إن تاريخ العلاقات الإيرانية - العربية زاخر بالصراع منذ مرحلة ما قبل الإسلام، الذي يمثل منعرجا مهما لا يمكن القفز عليه عند تحليل مسار هذه العلاقات ومراحلها وتطوراتها، فمعركة القادسية لا تزال تمثل جرحا نازفا بالنسبة إلى كثير من القوميين الإيرانيين، ممن ينظرون إليها من منظور قومي عنصري صرف، وكل أحقادهم على السعودية وشعبها حتى هذا التاريخ. وهناك سبب آخر لا يقل تأثيرا عن دور التاريخ في علاقات الجانبين. فالجغرافيا وضعت الجانبين على محك الصراع بشكل شبه دائم تاريخيا، وإيران تتعامل مع الجغرافيا والتاريخ من منظور مغاير للعرب، فهي في حالة حنين دائم إلى استعادة مجدها الإمبراطوري، وتشعر بفقدان الهوية، شأنها في ذلك شأن (تركيا) التي تسعى إلى إعادة الدولة العثمانية في رئاسة أردوغان وأوهامه التي يعيشها وخيبة الأمل التي رافقته بعد إلغاء الجيش السوداني اتفاقية (سواكن). ودعمه لفصائل ليبية وتزويدها بالأسلحة حتى يسيطر على مصراته. التي تحاول إيران كسبها، لذا إيران تسعى بكل الطرق للسيطرة على الدول المجاورة، ومحاولة تشكيل الخارطة السياسية فيها بما يتماشى مع مصالح طهران وأهدافها الاستراتيجية في الإقليم، وتستخدم في ذلك قائمة طويلة من «الوكلاء» ابتداءً من حزب الله اللبناني، والحوثي والسوري، مع اختفاء عبارة الموت لإسرائيل ولو كانت حقا تريد الموت لإسرائيل لا يفصلها عنها إلا بضع مترات من سورية. ثمة جانب آخر يكشف وجه إيران الخمينية، ويتمثل في سلوك إيران في عهد رجال الدين الذين يفترض فيهم امتلاك رؤية مغايرة تجاه العرب الشيعة، حيث كان يفترض أن يكون تعاملها معهم محصورا في نطاق مذهبي يحترم سيادة دولهم، ولا يقفز على فكرة المواطنة ويحاول إلغاءها ونسفها تماما، فما حدث كان بالفعل خارج نطاق المفترض، حيث سعت إيران إلى تحويل كثير من الشيعة العرب أو العرب الشيعة إلى مجرد “عملاء” لها وفي أحسن الأحوال “وكلاء” وخلايا نائمة تنتظر الأوامر.. وسلوكها نحو عرب الأحواز السنه الذين اكتووا بنار هذا النظام. ورغم ما تبثه إيران من دعاية إعلامية وشعارات رنانة بأنها القوة الإقليمية المهيمنة، فإنها تعاني وحتى النخاع اقتصادياً، وهي على الصعيد العسكري لا تجاري جيوش دول المجلس تكنولوجياً، ومن حيث قوة الأسلحة المتطورة والطيران المتقدم والإعداد القتالي واللوجستي والبنى التحتية والإدارية المتطورة.
مشاركة :