحا على ما يمكن أن يحدث في حال تركنا أنفسنا ننجر للمواقف المتطرفة”. وسوف تبقى ماي في منصبها كرئيسة وزراء حتى يتم انتخاب زعيم جديد للمحافظين من جانب نواب الحزب وأعضائه، ومن المتوقع أن يستغرق هذا الإجراء شهرين. وسوف يخلف الزعيم الجديد ماي في رئاسة الوزراء. ولاختيار خليفة لماي يتعين أن يترشح اثنان على الأقل من أعضاء حزب المحافظين لشغل المنصب. وفي حالة تقدم مرشح واحد فقط، يصبح زعيما للحزب تلقائيا ولكن في حالة إعلان عدة أشخاص عن نيتهم للترشح، مثلما حدث قبل إعلان ماي استقالتها، فسيكون هناك العديد من الأسماء في حلبة السباق. وأجبرت ماي للموافقة على الاستقالة في شهر مارس الماضي في حال إذا ما صوت البرلمان للخروج من الاتحاد الأوروبي للمرة الرابعة. وقال المحافظ المخضرم كين كلارك لراديو4 بإذاعة (بي.بي.سي) البريطانية قبيل استقالة ماي ”إن مجموعة الأبحاث الأوروبية– جناح اليمين في حزبي عثروا أخيرا على المرأة التي يبغونها”، وأضاف “إنهم كانوا يحاولون التخلص منها خلال الأشهر القليلة الماضية”. وقال جيريمي كوربين “أيا كان من سيكون زعيم حزب المحافظين الجديد، فعليه أن يدع الناس يقررون مستقبل بلادنا عبر انتخابات عامة”. وأضاف “حزب المحافظين فشل في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أخفق في تحسين حياة الناس أو تلبية احتياجاتهم الأكثر إلحاحا”.وأشار إلى أن المحافظين فشلوا أيضا في “تقديم أي حلول للتحديات الأساسية التي تواجه بريطانيا”، دون المزيد من التفاصيل. وغرد زعيم حزب بريكست نايجل فاراج، أحد أعنف منتقدي ماي، قائلا إنه “من الصعب ألا تبدي مشاعر تعاطف تجاه ماي، ولكن سياسيا أخطأت في تقدير الحالة المزاجية للبلاد وحزبها”. وتفتح استقالة ماي أبواب المواجهة مجددا بين الاتحاد الأوروبي وأيرلندا، حيث تمثل معضلة الحدود الأيرلندية العقبة الأهم في التوصل لاتفاق بريكست. وستتعامل بروكسل ودبلن مع الجناح المتشدد للمحافظين الذي يرفض توافقات تيريزا ماي بشأن الحدود الأيرلندية، حيث من المنتظر أن يدفع باتجاه تعديلها وهو ما ترفضه بروكسل كما دبلن. ويفضل الجناح المتشدد في حزب المحافظين بريكست دون اتفاق على أن يستجيب لما يعتبره إملاءات أوروبية تخدم بروكسل وتنتقص من السيادة البريطانية. وسارع الاتحاد الأوروبي إلى توجيه رسالة مباشرة لخليفة تيريزا ماي بالقول إن شيئا لن يتغير في ملف بريكست، في إشارة تستبعد تعديل الاتفاق الذي توصل له الاتحاد مع الحكومة البريطانية في وقت سابق. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر “اتفاق خروج بريطانيا من التكتل ليس عرضة لإعادة التفاوض”، فيما اعتبر رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار استقالة ماي بالخطوة “الخطيرة”. وحذر رئيس الوزراء الأيرلندي فارادكار من أن استقالة ماي من رئاسة وزراء بريطانيا أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة لدبلن إذ أن خلفها قد يخرج لندن من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وأضاف لدى إدلائه بصوته في انتخابات البرلمان الأوروبي أن “بريكست ينهك السياسة البريطانية وسيستمر ذلك لفترة طويلة جدا، هذا الأمر يعني أننا ندخل الآن مرحلة جديدة في ما يتعلق ببريكست، وهي مرحلة قد تكون خطرة جدا بالنسبة لأيرلندا”. وقالت إسبانيا إن خروج لندن من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق يبدو أمرا لا يمكن تجنبه بعدما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استقالتها. وقالت الناطقة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل سيلا للصحافيين “في ظل هذه الظروف، يبدو حصول بريكست دون اتفاق واقعا منعه شبه مستحيل”. وأكدت أن الحكومة والبرلمان البريطانيين “سيتحملان وحدهما مسؤولية الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق وتداعيات ذلك”. وفي باريس، قال مسؤول في قصر الإليزيه إن الرئيس إيمانويل ماكرون مستعد للتعاون مع أي رئيس وزراء بريطاني في كل القضايا الأوروبية، فيما قالت برلين إنها ستواصل العمل عن كثب مع لندن من أجل خروج منسق لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “بغض النظر عما يحدث الآن في بريطانيا سنفعل كل ما بوسعها لتحقيق شراكة جيدة وانفصال منظم”.
مشاركة :