«عاصفة الحزم» من التكتيك إلى الإستراتيجية | وائل مرزا

  • 4/5/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أكثر من عشرة أيام على انطلاق (عاصفة الحزم) كعمليةٍ عسكرية شاملة تهدف إلى إنقاذ اليمن من التفكك، ودعم الشرعية فيها، آن الأوان للحديث عنها بمقاربةٍ أخرى نعتقد أنها في غاية الحساسية. فمن المؤكد أن العالم عاش في القرن الماضي، على الأقل، تجارب مشابهة لهذا الحدث لأسباب مختلفة. لسنا هنا في معرض الحديث عن الأسباب وإنما النتائج. فقد تراوحت نتائج تلك التجارب بين ثلاثة احتمالات: فإما أنها حققت الهدف المباشر المُراد منها دون زيادة أو نقصان، أو أنها طَالَت لأمدٍ غير مرغوب بشكلٍ بات يحمل شيئًا من العبء والاستنزاف، أو أنها أصبحت نواة منظومةٍ إقليمية، وأحيانًا عالمية، جديدة على المستوى الإستراتيجي. ثمة احتمالٌ قوي أن مَن خطط لـ(العاصفة) أخذ هذه الاحتمالات بعين الاعتبار. والمؤشرات قوية على إرادةٍ للوصول إلى تحقيق النتيجة الثالثة. لكن هذا لا يتضارب مع شرح المسألة تفصيليًا ليُدرك القارئ الدلالات بعيدة المدى، ولا يسقط في فخ انتظار نتائج سحرية سريعة. والأهم ألا يقع فريسةً لآلة الدعاية الإعلامية للحوثيين ومَن وراءهم، من خلال البحث عن (انتصارات إعلامية) لها أثرها النفسي، ومن ثم العملي، على الجميع سلبًا وإيجابًا. هذا أمرٌ في غاية الأهمية لأن هناك زخمًا شعبيًا عربيًا متزايدًا، على المستويات النفسية والفكرية والعملية، ينتظر ويترقب بلهفة، في اللاوعي نقلةً إستراتيجيةً كبرى تترتب على (العاصفة).. وخطورةُ هذا العامل تتمثل بدورها في أن هذا الزخم سيكون هو (الحاملة) الجماهيرية الكبرى المطلوبة للترتيبات المقبلة التي تهدف لـ(تصحيح) أوضاع المنطقة تدريجيًا. من هنا، ينبغي، وضعُ الإنسان العربي في صورة الحدث. فضلًا عن تأكيد العناصر المطلوبة لانتقال (عاصفة الحزم) من كونها تكتيكًا عسكريًا محدد الأهداف، إلى أن تُصبح (نواة) المنظومة الإقليمية الجديدة التي تعيد تغليب المصلحة العربية. فعلى الصعيد الداخلي في اليمن، تمتد دائرة العمل المطلوب لتشمل تنظيم صفوف الشرعية السياسية والعسكرية بكل أنواعها، وبحيث يتم، وفق جدولٍ زمنيٍ محدد، إضعاف قوة الحوثيين العسكرية، وكسر تحالفاتهم، وإيقاف كل سبل إمدادهم، وهزيمتهم في الحرب الإعلامية النفسية، وصولًا إلى محاصرتهم بحيث يدركون، أن خيارهم البديل للإلغاء الكامل، في حال إصرارهم على ممارساتهم المرفوضة، ينحصر في القبول النهائي والموثق للحل السياسي الذي يُبقي لهم دورًا يقتصر على تمثيل حجمهم كجزء من اليمن. أما على الصعيد الإقليمي، فمن الواضح باستقراء الأحداث أن القيادة السعودية تُمارس درجةً عالية من الحكمة وضبط النفس تجاه قرارات وتصرفات غير مدروسة قصيرة المدى في حساباتها. لكن أهمية الموضوع تدفع المعنيين فيها على إرسال رسائل غير مباشرة، تتعلق بأهمية (ضبط) الصف الإقليمي وانسجام مواقفه، لأن هذا يحقق مصالح الجميع استراتيجيًا على المدى المتوسط والبعيد، والتي ستتأثر حالَ الإصرار على الحسابات القصيرة. أخيرًا، وعلى الصعيد الدولي، تبدو لحظة (عاصفة الحزم) تاريخيةً. إذ تتزامن مع الحديث المتصاعد عن اتفاقٍ مع إيران. إلا أن من الواضح أنه يبقى استمرارًا لـ(قرارٍ) من بعض القوى الدولية باعتمادها (الشريك) الأساسي في المنطقة، بما يبدو أنها قدمته من ضمانات لمقومات شراكتها، من تدفق النفط لحفظ أمن إسرائيل. مرورًا، وهذا الأهم حضاريًا، بضمان تمزيق المنطقة سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا. وذلك بناء على ماذكرنا سابقًا أنه قناعةٌ من تلك القوى بأن "(الاختراقات) الإيرانية دليلُ قوةٍ إقليمية حقيقية لها، وعلى أنها علامةٌ نهائية على خروج العرب من اللعبة، على أساس فقدانهم الكامل للقدرة على المبادرة". لا مفر من أن تصبح (عاصفة الحزم) نواة منظومةٍ إقليمية جديدة. والمؤشرات تدل على أن أصحاب العلاقة يعملون لتحقيق ذلك. waelmerza@hotmail.com

مشاركة :