«عاصفة الحزم» تغير قواعد المعادلة الإقليمية | وائل مرزا

  • 3/29/2015
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

من الصعوبة بمكان الاعتقاد بأن الوضع العربي سيكون بعد (عاصفة الحزم) كما كان عليه من قبلها. بهذا المعنى، لن تُصبح العملية، بدلالاتها السياسية الإقليمية والدولية، نقلةً استراتيجية فقط في المعادلات الخاصة بالمنطقة، بل وستبقى عنصراً رئيساً يجب أن يؤخذ بجديةٍ بالغة في كل مايتعلق بتلك الحسابات من الآن فصاعداً. فبقراءةٍ شمولية، ثمة رسائل استثنائية تكمن في العملية المذكورة.. من تلك الرسائل: أولاً. وجود الإرادة الحازمة على اتخاذ أقوى القرارات، ذاتياً، حين تتطلب المصلحة العربية ذلك. إذ لم يبقَ الآن مجالٌ للانتظار والترقب لـ (وعود) تحقيق تلك المصلحة بناءً على ماقد (يتبقى) لها من (فكةٍ وصرف) في حسابات ودهاليز معادلات السياسة الدولية المتعلقة بالمنطقة . ثانياً. توافرُ رؤيةٍ ترفعُ أفق وفلسفة ومستوى الفكر السياسي في المنطقة العربية إلى مستوىً آخر يتناسب مع الأخطار التي تتهددها. بمعنى، لم يعد هناك مجالٌ لمحاصرة النفس في ثنائيات موهومة توحي بحتمية واقع الاستقطاب والمحاور والصراعات مَنطقاً للسياسة، وكل ماينتج عنها من فوضى وخلخلة في الأمن القومي. ثالثاً. القدرة على حشد أطراف عربية وإقليمية رئيسة على الأولويات الاستراتيجية، وإظهار إمكانية تجاوز أي خلافات حول قضايا أخرى. بحيث لم يعد بعد الآن ممكناً السكوت على الفوضى في ترتيب الأولويات. وبدلاً من ذلك، يمكن بالسياسة الخلاقة التعاملُ مع الأولويات جميعاً، وُفق جدولٍ دقيق، وبمعادلات محسوبة، تَضمنُ توازناتها السعودية كقوةٍ إقليمية تُبادر للقرار والفعل، مع إصرارها على مشاركة الجميع، في صناعة القرار وتنفيذه. المؤشرات كثيرةٌ ومعبرة، مثلاً، حين يقول رئيس تحرير صحيفة (العرب) القطرية على قناة الجزيرة : "الرياض الآن عاصمة صناعة القرار العربي". وحين تُشجع العملية الرئيس التركي أردوغان على انتقادٍ علني غير مسبوق لأنشطة إيران في اليمن والمنطقة، ويدعوها لسحب قواتها من اليمن وسوريا والعراق، مع إبداء تأييده ودعمه للسعودية وللحملة. رابعاً. القدرة على تنزيل الرؤية السابقة بكل عناصرها في إطارٍ من التخطيط الاستراتيجي السياسي والعسكري والدبلوماسي والإعلامي. فرغم أن (عاصفة الحزم) بدأت فجأةً، إلا أن من الطبيعي أن التخطيط لها بدأ منذ أسابيع. وهذه سِمةٌ أخرى لاتلغي، فقط، ماكان شائعاً من قدرة العرب على الكلام وعدم قدرتهم على الفعل، وإنما تَعكسُ تلك القاعدة حين تُظهر كلاماً قليلاً دون شعارات ينتج عنه فعلٌ استراتيجيٌ كبيرٌ . بهذه الرؤية السياسية المُحكمة، وَصلت الرسائل، وستصلُ بشكلٍ مضطرد إلى أصحاب العلاقة. أولاً، وقبل كل شيء، إلى إيران، التي يبدو أن غرور قوتها و(انتفاشَهُ) في المرحلة السابقة كان عائداً إلى ضبابية الرؤية، وإلى اعتقادها باستحالة قدرة العرب، على الوصول إليها، بلهَ تنفيذها عملياً. من هنا، كانت استراتيجيتها الرئيسة تتمثل في اللعب على التناقضات والدخول من شقوق الخلخلة وتعميق الفوضى العربية واستغلالها. لهذا، بَدت، مصابةً بدرجةٍ من الذهول من اليوم الأول للحملة العسكرية. وانحسرت الحملات العنترية لها، إلى ردود أفعال تنحصر بين بيانات التهدئة وتهديدات تقليدية. ثم إن الرسالة وصلت إلى القوى الدولية ، والتي يبدو أنها فهمت (الاختراقات) الإيرانية على أنها، دليلُ قوةٍ إقليمية حقيقية لإيران، و علامةٌ نهائية على خروج العرب من اللعبة، على أساس فقدانهم الكامل للقدرة على المبادرة. ويبدو هذا واضحاً في شيء من الارتباك المبكر لمواقف تلك القوى التي يبدو أنها أصيبت أيضاً بالمفاجأة بالموقف العملي الحاسم والحازم، قبل أن تتدارك الأمر وتستوعب تدريجياً طبيعة مايجري وتتصرف بناءً على ذلك. (عاصفة الحزم) تُغير قواعد المعادلة الإقليمية فعلاً. waelmerza@hotmail.com

مشاركة :