«بلومبرغ»: الأسواق ما دون الناشئة ملاذ آمن في حال زعزعة الاستقرار

  • 5/27/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

توصف الأسواق الناشئة بالصغير المتوحش ضمن عائلة الاستثمار، لأن إمكانية تحقيق عوائد منها كبيرة مقابل وجود مخاطر عالية في الوقت نفسه، في حين أن شقيقها الأصغر، والمتمثل بالأسواق ما دون الناشئة (Frontier)، ورغم أنها تتيح للمستثمرين تجربة من الإثارة والغرابة، إلا أنها تعتبر ملاذاً آمناً عندما تكون الأسواق في حالة زعزعة الاستقرار.ووفقاً لتقرير نشرته وكالة «بلومبرغ»، فإن الأسواق ما دون الناشئة تشمل عدداً من الدول من بينها الكويت، وعُمان، ولبنان، وكرواتيا، وسريلانكا، وكازاخستان، ونيجيريا، والتي تتميز بوجود بورصات وأسواق عملات صغيرة جداً وغير متطورة بعد.واعتماداً على الجهة التي تقوم بعملية التصنيف، فإن هناك نحو 30 دولة ضمن الأسواق ما دون الناشئة، معظمها في منطقة الشرق الأوسط، وجنوب آسيا، بالإضافة إلى أفريقيا، وأوروبا الشرقية.واستناداً للتقرير، فإن الأسواق ما دون الناشئة تقع ضمن آخر درجة من التسلسل الهرمي للاستثمار، والذي تعلوه الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، بينما تقبع الأسواق الناشئة في المنتصف، وتشمل أسواقاً مثل الصين، وروسيا، مبيناً أن هذه التسميات لا تعرب بالضرورة عن حجم ثروة الدولة أو مرحلة التطور الذي يتمتع بها سوقها.وذكر أنه وبحسب المشغل العالمي للمؤشرات (MSCI)، فإن التصنيف ضمن الأسواق ما دون الناشئة يتطلب استيفاء معايير ذاتية من ضمنها وجود شيء من الانفتاح في ما يتعلق بالملكية الأجنبية، وسهولة في تدفق رؤوس الأموال، إلى جانب وجود شركتين كحد أدنى تبلغ قيمة كل منهما نحو 800 مليون دولار.وبيّن التقرير أن هذه الأسواق تفترق عن الأسواق الناشئة في حجم القيمة السوقية، حيث تبلغ في الأسواق ما دون الناشئة نحو 715 مليار دولار، وفي الأسواق الناشئة نحو 20 تريليون دولار، مبيناً أن المشاركة الأجنبية تميل إلى أن تكون أقل بكثير في الأسواق الناشئة، لا سيما وأن هناك قيوداً أكثر صرامة على من يمكنه امتلاك الأسهم.وأشار التقرير إلى أن الأسواق ما دون الناشئة تتمتع بحجم تداول ضئيل نسبياً، ويعكس عدد الشركات المدرجة، إذ إنه في الوقت الذي تمتلك فيه فيتنام أكثر من 1500 شركة، تحظى بوركينا فاسو بثلاث شركات فقط، وبنين بشركة واحدة.وأوضح أن الأسواق ما دون الناشئة تحظى باهتمام رئيسي من قبل المستثمرين المحليين ومستثمري الدولة، فمن بين الحشود الكبيرة في الخارج، تعتبر أكثر الصناديق نشاطاً، وتشكل الاستثمارات السلبية مثل صناديق المؤشرات المتداولة فيها نحو 10 في المئة من التدفقات الأجنبية المقدرة، لافتاً إلى أن واحداً من أهم عوامل الجذب للمستثمرين في هذا السوق هو الدخول فيه قبل وصول الحشود الكبيرة.ولفت تقرير «بلومبرغ» إلى أن هذا الاهتمام من قبل المستثمرين في الأسواق ما دون الناشئة من الممكن أن يؤدي إلى نمو كبير مع ازدهار الاقتصاد، وتطور البنية التحتية المالية، مشيراً إلى ما شهده مؤشر الأسهم الرئيسي في باكستان من نمو بمعدل سنوي يزيد على 25 في المئة بالدولار خلال 8 سنوات حتى نهاية عام 2016، وذلك قبل بعد وقت قصير من ترقيته إلى سوق ناشئة.وتطرق التقرير للحالة التي تميّزت بها بعض الأسواق من تقديم مكافآت سخية للمستثمرين على المدى الطويل، ففي فيتنام ارتفع المؤشر المرجعي بمتوسط سنوي بواقع 9.8 في المئة خلال 2018 بالعملة المحلية، مقارنة بالقفزات التي حققها في 2017 بواقع 48 في المئة، والتراجع بواقع 27 في المئة في 2011.ونوه إلى أن هذا يؤكد الطبيعة المميزة للأسواق ما دون الناشئة وزيادة حساسيتها تجاه الشؤون المحلية، لافتاً إيضاً إلى انخفاض المؤشر الرئيسي لسريلانكا بنسبة 10 في المئة حيث أعقبت الأزمة السياسية في أكتوبر هجمات إرهابية في أبريل.ولفت التقرير إلى أن الصورة التي يمكن التقاطها للأسواق ما دون الناشئة كمجموعة، لا تكشف عن واقع وردي بشكل كامل.من جانب آخر، أشار التقرير إلى تميّز الأسواق ما دون الناشئة بكونها أقل عرضة للصدمات الخارجية، الأمر الذي يمكنها أن تكون ملاذاً آمناً لمواجهة موجة الاضطراب في السوق، كما أن هذه الأسواق أقل ارتباطاً ببقية أسواق العالم بسبب روابطها المالية المحدودة، كما أنها أقل ارتباطاً مع بعضها البعض بسبب تنوعها الجغرافي.وأضاف أنه في حين أن الدول التي تصنف ضمن هذه الأسواق قد تواجه تقلباً كبيراً، إذ إن العلاقة الضعيفة تجعل سلة الأسهم الحدودية تدور بشكل أقل، ومع ذلك فإن هذه الأسواق كما هو الحال في الأسواق الناشئة من المرجح أن تتحمل وطأة أي عمليات بيع عالمية منسقة، ومثال على ذلك ما شهدته من فقدان لكلتا الفئتين من الأصول نحو 50 في المئة من قيمتها في عام 2008.وأشار التقرير إلى أن الأسواق ما دون الناشئة تعتبر فئة أصول محفوفة بالمخاطر، حيث يمكن حبس الاستثمارات إما بسبب العجز عن سداد الديون أو انهيار العملة أو ضوابط رأس المال، كما أن هناك أيضاً خطراً يتعلق بالتضخم المفرط في بعض الأسواق. من جانب آخر، أوضح التقرير أن ترقية هذه الأسواق إلى الأسواق الناشئة قد لا يمثل بالضرورة تحقيق حلم لهذه الأسواق، ففي الوقت الذي تسهم فيه الترقية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الجهود التي تبذلها الدولة لفتح قطاعها المالي، في المقابل قد تضيع الأسواق ما دون الناشئة التي كانت ذات يوم سمكة كبيرة في بركة صغيرة في محيط الأسواق الناشئة، وفي هذا الاتجاه تبرز تجربة باكستان التي فشلت في جذب تدفقات استثمارية كبيرة بعد ترقيتها إلى سوق ناشئة في عام 2017، كما شهدت أسوأ عمليات بيع خارجية منذ الأزمة المالية في عام 2008.من ناحية أخرى، لفت التقرير إلى حالة متزايدة من تقلص في فئة الأسواق ما دون الناشئة، لاسيما مع خروج المزيد منها لتصبح أسواقاً ناشئة، ففي السنوات الخمس الماضية، تمت ترقية بعض فئات الأصول العملاقة، بما في ذلك قطر، والإمارات، وباكستان، ومن المقرر أيضاً دخول الأرجنتين أواخر هذا الشهر. الترقية بحلول يونيو توقع التقرير أن تحصل الكويت على الترقية إلى هذا السوق في يونيو المقبل، وهي التي تستحوذ الآن على ربع مؤشر «MSCI» للأسواق ما دون الناشئة.ولفت التقرير إلى أنه نتيجة لهذا الخروج، تم استبدال هذه الأوزان الثقيلة في الأسواق ما دون الناشئة بدول أصغر لا يمكنها تعويض الخسارة في القيمة السوقية، وعلى الرغم من أن عالم الأسواق ما دون الناشئة قد فقد جزءاً كبيراً من حجمه، فإن أصغر البلدان تستفيد من هذه الحالة، مع التحول القسري للصناديق لتنويع مخصصاتها.

مشاركة :